سارة العمر –  دمشق:

لا يكاد يخلو شارع في مدينة أو قرية #سوريا اليوم، من محلات بيع الألبسة المستعملة “البالة”، وعلى الرغم من أن تجارة البالة أو الملابس المستعملة ليست حديثة في سوريا، لكنها لاقت إقبالاً وازدهاراً كبيراً في السنوات الخمس الفائتة نظراً لغلاء أسعار #الألبسة محلية الصنع، وانخفاض جودتها إضافة لانخفاض قيمة #الليرة السورية مع ضعف الوضع المعيشي والاقتصادي لمعظم السوريين، ووضع النزوح واللجوء المستمر لآلاف السوريين وحاجتهم الماسة لملابس تقيهم برد الشتاء وحر الصيف.

ولم تعد البالة حكراً على الفقراء من السوريين بل أصبحت تجتذب الأغنياء ممن يبحثون عن الأناقة والجودة العالية للملابس.

جيدة ورخيصة

تجد زهراء محمود طالبة جامعية من مدينة #حلب، ضالتها في محلات البالة، لذا تواظب على زيارتها والشراء منها، منذ أكثر من سنة. لأنها تجد فيها ملابساً جيدة، وبأسعار مقبولة مقارنة مع أسعار الملابس المحلية الصنع.

تقول: “أستطيع أن أشتري ملابس سورية الصنع ولكنها على الرغم من أسعارها المرتفعة ليست بالجودة الجيدة، اشتريت السنة الماضية حذاءً بـ 10 آلاف ليرة تمزق بعد شرائه بشهرين، في حين أن الحذاء من #البالة سعره رخيص وجودته عالية”.

وتضيف:” تختلف محلات البالة وتختلف بضائعها، فهناك محلات تعرض بضائعها على بسطات وبأسعار زهيدة، وهناك محلات تكون بضائعها مرتبة ومعلقة ومكوية، وبالطبع تكون أسعارها أغلى من السابقة، لكل محل من تلك المحلات زبائنه، أنا أفضل القطعة النظيفة وإن كانت أغلى بقليل”.

بالنسبة لأم عمر وهي والدة لستة أطفال، فمحلات البالة ملاذها الوحيد لتستطيع شراء الملابس لجميع أطفالها، في الوقت الذي لا تستطيع مجاراة ارتفاع أسعار الملابس الجديدة.

تقول: “أبحث عن ملابس تناسب أطفالي، فالأسعار معقولة. بنطال الجينز في محلات البالة الرخيصة يبلغ 900 #ليرة في حين يبلغ سعر البنطال الجديد 1500 ليرة “.

أما علا فهي لا تفضل فكرة شراء #الملابس_المستعملة وتفضل شراء الملابس الجديدة وإن كانت غالية الثمن، تقول:” لا أتقبل فكرة ان أرتدي ملابس قديمة قد ارتداها أحد غيري أفضل أن أبحث في السوق عن ملابس رخيصة الثمن ومحلية الصنع”.

نصائح للشراء

بعد أكثر من ٣ سنوات من التدهور الاقتصادي، ازدهرت تجارة الألبسة المستعملة في الأسواق السورية، وباتت منافساً حقيقياً لمحلات الالبسة الجديدة.

تقول سعاد وهي معلمة أن “الكثير من محلات البالة تقارب أسعار بضائعها أسعار الملابس الجديدة، لكن الشراء من البالة يحتاج لخبرة، فهناك محال تعرض ملابس جديدة هي عبارة عن تصافي محلات أوروبية وبأسعار معقولة، ويوجد محال تبيع بأسعار رخيصة ولكن بضائعها قديمة وبالية “.

وتضيف:” من يريد أن يشتري شيئاً جيداً عليه أن يداوم على زيارة المحلات، فالباعة يحضرون بضائع جديدة كل فترة تحتوي تشكيلة واسعة من الموديلات والأنواع”.

