مع غليان الشارع… إلى متى سيتكتم النظام عن حقيقة أزمة المحروقات وحليب الأطفال؟

مع غليان الشارع… إلى متى سيتكتم النظام عن حقيقة أزمة المحروقات وحليب الأطفال؟

فتحي أبو سهيل

دمشق (الحل) تعيش #سوريا منذ شهر، أسوأ الأزمات التي مرت عليها من ناحية #المحروقات والكهرباء وحليب الأطفال الرضع، حتى وصفها البعض بأنها أصعب المراحل التي مرت على البلاد على مر سنوات الحرب الماضية.

وتختلف الأزمات اليوم عن سابقاتها بأن مبرراتها غير واضحة وسط ارتباك لدى حكومة النظام، حيث كان المبرر السابق عند أي أزمة عبارة “الارهاب” كشماعة يرمي عليها النظام فشله “كإرهابيين يضربون خط غاز، أو محطة توليد، أو يحتكرون مادة ما”، ما جعل الشارع هذه المرة يغلي ويصوب الانتقاد اللاذع للحكومة مطالباً بالحلول.

تضارب رسمي

ومنذ أكثر من شهر، والسوريون لا يعلمون ما هو سبب أزمة #الغاز، وسط تضارب في تصريحات حكومة النظام، بدأتها وزارة النفط بنفي وجود الأزمة من أساسها وأنها تضخ ما تحتاج البلاد، ليتبعها تصريح من نقابة عمال #النفط تتهم فيه وزارة التجارة الداخلية بعدم ضبط الأسواق، مؤكدة أن الأزمة سببها تجار السوق السوداء.

لتعود بعدها وزارة النفط وتقول إن العقوبات على سوريا وايران وروسيا أخرت وصول نواقل الغاز، وتتبعها بعدة تصريحات أخرى بأن الغاز سيتوفر خلال أيام، ثم تعود من جديد لتقول إن الأحول الجوية هي من أعاقت وصول النواقل، حتى تصل إلى تصريح أخير صدر يوم الخميس الماضي، تشير فيه إلى وجود مشكلة بالتوريد بخصوص العقود الموقعة سابقاً.

الكشف عن مشكلة عقود لأول مرة!

وأعلنت الوزارة في تصريحها الأخير “رفع انتاج اسطوانات الغاز المنزلي إلى 130 ألف اسطوانة يومياً، ما يفوق معدل الاستهلاك اليومي، وذلك بعد بدء ورود نواقل الغاز الجديدة وتجاوز تعثر العقود القديمة”، ويعتبر هذا الإعلان ليس الأول من نوعه بخصوص رفع الإنتاج، لكنه الأول من نوعه بخصوص الإشارة إلى عقود متعثرة.

ويرى الخبير الاقتصادي (زاهر أبو فاضل) أن أهم أسباب الأزمات الأخيرة هي “فشل النظام بالتوفيق بين دعوة السوريين للعودة إلى المناطق التي سيطر عليها مؤخراً، وقدرته على تأمين الخدمات والبنى التحتية”.

وتابع “هذا الشتاء الأول الذي يمر على سوريا، وقد عادت إلى سيطرة النظام الغوطة الشرقية وغيرها من مناطق أخرى كانت خارج معادلة الدعم، إضافة إلى عودة أعداد من النازحين في الدول المجاورة لأول مرة وخاصة من لبنان، وكل ذلك سبب ضغطاً على قدرات النظام بتأمين احتياجاتهم بظل وضعه #الاقتصادي المتردي وعدم قدرته على دفع المزيد من الدولارات”.

ويتابع “لا يوجد في سوريا معمل لتحويل الغاز الطبيعي إلى غاز منزلي، وهذا يعتبر مشكلة حقيقية، فمهما رفعت وزارة النفط طاقة انتاج المعامل، وأعلنت عن اكتشاف حقول غاز طبيعي، تبقى دون جدوى دون ورود الغاز المنزلي”.

أزمة الغاز ليست الأزمة الوحيدة التي عصفت بالبلاد بظل الجو البارد العاصف الحالي، والذي كان أيضاً ذريعة لحكومة النظام، بأن برودة الطقس رفعت من استهلاك الغاز بالتزامن مع انقطاع متكرر للكهرباء، علماً أن انقطاع الكهرباء مرتبط أيضاً بنقص الغاز بشكل أو بآخر.

أزمة مازوت قادمة

ومنذ أيام، برزت أزمة #المازوت إلى الواجهة، ولم تصد أي تصريحات رسمية بهذا الخصوص، لكن عدة مواطنين في دمشق أكدوا للحل أنهم حاولوا الاتصال بأرقام سادكوب الموجودة على البطاقة الذكية إلا أنها معطلة، ومنهم من ذهب للتسجيل بشكل مباشر ولم يحصل على شيء، بينما تزداد الأزمة أكثر بريف دمشق، علماً أن شركة سادكوب أكدت مراراً بأن وضع المازوت هذا العام أفضل من غيره.

أزمة كهرباء

وحتى وعود وزارة كهرباء النظام بأن يكون الشتاء الحالي أفضل من غيره، ذهب أدراج الرياح، ففي كانون الأول الماضي وفي خضم أزمة الغاز، أكدت وزارة الكهرباء أن سبب الانقطاعات المتكررة هي أعمال الصيانة التي ستنتهي مع بداية 2019، لكن مع بداية العام الجديد بدأت التبريرات تختلف، لترمي الوزارة الكرة بملعب وزارة النفط، وتقول إن سبب زيادة ساعات التقنين، هو نقص الغاز والمازوت واتجاه الأهالي للتدفئة بالكهرباء.

وقال مصدر في وزارة كهرباء النظام، إن “أزمة الكهرباء سببها الرئيسي هو عودة النظام لتغذية مناطق جديدة لم يكن يغذيها بالتيار الكهربائي سابقاً خلال تواجد المعارضة فيها، وبالتالي ترتبت عليه ضغوط جديدة ونفقات اضافية لا يستطيع تأمينها”.

أين حليب الأطفال

وكما كان النظام يخفي الأسباب الحقيقية وراء أزمة الغاز، لايزال يخفي السبب الحقيقي للأزمة الأخطر، وهي اختفاء #حليب_الأطفال من السوق، وهو ما ينفيه النظام أساساً، ويؤكد أن الأنواع المفقودة هي فقط القادمة من ايران وتحديداً من شركة نستله، ورغم نفي النظام ونقابة الصيادلة، يؤكد أكثر من صيدلي التقاه موقع (الحل)، أن حليب الأطفال اختفى من السوق بكل أنواعه منذ 3 أشهر تقريباً، وتحديداً مع ارتفاع سعر الصرف إلى 500 ليرة سورية”.

ويضيف أحد الصيادلة أنه “إلى اليوم تحصل الصيدلية الواحدة على 4 علب حليب أو أقل في الأسبوع، وهذا رقم غير منطقي وغير كافي، حيث وصل سعر علبة الحليب إلى 7000 ليرة إن توفرت”، متابعاً “أن انقطاع #الحليب سبب مشاكلاً كثيرة، فبعض الأسر بدأت تعطي أطفالها حليباً مخصصاً للكبار أو تخلط المياه مع السكر، وهذا سبب تسمماً ومشاكلاً معوية لمئات الأطفال”.

ليست العقوبات

ويؤكد الصيدلاني أن “العقوبات على ايران ليست السبب في انقطاع الحليب بحسب تصريحات النظام، دالاً على ذلك بأن العقوبات على ايران ليست بجديدة، وأن انواع نستله الأخرى غير مفقودة كحليب نيدو للكبار، ولو أن العقوبات على ايران هي السبب، لانقطع النفط نهائيا”ً.

وتستورد سوريا 90% من حاجتها النفطية من ايران بمعدل ناقلتين شهرياً كل ناقلة فيها مليون برميل، وفقاً لتصريحات وزارة النفط نهاية العام الماضي.

بعد سياسي

وكما لا يوجد في سوريا معمل لتحويل الغاز الطبيعي إلى غاز منزلي، لا يوجد معمل لحليب الأطفال أيضاً، وتبقى ايران هي المغذي الأساسي لهتين المادتين، وهذا ما دفع البعض لاتهام ايران بالضغط على النظام بهما.

أصحاب نظرية البعد السياسي للمشكلة، يرون أن سوريا تستورد الغاز والنفط وحليب الأطفال من ايران، وبهذه المستوردات حالياً توجد أزمة حقيقية، يبررها النظام بعقوبات فرضت على ايران نهاية العام الماضي، لكن الحقيقة من وجهة نظرهم أن “ايران تضغط على النظام بهذه المواد الرئيسية لضامن عدم خروجها من البلاد بعد المطالب الأمريكية والاسرائيلية وحتى الروسية”.

إعداد: فتحي أبو سهيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.