مع اقتراب فصل الشتاء وندرة المازوت، نمت تجارة الحطب مع بحث بعض السوريين عن وسائل تدفئة بديلة قبل حلول الأشهر الباردة، وخوفا من تكرار الوضع الذي كان سائدا في العام الماضي، حيث كانت معظم العائلات تعتمد على وعود لتوفير المازوت ولكنها لم تتلقَ الدفعة الثانية، مما أدى إلى ظهور مافيات جديدة، فبات بعض تجار الحطب يشهرون السلاح بوجه عناصر الضابطة الحراجية.

المازوت غير متوفر

على الرغم من الادعاءات في العام الماضي بأن سبب عدم توزيع المازوت للعائلات هو قلة الإمدادات، إلا أن وزارة النفط والثروة المعدنية، أكدت أنه حتى اليوم لا توجد معلومات عن موعد البدء بالتسجيل لوقود التدفئة هذا العام.

وبالتالي، فقد كانت الخطوة الأولية لبعض العائلات شراء وتخزين الحطب، لأن الطن منه بات يكلف نحو مليون ليرة في دمشق، في حين أن الطن يكلف ما بين 300 ألف، و500 ألف ليرة، في المحافظات التي تكثر فيها الأحراج مثل منطقة حماة.

وفي هذا الإطار، قال عبد الرزاق حبش، أمين سر جمعية حماية المستهلك، في تصريحات لصحيفة “الوطن”، اليوم الأحد، إن عدم توفّر مادة المازوت خلال العام الماضي كان درسا للمواطنين، لأن عدم التزام وزارة النفط بتوزيع مادة المازوت أدى إلى زيادة ملحوظة في نسبة أمراض الشتاء، مما سبب لهم الخوف اليوم. ولتجنب تكرار ما حدث، لجأ المواطنون إلى بدائل مثل شراء الحطب، أو إخفاء الورق المقوى والمواد البلاستيكية المضرة بالبيئة التي جُمعت من الشوارع والأزقة.

وتابع: “طن الحطب يكلف ما بين مليون ومئتي ألف ليرة في دمشق حسب جودة الحطب، مع العلم أن العائلة تحتاج إلى كميات كبيرة للتدفئة وفق برودة المنطقة، مع إضافة أعباء إضافية لتأمين المال لشراء هذه المادة، علما أن فصل الشتاء لم يبدأ بعد، لكن خوفا من فقدان الحطب في الأسواق يلجأ بعض المواطنين لخزنه في ظروف غير صحية”.

مافيا الحطب

رغم تحديد السعر الرسمي للطن الواحد من الحطب بـ 300 ألف ليرة، إلا أن وزارة الزراعة غير قادرة على تأمين الكميات التي يحتاجها المواطن نتيجة لفقدان مادة المازوت، لذا يرى حبش، أنه من الضروري إيجاد سبل لتأمين مادة المازوت عن طريق توزيع الحصص على العوائل لتغطية جزء من الحاجة.

من جهته، لم يشكك الدكتور، علي ثابت، مستشار وزير الزراعة لشؤون الغابات، حقيقة عمليات قطع الأشجار في العديد من المحافظات، مشيرا إلى استمرارها طيلة فصل الصيف رغم تعميم وزارة الزراعة بحظر نقل قطع الحطب وتجارته.

وتابع: “وكل من يكتشف قيامه بأنشطة لحطب الوقود يسجن دون تأخير إلى أن تتم محاكمته في المحكمة، ويقرر القاضي ما إذا كان سيحكم عليه بالسجن لمدة شهر، أو بالإفراج عنه في نفس اليوم”، لافتا إلى أن هؤلاء الأشخاص معظمهم تجار وليسوا أشخاصا عاديين، وغالبا ما يستخدمون أهالي القرى لتجميع الحطب ثم الشراء منهم.

وفي سياق متصل، ذكر ثابت، أن معظم عمليات تهريب الحطب بين المحافظات تتم ليلا، إذ يوجد مناطق يقوم المتعدون بسحب السلاح على عناصر الضابطة الحراجية، وتهديدها خاصة في الجنوب بمحافظات القنيطرة ودرعا والسويداء. وبسبب افتقار الشرطة إلى السلطة لإطلاق النار، يتم تشكيل فرق مشتركة للتعامل مع هذه الحالات.

وأكد ثابت، أن هنالك تهريب على الحدود السورية اللبنانية وخاصة في مدينة القصير بحمص، نظرا لوجود تداخل بين الأراضي السورية واللبنانية فيتعدى المواطنون هناك على الحراج، ويدخلون إلى الأراضي اللبنانية أحيانا، كما تم تسجيل حادثة لتعديات من الجانب اللبناني على الأراضي السورية وتواصلت وزارة الزراعة حينها مع وزير الزراعة اللبناني لضبط هذه العمليات.

بورصة للحطب

غياب تصريحات الجهات المسؤولة عن الشروع في إعطاء المواطن بدائل للوقود المنزلي، تسبب في البحث عن بدائل منها شراء الحطب للسخانات التي تعمل بالديزل، والغاز، والكهرباء، والتي ملأت أيضا صفحات التواصل الاجتماعي بأشكالها وأنواعها المستخدمة، والتي لم تعد تخدم الغرض في ظل غياب الوقود، الذي نشهده اليوم.

وبحسب تقارير محلية سابقة رصدها “الحل نت”، فإن سوق بورصة حقيقية ظهرت في سوق المدفأة المستعملة داخل سوريا، حيث تحول معظم سكان المدن من المدافئ الأساسية، إلى تلك التي تحرق الأخشاب، وأدخلوا إلى المدينة سخانات تعمل بالحطب من الريف.

ولكن ما واجهه المواطنون هذا العام، كان ارتفاع تكلفة طن الحطب، ما كبّدهم خسائر متزايدة، إذ استغل تجار الحطب الذين انتعش سوقهم خلال السنوات الأخيرة لاسيما مع هجرة الفلاح لأرضه بعد تكبّده خسائر متزايدة وتركه أشجار الحمضيات، والتفاح عرضة للتحطيب من قِبل شبكات تتجول خلال هذه الأشهر في القرى لاصطياد زبائن ممن لا حول ولا قوة.

الجدير ذكره، أن أزمة الكهرباء والوقود في سوريا تتفاقم يوما بعد يوم، دون أن تتمكن الحكومة ووزارة الكهرباء من إيجاد أي حلول، ولا يوجد سوى الوعود بالتخفيف من التقنين على الرغم من انتهاء فصل الشتاء، إلا أن الأمور لم تزدد إلا سوءا، ولذلك كان لا بد للمواطنين من البحث عن بدائل تمكّنهم من متابعة حياتهم كشراء الحطب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.