وتؤكد أنه على الشخص الذي يشتري من البالة أن ينتبه لعدة أمور “أهمها معرفة مواعيد إحضار البضائع الجديدة، وفحص الملابس جيداً قبل شرائها تجنباً لاحتوائها على عيب ما، ومجادلة البائع في السعر فأغلب الباعة يمكن تخفيض سعر بضائعهم للنصف بعد المجادلة”.

أما هلا فتنصح بعدم إظهار التمسك بالقطعة أمام البائع، وعدم التسرع في الشراء، والبحث جيداً بين أكوام الملابس لانتقاء أفضلها”، كما تنصح “بعدم شراء الكثير من القطع في زيارة واحدة انما شراؤها على دفعات كون البضائع تتجدد بشكل شبه أسبوعي”.

مستوردة أو مسروقة؟

يقول أبو محمد وهو أحد تجار البالة في حلب “تصل معظم ملابس البالة إلى سورية بطرق غير شرعية ” #تهريب” من #لبنان و #الأردن و #الامارات، فالحكومة السورية لم تسمح باستيرادها بشكل نظامي. ليقوم أصحاب المحال بشرائها من الموردين بالوزن فكل نوع من الملابس يباع الكيلو منه بتسعيرة مختلفة والصنف الأول والثاني يختلف سعر الكيلو فيهما عن باقي الأصناف التي تعد أقل جودة”.

ويؤكد أن الفكرة الشائعة بين بعض الناس عن كون الملابس التي تباع في محال البالة مسروقة من المنازل المدمرة غير صحيحة، “فموديلات وماركات ملابس وأحذية البالة تختلف عن بضائعنا، ويستطيع المشتري أن يتأكد من ماركة الملابس قبل أن يقوم بشرائها”.

هل حقاً تسبب الأمراض؟

تقوم العديد من محلات البالة بغسل الملابس المستوردة قبل عرضها في المحلات، كما أنها تكون مغسولة ومعالجة مسبقاً من قبل المصدرين لها، ولكن ذلك غير كافي وفقاً للدكتور مازن العبد الله وهو طبيب مختص في الأمراض الجلدية.

يؤكد الطبيب أنه يمكن لبعض الجراثيم والفطور أن تنتقل للمستهلك عند شراء الملابس المستعملة وخاصة الملابس الداخلية والأحذية وأنه من الضروري غسل الملابس وتعريضها للشمس قبل ارتدائها ويفضل تجنب شراء الملابس من محلات البالة العشوائية وغير الموثوقة.

ويضيف أن “الاعتقادات الشائعة عن تسببها بأمراض خطيرة ليست دقيقة، وأنه بالإمكان تجنب احتمال العدوى من الخلال اتباع شروط النظافة وغسيل الأيدي بشكل جيد بعد لمس القطع، كما يستحسن عدم تجريبها في المحال”.

إدمان

أمست ظاهرة شراء الملابس المستعملة شبه عامة، فكثير من النساء والفتيات والشباب تخلوا عن الشعور بالإحراج لشراء ملابسهم من البالة وأصبحوا يتبارون بمهاراتهم في شراء ملابس البالة وبأسعار زهيدة، وتحول الأمر عند البعض لإدمان شرائها.

ماسا من #دمشق تقول إنها باتت تنفق أكثر من المعتاد على شراء الملابس المستعملة. “لا أقاوم رغبتي في اقتناص القطع الجيدة والرخيصة، دائماً ما أعود إلى المنزل وأدرك أني اشتريت مالا يلزمني وأنفقت معظم ما أملك، وأندم. لم أجد حلاً إلا أن أحمل  مبلغاً زهيداً عند ذهابي لهذه المحال”.

وتضيف أن هوس شراء الملابس المستعملة أصاب أيضاً الكثير من صديقاتها. فكثير منهن يزرن محال البالة القريبة من الجامعة بشكل شبه يومي ويشترين حتى دون حاجة، وهن مفتونين بسعرها الرخيص.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة