يوسف صداقي

انتهت معركة الانتخابات النيابية اللبنانية، والتي أظهرت نتائج ظاهرها انتصار لحلف #حزب_الله، إلا أن قوى #لبنان السياسية ما زالت مستغرقة في الحسابات والمحاصصات على أمل ولادة سريعة وسلسة لحكومة بلدٍ يعيش ضغوطاً داخلية وخارجية استثنائية.

أكد رئيس الحكومة المنتهية ولايته #سعد_الحريري الاثنين ٢٢/ أيار،”أن قراراً اتخذ للإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة”، وقال “إن العقوبات المفروضة على حزب الله قد يكون لها تأثير إيجابي وإمكانية في تسريع ولادة حكومة جديدة”. لكن كيف؟!! إذا كانت ولادة حكومة في لبنان أساساً صعبة، فكيف اليوم ولبنان محاصر بنير خطوط حمراء دولية وإقليمية؟.

يطمح حزب الله والذي يدّعي انتصاراً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، للظفر بواحدة على الأقل من الحقائب العشرة الأساسية في الحكومة اللبنانية القادمة، “الخارجية، الداخلية، الدفاع، المالية، العدل، الأشغال، الصحة، الشؤون الاجتماعية، الطاقة والاقتصاد”. لكن العقوبات الدولية الأخيرة تقلص الاحتمالات أمام الحزب إلى واحدة غالباً وهي الصحة، ولعل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سوف تنحصر مشاركته في مكافحة الفساد من خلال نواب حزبه الأربعة عشر في المجلس الجديد.

انحسار أمل حزب الله يأتي بعد أن أوقعته وحلفائه العقوبات الدولية الأخيرة في زاوية يؤمن اللبنانيون اليوم أن أي من الوزارات ما أن يقترب رجال حزب الله منها سوف تصاب بحالة شلل في ظل الحصار المالي والسياسي الدولي المفروض على قيادات حزب الله السياسية منها والعسكرية. وعليه فإن التأثيرات السلبية لن تقتصر على مصداقية أداء الحزب والحكومة الجديدة بل سوف تتعدى سلبيتها لتصيب قطاعات حكومية أساسية لبنانية.

يشتد الخلاف بين التيارات اللبنانية على إحدى أهم الحقائب وهي حقيبة وزارة المالية، حيث يتفق كل من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر على رفض إعطاء حقيبة المالية للشيعة، فكل من الحريري وباسيل يدركون أن العقوبات على حزب الله سوف تؤثر على شيعة لبنان بشكل عام، وهو ما سوف يعيق وزارة يتفرع عملها ويتجذر في أغلب قطاعات الدولة، لكن من جهة أخرى يصر رئيس البرلمان المنتخب نبيه بري على أن وزارة المالية تحولت عرفياً إلى الشيعة بناء على محاضر اتفاق الطائف، مؤكداً أنه لن يتخلى عن حقيبة المالية.

زادت العقوبات المالية المفروضة من دول خليجية، والولايات المتحدة والعراق الخناق على شيعية وزارة المالية بعد أن لاح في الأفق سابقا اتفاق على إعطاء حقيبة المالية لحزب الله، سيناريو أطيح به بعد استهداف كيانات حزب الله الفردية والمؤسساتيه مما يؤكد انهيار القطاع المالي اللبناني في حال توزير حزب الله.

حملة العقوبات أعادت إلى الأذهان نوبة الفزع التي رافقت العقوبات الأمريكية العام الماضي وما رافقها من مفاوضات لبنانية في #واشنطن لإنقاذ القطاع المصرفي اللبناني. خطورة استلام حزب الله لوزارة المالية ينسحب بشكل منطقي على كل من وزارة الخارجية، الأشغال، الطاقة والاقتصاد التي تستوجب أن يكون وزراؤها قادرين على التحرك بسهولة في كل دول العالم دون استثناء وهو ما لا يقدر عليه أفراد حزب الله في الوقت الحالي، حتى يعود الحزب إلى صوابه ويلتزم العمل السياسي ضمن حدوده الوطنية.

تطفو الخلافات بين حلفاء حزب الله المنتصرين، والذين يعملون على تقاسم تَرِكةَ لم يعد لصاحب العِمة فيها نصيب.

تعقيدات تشكيل الحكومة اللبنانية القادمة لايقف عند طموحات حزب الله. حليفه التيار الوطني الحر يتمسك بأحقية بخمس حقائب “على الأقل” هي الخارجية والدفاع والطاقة والشؤون الاجتماعية والعدل. كما يُبدي التيار الوطني الحر اعتراضاً قوياً على إعطاء حقيبة الطاقة للقوات اللبنانية، ووضع شرطاً مرفوض مسبقاً لاحتفاظ القوات بوزارة الشؤون الاجتماعية​، وهو تغيير توجه القوات فيما يخص أزمة اللاجئين، الأمر الذي تعتبره القوات انتقاصاً من قوة تمثيلها النيابي بكتلة مؤلفة من خمسة عشر نائباً.

يضاف لما سبق الفيتو الدرزي “وليد جنبلاط” الذي سوف يكون جاهزاً في وجه تولية طلال أرسلان حليف الحزب منصباً وزارياً، أو أن مقايضة مكلفة سوف يطالب بها الحزب الاشتراكي ربما تكلف التيار الوطني الحر مالا يطيق خصوصاً مع دعم بري لجنبلاط. ومع إصرار حركة أمل على التمسك بوزارة المالية، مضافاً إليه ترجيح إبقاء حقيبة الداخلية في يد 14 آذار، ماذا بقي لحزب الله من الحقائب السيادية اذاً؟ وعن أي انتصار يتحدث حزب الله اليوم؟ أم أن الحزب سوف يقارع من يدعي حلفهم على الحقائب التي يريدون؟.

انتظار ولادة الحكومة القادمة سوف يوضح النتائج الحقيقية لحزمة العقوبات، وبغض النظر عن مقدار وحجم الانتصار إعلامي المشبع بصبغة شيعية، لكن المكاسب الحقيقية لن تكون لذيذة كما تصور الحزب المتمرد، فهو كما لبنان أمام مرحلة سياسية حرجة، فإما استقرار وأمن لبنان أو إرضاء ملالي قُمّ. قرارٌ يخص حزب الله ولا ينحصر به.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.