بالتزامن مع الذكرى العاشرة لاختطاف الصحفي الأميركي أوستن تايس، جرت اتصالات مباشرة بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وحكومة دمشق، خلال هذه الفترة، بحسب مصدر مطلع ومسؤول رفيع في إدارة بايدن، في محاولة لتأمين إطلاق سراح تايس.

الصحفي الأميركي، أوستن تايس، محتجز في سوريا منذ عام 2012، حين كان يؤدي مهمة صحفية. كما وتسعى الإدارة الأميركية بنشاط لإعادة أوستن تايس، إلى الولايات المتحدة.

لا تقدم حتى الآن

المصدر الرفيع في إدارة بايدن، كشفت لشبكة “سي إن إن” الأميركية، أن الإدارة الأمريكية، أجرت اتصالات مباشرة مع حكومة دمشق في محاولة للإفراج عن الصحفي، أوستن تايس.

وقال المصدر الرفيع، ذاته في تصريحات للشبكة الأميركية، نُشرت يوم أمس الجمعة، إنه “كان هناك عدد من التفاعلات المباشرة لكنها لم تسفر حتى الآن عن أي تقدم”.

وبيّن المصدر، أن التواصل المباشر مع الحكومة السورية، كان أحد السبل المتعددة التي تتبعها الإدارة في محاولة لتحرير تايس، الذي صادف الأسبوع الحالي الذكرى العاشرة لاختطافه في سوريا.

ولفت المصدر، إلى أن “الولايات المتحدة انخرطت بشكل مكثف في محاولة إعادة أوستن، للولايات المتحدة، بما في ذلك مباشرة مع المسؤولين السوريين ومن خلال أطراف ثالثة، فيما لم توافق حكومة دمشق على عقد اجتماعات رفيعة المستوى لمناقشة قضية أوستن، ولم تعترف باحتجازه”.

هذا وقد أعلن بايدن الأربعاء الماضي، أن الحكومة الأميركية تعلم “على وجه اليقين أن الحكومة السورية تحتجز تايس”، مضيفا: “خدم أوستن في سلاح مشاة البحرية الأميركية، إنه ابن وأخ وهو صحفي استقصائي سافر إلى سوريا، ليظهر للعالم الكلفة الحقيقة للحرب”.

وأضاف: “لقد طلبنا مرارا وتكرارا العمل معنا حتى نتمكن من إعادة أوستن إلى الوطن”، داعيا دمشق إلى الإفراج عنه وإعادته إلى الوطن.

وشدد بايدن، على أن تحرير وإعادة الرهائن والمحتجزين الأميركيين في كافة أنحاء العالم، هو أولوية بالنسبة لإدارته.

بدوره، طالب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الحكومة السورية، الوفاء بالتزاماته بموجب “اتفاقية فيينا” للعلاقات القنصلية، والاعتراف باحتجاز الصحفي أوستن تايس، وكل أميركي آخر محتجز في سوريا.

وتزامن تصريح بلينكن، مع بيان صادر عن البيت الأبيض طالب فيه الرئيس الأميركي جو بايدن، حكومة دمشق بالإفراج عن تايس، وذلك في ذكرى مرور عقد على اختطافه.

من جانبه أوضح، أن المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن، روجر كارستينز سيستمر في التواصل مع دمشق، بالتنسيق مع البيت الأبيض، وخلية استعادة الرهائن، للعمل على استعادته، بحسب بيان صادر عن الخارجية الأميركية الأربعاء الفائت.

التأكيد على احتجازه في دمشق

في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن الولايات المتحدة متأكدة من أن دمشق تحتجز تايس، مشيرا إلى “اتصالات على نطاق واسع” مع النظام لإطلاق سراحه.

وفي تصريحات خلال مؤتمره الصحفي اليومي، يوم أمس الجمعة، قال برايس، إن بلاده “تعرف على وجه اليقين أن تايس محتجز من قبل دمشق”، مضيفا أن الرئيس السوري بشار الأسد، لديه القدرة على إطلاق سراحه.

وحث المتحدث باسم الخارجية الأميركية، دمشق على “العمل معنا وضمان عودة أوستن تايس، وكل مواطن أميركي محتجز كرهينة في سوريا، على العودة إلى بلاده”.

وحول رده على سؤال حول اجتماعات جرت بين مسؤولين من إدارة بايدن، ودمشق قال برايس، إنه “لا يمكننا الدخول في تفاصيل التحقيق”، مشيرا إلى تصريح وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بأن واشنطن “منخرطة على نطاق واسع مع المسؤولين السوريين لإعادة أوستن إلى الوطن، لكن النظام لم يعترف أبدا باحتجازه”.

قد يهمك: “إف بي آي” تقتحم منزل ترامب.. عن ماذا تبحث؟

وساطة لبنانية

بالإضافة إلى الاتصالات المباشرة، أعلن مدير الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، في وقت سابق عن فتحه ملف تايس، خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة.

وقال إبراهيم، في حديثه لصحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، أواخر أيار/مايو الفائت، إنه أثناء زيارته إلى واشنطن ناقش مع كبار المسؤولين الأميركيين، قضية إطلاق سراح تايس.

وضمن هذا السياق، قال الصحفي اللبناني ربيع دمج، أن فتح هذا الملف من قبل اللواء عباس إبراهيم، جاء بسبب قرب إبراهيم من “حزب الله”، وبالتالي من الدائرة الحاكمة بدمشق، مشيرا إلى أن اللواء هو الوجه العسكري الدبلوماسي للحزب اللبناني.

وأضاف دمج، في حديثه السابق لـ“الحل نت“: “عباس إبراهيم لديه خبرة بالوساطات، وتدخل سابقا في العديد من القضايا، في لبنان يسعون لتقديمه على أنه الوسيط الجيد والمعتدل، ليتولى مناصب أخرى وربما ليكون رئيسا لمجلس النواب“.

وحاولت الولايات المتحدة الأميركية، خلال السنوات الماضية مرارا التقدم في المفاوضات لإطلاق سراح الصحفي، لكن تعنت دمشق ومحاولتها ابتزاز واشنطن، للحصول على امتيازات ومكاسب للنظام الحاكم، وقفت في وجه تحقيق أي تقدم في الملف.

من جانبه يرى الصحفي اللبناني آلان سركيس، أن دمشق ستحاول ابتزاز واشنطن لتحقيق مكاسب معينة، مشيرا إلى أن التقدم في المفاوضات مرتبط، بقدرة عباس إبراهيم، على القيام بدور الوسيط.

وقال سركيس، في حديثه السابق لـ“الحل نت“: “معروف أن دمشق تساوم وتتبع سياسة الابتزاز لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة لها، الوساطة انطلقت لكن ننتظر أن نرى ماذا تريد دمشق مقابل هذه الصفقة، لأنها لن تقبل بها بشكل مجاني بالتأكيد، نعرف جيدا أن اللواء، هو قريب من سوريا، ومحسوب على “حزب الله”، والخط السوري. سيماطل الجانب السوري لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، لكن لا أعتقد أن دمشق، ستحصل على أي مكاسب سياسية من هذه المماطلة أو الابتزاز“.

من هو أوستن تايس؟

يصادف الأسبوع الجاري الذكرى العاشرة لاختطاف تايس، كرهينة في سوريا، وهو صحفي وجندي سابق في قوات البحرية الأميركية، تم اعتقاله على حاجز قريب من دمشق بعد أن سافر إلى سوريا لتغطية الحرب هناك، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.

وكان تايس، مصورا صحافيا يعمل لحساب العديد من المؤسسات الإخبارية من بينها وكالة “فرانس برس” و”واشنطن بوست” و”سي بي إس” عندما اختفى بعد توقيفه عند نقطة تفتيش في دمشق يوم 14 آب/أغسطس 2012.

وظهر تايس، الذي كان يبلغ 31 عاما وقت توقيفه، معصوب العينين فيما تحتجزه مجموعة مجهولة من المسلحين في مقطع فيديو في أيلول/سبتمبر 2012، لكن لم ترد أي معلومات عنه منذ ذلك الحين.

بينما نفت دمشق، أي علاقة لها باختطافه، إذ قال نائب وزير الخارجية السوري عام 2016، فيصل المقداد حينها، إن “أوستن ليس موجودا لدى السلطات السورية، ولا توجد أدنى معلومات تتعلق به”.

وخصصت الولايات المتحدة، مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى إنقاذه، مع تكرار والديه مناشداتهما للحكومة الأميركية، لتأمين إطلاق سراحه، خاصة بعد أن أعلنت أميركا، في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أنها تعتقد أنه ما زال حيا.


قد يهمك: ⁩مساومة سياسية لدمشق مع واشنطن.. ما علاقة لبنان؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.