دمشق (الحل) – على الرغم من عودة بعض المهجرين إلى بلداتهم وتخفيف الضغط عن مراكز المدن، وإزالة العديد من الحواجز الأمنية، إلا أن ازدحام #الطرق وأزمة تأمين #المواصلات ما تزال تثقل كاهل السوريين مادياً، وتستنزف وقتهم، ولا تبدو هناك حلول في الأفق القريب نهائياً.

يمشي «هشام» نحو كيلو متر يومياً، ليستطيع ركوب ميكرو جرمانا كراجات. ويسكن عند ساحة الرئيس، ويضطر للمشي إلى بداية الشارع العام عند الموقف، وقد لا يستطيع الحصول على وسيلة نقل إلا بعد نصف ساعة تقريباً، وهنا تكون بداية المعاناة.

بعد وصوله إلى كراجات العباسيين، “يحارب” للحصول على سرفيس آخر إلى شارع الثورة، ومن ثم إلى حي المزة حيث مكان عمله، لأن سرافيس “سومرية كراجات قليلة جداً وتكاد تكون نادرة”، وهذه الرحلة تحتاج يومياً حوالي الساعتين وأكثر، ومثلهما العودة، أي 4 – 5 ساعات، وهو ما يعادل أكثر من نصف مدة دوامه في العمل تقريباً.

ليست المعاناة بالمواصلات من الريف إلى المدينة فقط، بل في المدينة ذاتها هناك مشكلة، فمن الصعب جداً- وقد يكون مستحيل- أن تحصل على أي سرفيس ما بين الساعة 6 ونصف صباحاً حتى 11 صباحاً، لتعود الأزمة نحو الـ11:30 وتستمر حتى السادسة مساءً، وبعد الساعة السابعة مساءً تبدأ أعداد السرافيس العاملة تقل رغم قلة عددها أساساً.

أوصال مقطّعة

“تقطع أوصال المدينة عن محيطها بعد التاسعة مساءً بشكل تام وتبقى السيارات الخاصة فقط”، يقول أحد سائقي سرافيس مزة جبل كراجات مضيفاً “حتى ضمن المدينة تنخفض المواصلات إلى 10% تقريباً”، مبرراً ذلك بأمور عدّة.

سائق السرفيس يقول، مساءً لا توجد حركة والعمل لأوقات متأخرة يعني صرف المزيد من #المازوت، و”أنا صراحة لا أريد أن أخسر كرامتي على طوابير الانتظار في محطات الوقود كل يوم”.

يبرر سائق آخر على خط ركن الدين شيخ خالد قلة السرافيس بـ”عدم وجود سائقين”، ويقول “مالكي السرافيس بداية لا يريدون تشغيل سياراتهم 24 ساعة لأسباب عدة، أهمها عدم انفاق المازوت واهلاك السيارة دون وجود ركاب لكل سفرة، فالوقوف على طابور الكازية يعني عطلة عن العمل، وإصلاح أيّ عطل في السيارة يعني خسارة مادية تساوي أسبوعيّ عمل، ثمن الصيانة زائد عطلة العمل”.

خطط فاشلة

خطط حكومة النظام لحل أزمة السير بدمشق وغيرها من المحافظات لم تفلح، فلا “الباكسي” نجحت، ولا “التاكسي سرفيس”، ولا أعداد الباصات المستوردة كافية، وهذا ما دفع السوريين إلى ابتكار بدائل، لكنها غير متاحة للجميع، وقد لا تناسب الغالبية نظراً لسعرها المرتفع بالنسبة للدخل، كالدراجات الهوائية والكهربائية.

وتبدأ أسعار الدراجات الهوائية من 25 ألف ليرة سورية للنوع الصيني، وقد تصل إلى 150 ألف ليرة للأنواع اليابانية، أما أسعار الدراجات الهوائية على البطارية فقد تبدأ من 150 ألف ليرة وتصل لنحو 250 ألف للأنواع الجيدة، وتحتاج هذه الدراجات إلى رخصة ونمرة من محافظة دمشق، وتصل كلفتها إلى 1500 ليرة سورية فقط.

ومن الحلول الأخرى التي تعتبر غير مناسبة للدخل، التاكسي الجماعي،ـ وتتراوح كلفة ركوب الشخص الواحد به ضمن خطوط معينة في دمشق بين 150 – 300 ليرة، في حين ترتفع الأجرة للراكب الواحد إلى 500 بين دمشق وبعض مناطق الريف، وتعتبر هذه التكاليف مرتفعة بالنسبة للموظفين كونها يومية.

50 باصاً فقط

ومؤخراً، وصل 50 باص جديد فقط إلى دمشق، وأكدت حكومة النظام، أنها ستقوم بتوزيعها على خطوط بحاجة دعم بباصات إضافية وخطوط غير مخدمة نهائياً، لكن الـ50 باص غير كافية لحل أزمة السير في العاصمة بحسب خبراء.

واقترح مدير شركة النقل الداخلي بدمشق (سامر حداد) العام الماضي، صرف الموظفين على دفعات لحل مشكلة الازدحام، وقال إن ‏مديريته رفعت إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة مقترح عدم صرف الموظفين في الدوائر الحكومية دفعة واحدة عند ‏الثالثة ظهراً، وصرفهم بتواتر معين وعلى دفعات عند الساعة الثانية والثانية والنصف والثالثة.‏

واقترح حداد أيضاً تخفيض المدة الزمنية لتوقف إشارات المرور الضوئية خلال أوقات الذروة من 90 ثانية إلى 30، وتوفير بدائل مواصلات أخرى كالترام، وإعادة إحياء دراسة خط المترو الذي كان من ‏المفترض أن يكون من السومرية باتجاه حرستا.‏

ومن الاقتراحات المقدمة أيضاً، أن تكون جميع مؤسسات الدولة في الريف أو أطراف مدينة دمشق بدلاً من وسطها، ما يخفف من تنقل الموظف من الريف إلى المدينة واستخدام وسائط النقل.

مقترحات على ورق

وأكد مصدر في محافظة دمشق لـ “الحل”، أن جميع هذه المقترحات لا يمكن تطبيقها في القريب المنظور، عدا عن تخفيض مدة إشارات المرور وخروج الموظفين على دفعات، كون المحافظة لا تملك ميزانية كافية للخدمات الأساسية”.

وتابع “حتى الآن، الحلول الموجودة لدى محافظة دمشق هي توسيع بعض الطرقات، والسعي لتأمين باصات النقل الداخلي ورسم خط سير خاص بها، بحيث لا تقف هذه الباصات على إشارات المرور ولا تخلق ازدحاماً خلفها”.

ورغم الحاجة الماسة للخطط الخاصة بفك الضغط والازدحام عن شوارع دمشق، وإيجاد حلول لوسائل النقل، تذهب خطط حكومة النظام مؤخراً باتجاه يزيد من الازدحامات والاختناقات، منها البطاقة الذكية الخاصة بالبنزين التي رتبت على أصحاب السيارات الوقوف بطوابير وحجز دور لأيام حتى انجازها، إضافة إلى اختناقات على محطات الوقود.

خلق أزمات

وأعلنت “المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي” مؤخراً، عن وضع خط إنتاج جديد في معملها للوحات السيارات وفق تصميم حديث يلبي الحاجة المتزايدة والتي تبلغ 2.5 مليون سيارة، ومن المتوقع طرح اللوحات خلال 2019.

ويتألف التصميم الجديد من 5 أرقام على الجانب اليميني للوحة ورقمين على الجانب اليساري، وفي الوسط صورة العلم وكلمة سوريا. ومن المتوقع أن تسبب هذه اللوحات أزمة واختناقات عند التبديل كما حدث مؤخراً بخصوص البطاقة الذكية.

أرقام

وكانت الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق تملك حوالي 375 باصاً قبل الحرب، ولكن لم يبق منها إلا 90 باصاً في الخدمة نتيجة تعرض الباقي  للتخريب والحرق واستخدامها للمصالحات ونقل الجنود، وخلال السنوات السابقة، طلب من الشركة تخديم خطوط دمشق وريفها فاعتمد 28 خطاً 14 في العاصمة و14 في الريف، مما سبب نقصاً واختناقات في بعض الخطوط.

ووصل مؤخراً 50 باصاً لدمشق، فقط، علماً أن العاصمة تنتظر 200 باص من أصل 1000 لكل سوريا، منذ سنوات، ولم تصل حتى اليوم.

وخرج حوالي 2000 سرفيس من الخدمة في دمشق من أصل 7000 سرفيس خلال الحرب، بينما انخفض عدد تاكسي الأجرة من 26 ألف إلى 10 آلاف فقط.

إعداد: فتحي أبو سهيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.