” بين اتهامات التجار وتبريرات الحكومة“.. الثوم بـ12 ألف والبطيخ منتشر في الأسواق

في ظل تخبط قرارات الحكومة السورية المتعلقة بأسعار السلع والمواد الغذائية، تشهد الأسواق السورية حالة من الفوضى في أسعار العديد من المواد، فبعد قرار السماح بتصدير مادة الثوم إلى خارج البلاد، شهدت المادة قفزة كبيرة في أسعارها بنسبة تجاوزت مئة بالمئة، كذلك فقد أثار انتشار فاكهة البطيخ قبل أوانها مخاوف عديدة بين المستهلكين في سوريا.

ارتفاع أسعار مادة الثوم، جاء تزامنا مع دخول فترة تموين هذه المادة في سوريا، الأمر الذي أدى لعزوف معظم السوريين عن شراء كميات كبيرة بهدف “المونة” بسبب الأسعار المرتفعة، وقد اعتبرت صحيفة “البعث” المحلية أن ارتفاع أسعار الثوم في السوق لهذا الموسم  لايزال بعيداً عن أي تفسير منطقي من قبل الحكومة أو التجار.

تراشق وتبادل في الاتهامات بين الحكومة والتجار حول المسؤولية عن ارتفاع أسعار مادة الثوم، حيث تراوح سعر مادة الثوم بين 8 إلى 12 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد، بعد أن كان لا يتجاوز 5 آلاف ليرة قبل أسابيع، في وقت لم يقدم أحدٌ إجابة شافية سوى التوقعات والاتهامات.

ارتفاع غير منطقي

ارتفاع سعر مادة الثوم، بدأ مباشرة بعد قرار السماح بتصدير 5 آلاف طن من المادة، وذلك في محاولة من الحكومة، تخفيف خسائر الفلاحين الناتجة عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، وذلك بعد أن عجزت الحكومة عن تقديم أي دعم للفلاحين لمساعدتهم في تخفيف أعباء التكاليف.

قرار السماح بالتصدير، أدى إلى ظهور حالة من احتكار المادة، فكان لانخفاض معدلات عرض المادة سببا في ارتفاع أسعارها، في وقت عجزت فيه الحكومة عن معالجة أسباب الارتفاع.

رئيس مكتب التسويق والتصنيع في اتحاد الفلاحين أحمد الخلف أوضح، أن الثوم تم بيعه العام الماضي على الأرصفة بربع التكلفة، فكان التوجه للمطالبة بفتح باب التصدير لكمية 5000 طن لإحداث توازن سعري بالسوق، وضمان حقوق الفلاح واستمراره بزراعة هذا الصنف، إلا أن الأمر انعكس بشكل سلبي على السوق، وبالتالي إلى ارتفاع كبير بالأسعار من قبل التجار دون مبرر منطقي، خاصة وأن التصدير لم يبدأ بعد.

وبيّن الخلف أن الفلاح يبيع الثوم بـ 2500 إلى 3000 ليرة بأرضه، لذلك اعتبر أن فرق السعر كله “لعبة تجار فقط”، فيما يقتصر دور الاتحاد على دراسة التكاليف، أما الأسعار فهي تخضع للعرض والطلب.

موجة استياء شهدتها الأسواق السورية نتيجة الارتفاع الإضافي في الأسعار، خاصة وأن الأهالي لم يخرجوا بعد من صدمة الارتفاع الأخيرة، حتى تأتي موجة جديدة من الارتفاعات، الأمر الذي أدى بكثير من المواطنين إلى عزوفهم عن شراء العديد من المواد الأساسية، أو تخلّيهم عن فكرة تموين بعض المواد للشتاء هذا العام.

يبدو أن موجات الغلاء التي أصابت الأسواق خلال الأيام الماضية، ستؤدي إلى تراجع الحكومة عن قرار السماح بالتصدير، حيث أكد رئيس “اتحاد غرف الزراعة السورية” محمد كشتو، أن كيلوا واحد من الثوم لم يتم تصديره رغم صدور القرار مشيرا إلى أنه لن يصدر.

قد يهمك: “المواطن لا حول له ولا قوة“.. رفع جديد للأسعار بقرار حكومي

كشتو أشار في تصريحات نقلتها الصحيفة المحلية، أن التوقعات كانت تشير فعلا إلى ارتفاع الأسعار نتيجة القرار لكن ليس بهذا الحد، متوقعا أن يعود ويستقر سعره بعد أن ينتهي الطلب الزائد عليه، كذلك أوضح أن “إنتاج الثوم هذا العام ليس قليلا لكن الناس الذين عانوا من أزمة البصل توقعوا أن يحدث الأمر ذاته مع الثوم فلجؤوا لشراء كميات كبيرة من أجل المونة”.

رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، كان قد وافق قبل أيام على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة، فتح باب تصدير مادة البطاطا، للكميات الفائضة عن حاجة السوق المحلية والمقدرة بـ 40 ألف طن،كما تضمنت التوصية السماح بتصدير مادة الثوم الأخضر لكمية 5000 طن كحد أقصى وذلك لمدة شهرين.

من جانب آخر أثار انتشار البطيخ الأخضر والأصفر في أسواق دمشق خلال الفترة الحالية تخوف شريحة من المواطنين الذين تساءلوا عن مصدره، ومدى صلاحيته للاستهلاك وفيما إذا كان يخضع للرقابة من قبل وزارة الزراعة.

نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها ماهر الأزعط، برر مخاوف الأهالي من انتشار البطيخ قبل أوانه، باعتبار أن إنتاج البطيخ الطبيعي لا يبدأ موسمه حاليا في ظل الظروف المناخية المعتدلة، مشيرا إلى أنه “جرت العادة في هذه الفترة من كل عام أن يتم استيراد البطيخ من غور الأردن لكن هذا العام لم يتم استيراد أي حبة والموجود في السوق هو إنتاج محلي”.

الأزعط أوضح في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، أن الجمعية علمت ن البطيخ الموجود في السوق يتم إضافة مادة معينة له من أجل تسريع نموه وأنهم كجمعية يتحرون صحة هذا الموضوع للتأكد إن كانت المادة التي تتم إضافتها ضارة أم لا.

ردا على تخوف المواطنين، أكد عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه في دمشق محمد العقاد أن البطيخ المطروح في السوق صالح للاستهلاك البشري باعتباره خاضع للرقابة من وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن الموجود ليس مستورد إنما محلي من إنتاج محافظة درعا.

موجات غلاء متتالية

منذ عدة أسابيع، شهدت العديد من أصناف الخضار والفواكه ارتفاعات متتالية، حيث وصل سعر  كيلو الفليفلة إلى 13 ألف ليرة سورية، كما سجلت البطاطا سعر 2500 ليرة للكيلو الواحد، بينما بلغ متوسط سعر كيلو الكوسا 5 آلاف.

بحسب تقرير لإذاعة “شام إف إم” المحلية، فقد سجّل الخيار سعر 4500 ليرة للكيلو، والزهرة 2500، في حين وصل سعر الخسة الواحدة إلى 1800 ليرة، وكيلو الملفوف 1000 ليرة، و الجزر 2000 ليرة، والبصل الأبيض 8500 ليرة، و500 ليرة لكل باقة من النعناع والبقدونس والكزبرة، و1500 ليرة للبقلة.

بالانتقال إلى أسعار الفواكه فقد سجّلت هي الأخرى ارتفاعات بنسب متفاوتة بين عشرة إلى عشرين بالمئة، حيث وصل سعر كيلو التفاح إلى 4500 ليرة سورية، والجريفون  1500 ليرة، والبوملي 3500 ليرة، والفريز أيضا التحق بالموز وارتفع سعره ووصل إلى سعر 6000 ليرة، والعوجا 4000 ليرة.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، يردُّ التجار ويبرّرون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

يبدو أن القرارات الحكومية المتعلقة بالتدخل الحكومي في الأسواق، يتم إقرارها بدون دراسة حقيقية لنتائجها وتبعاتها، أو طريقة تعاطي المعنيين معها، لذلك غالبا ما نرى نتائج سلبية للقرارات الحكومية، التي من المفترض أنها تأتي لمساعدة المزارعين والتجار والمستهلكين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات