بالتوازي مع التوتر في العلاقات بين المملكة المغربية وتونس، تطرح التساؤلات حول ما إذا كانت هذه التوترات ستؤثر على حضور المغرب إلى القمة العربية القادمة في الجزائر، لا سيما وأن المغرب عبرت عن امتعاضها من تصرفات تونس في استقبالها قادة “البوليساريو“، وذلك في وقت يثير مراقبين التساؤلات حول مستقبل الخلافات المتجذرة بين المغرب والجزائر، أيضا بسبب “البوليساريو”.

تصاعد التوتر

التوتر بين المغرب وتونس، تصاعد مؤخرا على خلفية استقبال تونس لزعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي، وهي الجبهة التي تطالب بانفصال الصحراء المتنازع عليها عن المغرب، في حين تعتبر الرباط أن الصحراء جزء من أراضيها.

كذلك تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر، قبل أسابيع من عقد القمة العربية، بسبب دعم الجزائر لجبهة “البوليساريو“، بالسلاح والمال.

وأعلن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قبل يومين، أن موقف بلاده من هذا الاستقبال لم يتغير، وقال: إن “موقف المغرب من استقبال رئيس الدولة التونسية قيس سعيد، الجسيم وغير المقبول، لزعيم الميليشيا الانفصالية (البوليساريو)، لم يتغير“.

ومؤخرا أعلنت الجزائر عزمها، إرسال وزير العدل إلى الرباط من أجل دعوة المغرب لحضور القمة العربية المقررة في أول تشرين الثاني/نوفمبر بالجزائر، في مؤشر على رغبة جزائرية في تهدئة التوتر بين البلدين خلال اجتماعات القمة المرتقبة.

قد يهمك: هل تنهي أوروبا هيمنة الغاز الروسي بعد الخروج من الأزمة؟

الكاتب والمحلل السياسي المغربي الحسين كنون، يرى أن تصرّف تونس، كان مستفزا بما يخص استقبال زعيم “البوليسارو“، بما يخالف الاتفاقيات التي تربط المغرب وتونس، لكنه يؤكد أن المساعي موجودة لتخفيف التوتر بين الجانبين خلال الفترة المقبلة.

ويقول كنون في حديث خاص مع “الحل نت“: “تصرف تونس باستقبال زعيم البوليساريو غير لائق، ويضرب بعرض الحائط،  كل الاتفاقيات التي تربط بين المملكة المغربية وجمهورية تونس والتي تربطها اللغة والدين والنضال المشترك والتاريخ المشترك والمستقبل“.

ويضيف: “رئيس تونس لم يراعي القضية الوطنية المتعلقة بالصحراء المغربية التي عليها إجماع وطني ودولي، إذا ما تعلق الأمر بالمؤسسة الملكية، أو بالحكومة أو الشعب قاطبة، إن تعلق الأمر بالمساواة الداخلية للمملكة المغربية، ومقترح الحكم الذاتي التي تقدم به المغرب خلال 2007 إلى الأمم المتحدة، 19 قرار أممي رأى أن الحكم الذاتي حل جدي وذا مصداقية ويؤدي إلى مهادنة النزاع“.

ويشير كنون إلى أن هذا الملف، عكّر صفو العلاقات المغربية الجزائرية أيضا، وذلك “بالنظر لكون الجزائر هي التي تدعم جبهة البوليساريو بالسلاح والمال وفي مختلف المحافل الدولية للإضرار بالمصالح المغربية“.

تجاوز الخلافات؟

المحلل السياسي، يعتقد أن المغرب يراهن على مسألة تجاوز الخلافات بين الأطراف العربية خلال الفترة القادمة، وذلك خلال القمة العربية القادمة، لافتا إلى أن المغرب سيحضر بالتأكيد قمة الجزائر بعد أسابيع.

وحول ذلك يزيد بالقول: “بخصوص القمة العربية في الجزائر، فإن المغرب سيكون حاضرا انطلاقا من الدعوة الجزائرية بالتأكيد، المغرب ضد الكرسي الفارغ فهو يحضر في كل القمم العربية والدولية، وبالتالي المغرب يسعى للملمة الشمل للدول العربية، وبناء الأوطان على مختلف المستويات“.

سيناريوهات نجاح القمة

السلطات الجزائرية قررت إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية، حاملين دعوات لجميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية.

وكان لافتا أن الجزائر أوفدت وزير العدل وهو وزير سيادي للمغرب، ومع أن رمزية إيفاده لا تماثل إيفاد وزير الخارجية، ولكنه يظل تمثيلا رفيع المستوى، خاصة أنه وزير العدل الجزائري، وهو نفسه سيحمل الدعوة للسعودية والأردن، وهما دولتان عربيتان مهمتان وعلاقتهما ليست سيئة بالجزائر، وسيتوجه الوزير إلى المغرب بعد السعودية والأردن، في حين سيسلم وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود الدعوة نفسها إلى القمة لتونس وموريتانيا.

ازداد التوتر بين المغرب والجزائر، إثر عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، ضمن صفقة تضمنت اعترافا أميركيا بمغربية الصحراء وافتتاح الإمارات والبحرين لقنصلتين لهما لدى المغرب في الصحراء، إضافة لإقامة الرباط علاقات مع تل أبيب في مجالات عسكرية وأمنية.

أوقف الجزائر تصدير الغاز إلى المغرب، وأغلقت أجواء البلاد أمام الطائرات المغربية في أيلول/سبتمبر من العام 2021.

وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، قد أكد أن القمة العربية المقبلة يجب أن تنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، حسب تعبيره.

من جانبها، دعت الجزائر قبل أيام إلى استئناف “المفاوضات المباشرة” بين المغرب وجبهة “البوليساريو” لحل نزاع الصحراء الغربية. وجاءت الدعوة خلال لقاء المبعوث الأممي الخاص للصحراء ستيفان دي ميستورا، مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الاثنين، بالجزائر، حسبما ذكر بيان لوزارة الخارجية.

من المؤكد أن الدعوة الجزائرية والرد المغربي حتى الآن، مؤشر على بعض التهدئة بين الجانبين، وهي تهدئة قد تكون مرتبطة بموعد عقد القمة، ولكن من ناحية أخرى، فإن هناك تحركات أخرى إذ حدثت قد تفضي لمزيد من التهدئة، منها فتح أجواء الطيران بين البلدين، وعودة الغاز الجزائري للمغرب.

وبحسب تقرير نشره موقع “عربي بوست” فإنه: “يمكن القول إن أحد العوامل التي قد تهدئ التوترات بين المغرب والجزائر، هي أن هذه التوترات وصلت في ذروتها لمستوى بات من الخطير بالنسبة للطرفين تصعيده أكثر من ذلك؛ لأن مثل هذا التصعيد يحمل احتمال الإيذاء المتبادل مثلما حدث عندما ألمح المغرب لإمكانية دعمه لحركة انفصالية أمازيغية محظورة في الجزائر، وهو ملف إن تبادل الطرفان التلاعب به سيمثل كارثة خطيرة عليها معا في ظل حقيقة وجود مكون أمازيغي كبير في الدولتين المغاربيتين، ووجود دوائر غربية متربصة دوما بملف الأقليات في العالم العربي، وعلى رأسه الأمازيغ، وجاهزة لاستغلاله“.

قد يهمك: رئيسة وزراء جديدة لبريطانيا.. التفاصيل الكاملة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.