التوقعات زادت بشأن عودة محتملة إلى اتفاق نووي مع إيران، مع تسريب عدد قليل من الوسائل الإخبارية تفاصيل مزعومة عن مسار محتمل لإحياء اتفاق. ومع ذلك، فإن هذه التحركات الدبلوماسية على الجبهة النووية تتم على خلفية مشهد إقليمي معقّد، يتميز باتجاهات معاكسة لتصاعد التوترات الأمنية والسياسية حتى مع اتخاذ بعض الدول في المنطقة خطوات نحو خفض التصعيد مع إيران، من خلال توسيع العلاقات الدبلوماسية.

إعلان رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”، دافيد برنياع، أمس الإثنين، أن اتفاق الدول الغربية مع إيران بشأن برنامجها النووي، لا يمنح الأخيرة “الحصانة” من عمليات جهازه، مؤكدا أن الاتفاق سيعزز وجود إيران، في لبنان وسوريا، ويقود إلى تساؤلات أبرزها، هل فعلا سيكون هناك نشاط إيراني أكبر، ونفوذ داخل لبنان، وسوريا إذا ما تم تفعيل الاتفاق النووي، وما إذا كان إنجاز الاتفاق النووي، سيؤدي إلى حدوث صدام أكبر بين إيران، وإسرائيل في سوريا أو لبنان، وعليه ما هي احتمالات التصعيد إذا ما تم الاتفاق النووي الذي من الممكن أن يسمح لإيران بحرية حركة أكبر في المنطقة.

المشهد المعقد في الشرق الأوسط

إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، حاولت إبقاء المحادثات النووية الإيرانية، منفصلة عن الأمن الإقليمي والديناميكيات السياسية، وقد يساعد هذا النهج جميع الأطراف على الوصول إلى خط النهاية في اتفاق نووي متجدد على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، فإن الجهود الأخيرة المبذولة من طهران، في سوريا، ولبنان توحي باستمرار نهجها في تقويض الأمن الإقليمي، والبيئة السياسية والدبلوماسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

يقول الأكاديمي والباحث السياسي، مايكل لورو، لـ”الحل نت”، إنه إذا توصلت الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق نووي في المحادثات الجارية في فيينا، فإن الكثيرين ممن يعيشون في مناطق تحاول فيها إيران، توسيع نفوذها قلقون بشأن رفع العقوبات عنها، نظرا لقدرة التدفق النقدي المحتمل على إيران.

إيران، لا تزال تشكل تهديدا كبيرا لأي أمل في الاستقرار، وهذا الاتفاق يسمح لها بالمضي قدما في تحقيق أهدافها الإقليمية، حيث سيواصل الإيرانيون السعي إلى تقريب قواتهم التي في سوريا ولبنان بما يكفي من الحدود الإسرائيلية، لجعل الهجمات ممكنة، مما يرفع احتمال حدوث صدام أكبر بين إيران، وإسرائيل في سوريا أو لبنان.

ويعتقد الباحث في الشؤون السياسية، أن طهران، تتوقع من روسيا أن تكون أكثر فائدة في سوريا بعد توقيع الاتفاق النووي، حيث يوجد تفاهم لروسيا بالفعل مع إسرائيل يتضمن عدم تدخل روسيا في الضربات الجوية الإسرائيلية على أهداف إيرانية، وخصوصا بعد تزويدها لموسكو، بمعدات عسكرية لاستمرار غزوها لأوكرانيا.

الاستعداد للتوسع بعد الاتفاق النووي

لسنوات، استخدمت إيران الصراعات الإقليمية كورقة مساومة خلال الحوارات الدولية، وكورقة للتطلعات القومية لإحياء إمبراطورتيها. الأساس في هذه الاستراتيجية، هي الميليشيات والجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في العراق، واليمن، وسوريا، ولبنان، حيث انخرطت إيران، في حروب بالوكالة.

الآن، وبرأي لورو، ومع احتمال إبرام اتفاق نووي جديد للإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة ورفع العقوبات الأميركية عن طهران، من المرجح أن يشهد “حزب الله”، والميليشيات المدعومة من إيران، في سوريا والعراق دعم مالي كبير. في المقابل، من المؤكد بحسب الباحث السياسي، أن الميليشيات التي تم نشرها حديثا في المنطقة ستعيق تنفيذ أهداف الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة سياسة وقف التمدد الإيراني وتطبيق القرارات القانونية الدولية وخاصة قرار الأمم المتحدة رقم 2254.

ويؤكد لورو، أن مثل هذا النشاط المتزايد في سوريا يجب أن يكون مصدر قلق لصانعي السياسة الأميركيين بشكل خاص بالنظر إلى موقف سوريا الحاسم في النجاح العام للنشاط الإقليمي الإيراني. ومع تزايد السيطرة الإيرانية، ستتحول سوريا ولبنان إلى حجر الزاوية في حزام يربط إيران بثلاث دول تحت درجات متفاوتة من النفوذ الإيراني، العراق وسوريا ولبنان.

آثار تتفاقم

مع تداخل مصير سوريا ولبنان الآن بشكل وثيق، يمكن أن يوفر الاتفاق النووي مع إيران لـ”حزب الله”، فرصا لإعادة إمداد نفسه بالصواريخ الدقيقة، أو استبدال القوات المقاتلة التي فقدها في سوريا. حيث عانى الحزب مؤخرا من انخفاض حاد في الموارد المالية، نتيجة انخفاض ضغط العقوبات الأميركية على إيران، والتي حدت من نطاق أنشطة “حزب الله”، في لبنان، والميليشيات التابعة لطهران في سوريا.

المحادثات النووية لا تُشكل عامل تقييد بأي شكل من الأشكال، بل على العكس، النشاط الإرهابي آخذ في التوسع سواء على الأراضي الأميركية، أو في أوروبا، وهذا خلال المفاوضات في فيينا، هناك محاولات لإلحاق الأذى بكبار المسؤولين الأميركيين على الأراضي الأميركية

وحسب هيئة البث الإسرائيلية “مكان”، أوضح رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”، في أول خطاب علني له بمؤتمر تنظمه جامعة “رايخمان” الإسرائيلية: أنه “حتى لو تم التوقيع على اتفاق نووي، فإنه لن يمنح الإيرانيين حصانة من عمليات الموساد”.

يُشار إلى أن الأسبوع الماضي شهد زيارة برنياع، إلى الولايات المتحدة، بهدف مناقشة الموقف الإسرائيلي من الاتفاق النووي مع إيران. وقال المسؤول الإسرائيلي: “في الأسبوع الماضي، عرضتُ في الولايات المتحدة الآثار المترتبة على توقيع الاتفاقية، التي ستضخ في الخزينة الإيرانية نحو 90 مليار دولار، في العام الأول، وعشرات مليارات الدولارات الأخرى كل عام بعد ذلك، لا توجد دولة تقترب من مثل هذه الزيادة الكبيرة في ناتجها القومي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة