“كارثة بيئية” محتملة .. وإعادة إعمار سوريا قد تعيد البلاد 20 عاماً إلى الوراء !

“كارثة بيئية” محتملة .. وإعادة إعمار سوريا قد تعيد البلاد 20 عاماً إلى الوراء !

فتحي أبو سهيل – دمشق:

يتابع السوريون بحذر، التصريحات التي تتحدث عن #إعادة_اعمار مادمرته #الحرب في البلاد، وخاصة وأنها لا تأتي بأي تفاصيل مفيدة تذكر، وتقتصر على العموميات من حيث المبالغ المتوقعة وحجم الدمار الحاصل، وسط تفاوت في الرؤية بين #حكومة_النظام و #الحكومة_المؤقتة وما يراه الاقتصاديون في الخارج.

 

الأحلام تسقط في زملكا

مايهم السوريون اليوم، هو آلية اعادة ماتم تدميره بمكنة الحرب دون ذنب، وخاصة في الارياف التي خسرت بشرياً ومادياً ومعنوياً كل شيء. يقول عماد وهو متزوج حديثاً كان له منزل في #زملكا بريف #دمشق إن: “نسبة كبيرة من الشبان توجهوا نحو ريف دمشق لتأمين مستقبلهم سواء للعمل حيث كان الريف هناك عصب الاقتصاد، على الأقل لدمشق، من ناحية تواجد المصانع والورش، ومن ناحية كثافة #اليد_العاملة المنتجة”.

وأردف “عدا عن ذلك، كانت ريف دمشق ملاذاً للدمشقيين وباقي السوريين الوافدين من باقي المحافظات، لتأمين سكن بسعر معقول قرب العاصمة دمشق، وأنا من هؤلاء، حيث قمت باكساء شقة بحوالي المليون ونصف المليون، وانفقت كل ما أملك، لكن #طائرات_النظام اسقطت أحلامي وسوتها على الارض مع عدة أبنية مجاورة”.

حال عماد كحال عشرات آلاف السوريين الذين ذهبت أحلامهم وأملاكهم ومستقبلهم مع جحيم الصواريخ إلى المجهول، هم لا يرون أن الحكومة الحالية صادقة بتعويضهم أو اعادة اعمار منازلهم ومحلاتهم، لكنهم يعيشون حالياً على جزء من أمل متبقٍ قد تصنعه معجزة منتظرة في أروقة جنيف.

“مهزلة” الكشف الحسي

معتز “أبو غالب”، كانت لديه ورشة “نجارة” في #جوبر قرب دمشق، هجرها هارباً من قصف الطائرات، تاركاً خلفه “كل جنى عمره” لتحدد القنابل مصيرها، ويقول “ذهب كل ماجنيته طوال عمري في قصف لايعرف البشر من الحجر، لا أعتقد أن من دمر ماضيي وحاضري ومستقبلي، قادر على تعويضي أو سيكون فعلاً جدياً بما يقوله حول اعادة الاعمار، وهو من (عفش) مابيقي من ممتلكات منزلي في جوبر، كي يمسح تاريخي وحقي فيها”.

#النازحون إلى دمشق، بعد ان فقدوا ممتلكاتهم، وقبل مشاريع اعادة الاعمار الشاملة، طالبوا بتعويضات عن ماخسروه بناء على ما ادعته حكومة دمشق بأنها ستقوم بتعويض المتضررين، لكن بشرط أن تقوم لجنة مختصة بالكشف الحسي عن ماتمت خسارته، وهذا ماكان بحد ذاته “مهزلة” بالنسبة لأبو فخري من دوما منطقة الحجارية، والذي فقد منزله وسيارته ببرميل متفجر.

يقول أبو فخري “أي لجنة كشف حسي؟، وهل تستطيع اللجنة دخول #دوما؟، وهل سيتم تعويضي عن كل ماذهب نتيجة قصفهم؟”، ويتابع “حتى أولئك الذين عادت مناطقهم لسيطرة حكومة دمشق تفاجؤوا بالمبلغ الهزيل الذي قدم لهم، ومنهم من لم يحصل على شيء وأعاد بناء كل ماهدموه على نفقته الخاصة.

و شكلت الحكومات المتلاحقة في دمشق عدداً كبيراً من اللجان المختصة مهمتها التعويض، بدأت بلجان تعويض، وتحولت فيما بعد إلى #لجنة_إعادة_الأعمار، وهذه اللجان انبثق عنها لجاناً فرعية ولجاناً تابعة للجان الفرعية. كل هذا جعل من السوريين النازحين يغرقون في دوامة معركة بيروقراطي، يضاف إليها حالة الوساطة والمحسوبية وتكاليف الرشوة في موضوع التقدير الحسي للأضرار في أغلب المناطق، وكذلك الأمر في ضبوط الشرطة التي قد تضيف مبالغ أو تنقص أخرى بناء على الدفع.

10 سنوات ترميم و5 سنوات تعويضاً للعمالة

عموماً، يقدر رئيس #مجموعة_عمل_اقتصاد سوريا د.أسامة قاضي في حديث لموقع #الحل_السوري، إعادة الإعمار بما لا يقل عن 300 مليار #دولار لترميم البنى التحتية وإعادة إعمار البيوت المهدمة، وإصلاح شبكات الكهرباء والماء، وكذلك إصلاح المتضرر من آبار #النفط وأنابيب النقل، إضافة للطرقات التي دمرها القصف وكذلك من جراء مرور المجنزرات عليها.

عملية اعادة الاعمار قد تطول إلى حد العشر سنوات على حد تعبير قاضي الذي قال: “أعتقد أنه لو دخلنا بشراكات حقيقية مع شركات سورية وعربية وعالمية يمكننا إعادة إعمار #سوريا اقتصادياً خلال 10 سنوات دون الدخول في فخ الاستدانة المرهق للاقتصاد الوطني، شريطة أن تكون حكومة سوريا الانتقالية حكومة تكنوقراط مهنية بحتة غير خاضعة لأي محاصصات”.

لكن تعمير ماهدمته الحرب سيكون صعباً للغاية، وخاصة بعد أن خسرت سوريا خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من ثلث العمالة السورية التي كانت تقدر بحوالي 5.8 مليون نسمة، مابين نازح ولاجئ، ومابين منخرط في الحراك الثوري أو مع جيش النظام، إضافة إلى الجرحى والمصابين والمعاقين من جراء القصف والتنكيل بالسوريين”، وفقاً لقاضي الذي أضاف “هذه خسارة فادحة تشبه خسارة #ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد تحتاج سوريا لخمسة سنوات على الأقل لتعويض ماخسرته من عمالة وذلك عبر برامج لتأهيل العمالة السورية المتبقية، وتحفيز العمالة النازحة واللاجئة للعودة للوطن بعد التأكد من توفر الحد الأدنى من الأمن حرصا على حياة تلك العمالة”.

70% دمار

واقع حال تدمير معظم أرياف سوريا وخاصة ريفي #حلب ودمشق “كارثي” بكل معنى الكلمة، ويعتقد قاضي أن “الدمار طال أكثر من 70 بالمائة من قرى حلب البالغة 1476 قرية، وكذلك نفس نسبة الدمار بالنسبة ل 215 قرية في ريف دمشق وهذا سيؤثر على مستقبل سوريا الزراعي بشكل سلبي جدا، خاصة بالنسبة للأتربة التي اختلطت بكل المواد الكيميائية المكونة للصواريخ والديناميت والمواد السامة التي رميت على تلك الأرياف، حيث تشكل الأتربة الحمراء والبنية من ريف دمشق حوالي 744 ألف هكتار ، و أكثر من مليون هكتار في حلب (1080) معظمها تعرض لتلوث بيئي سيؤثر حتماً على قابلية تلك الأتربة للزراعة وربما على نوعية الثمار التي شربت تربتها كل تلك المواد السامة المنعثة من المواد المتفجرة”.

القاضي وغيره من المختصين، حذروا من “كارثة بيئية غير متوقعة”، قد تكون إحدى الصعوبات التي ستواجهها أي حكومة انتقالية قادمة، مايتطلب البحث بشكل سريع عن حلول لمعالجة كل الأتربة في الأراضي التي تعرضت للقصف، وفحص كل أنواع الثمار قبل وصولها للمستهلك “وهي مهمة شاقة جداً”، بحسب القاضي.

ولا شك أن أغلب كلف إعادة الإعمار ستذهب لإصلاح البنى التحتية وإعادة تشغيل شبكات الكهرباء والماء والطرقات والتكلفة الأكبر هي الإسكان، وإعادة إعمار المشافي والمدارس ودور العبادة في المناطق التي تعرضت للقصف من مثل ريف دمشق و #حمص وريفها وحلب وريفها وكذلك #ادلب و #الرقة وغيرها من المناطق والنواحي السورية التي نالها الضرر، وهذا ما أكده القاضي، لكن أحد المحللين الاقتصاديين المقربين من دوائر النظام، أكد لموقع ” #الحل_السوري ” أن “واقع الفساد المستشري والذي أصبح سمة طاغية على العمل الحكومي سواء كانت حكومة تابعة للنظام أو  انتقالية، اضافة إلى ضعف الموارد السورية، قد تجعل من اعادة الاعمار بالكلف المتوقعة عبارة عن اعادة سورية إلى ماقبل 10 سنوات من الآن وليس تطويرها، وخاصة أن تلك المبالغ لا تشمل سوى الاصلاح والترميم أي أن الخدمة التي ستقدمها المرافق المرممة والتي خضعت للاصلاح ستكون ضعيفة”.

20 سنة للوارء

وأضاف في حديث لموقع #الحل_السوري “ان أردنا تطوير سوريا بالتزامن مع #اعادة_الاعمار، الـ300 مليار التي قدرها السيد قاضي، أو الـ200 مليار التي قدرها الأسد، لن تكفي، بل سيكون المبلغ تافهاً وسخيفاً، فالعودة بسوريا في بناها التحتية والعمرانية إلى قبل 10 سنوات من الحرب بعد مرور 10 سنوات إلى الامام لاتمام العملية، يعني العودة بحضارة سورية 20 سنة إلى الوراء، لأننا نكون قد تخلفنا كثيراً عن الركب”.

حوالي نصف كلفة اعادة الإعمار التي قدرها القاضي بـ300 مليار دولار، ستذهب على حد تقديره إلى مناطق ريف دمشق وحلب التي “نالها قصف وتدمير خيالي”، لكن الأمر يحتاج لإحصاء دقيق غير متوفر حالياً، لذلك طالب “الحكومة الانتقالية أن تقوم بتأهيل #المكتب_المركزي_للإحصاء بمعايير عالمية وتوظيف ألوف الكوادر المؤهلة، لأنه لايمكن التخطيط الدقيق دون إحصاء مهني عال المستوىن وقد قدمت مجموعة عمل اقتصاد سوريا بحثاً متخصصا كواحد من 14 أربعة عشر تقريراً تحت عنوان”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة