فور اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، سارعت الحكومة السورية لعقد اجتماعات مع التجار والصناعيين واتخاذ بعض الإجراءات والقرارات، مدعية من خلالها القدرة على تجنب تداعيات هذه الحرب بأقل قدر من الخسائر على الاقتصاد السوري، بحسب زعم مسؤولين سوريين.

ومع ذلك، يبدو الأمر مختلفا تماما على أرض الواقع، حيث شهد السوق السوري ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار قبل يومين، فضلا عن وجود توقعات بأن سوريا ستكون من أكثر المتضررين من الغزو الروسي، لذلك ستتجه الحكومة إلى إصدار قرارات تقشف أكثر مما هي عليه الآن، فضلا عن الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وتلاعب كبار التجار بأسعار السلع، في ظل غياب أي دور حقيقي للجهات المسؤولة، مما قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين بشكل أكبر.

ارتفاع مرتقب في سعر الصرف خلال الفترة المقبلة
 
عضو غرفة تجارة دمشق فايز قسومة، أشار في حديث لبرنامج “المختار” على إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، يوم أمس الأحد، حول ديناميكية الحكومة السورية في اتخاذ مجموعة من الإجراءات استعدادا لأي طارئ بسبب تداعيات الحرب الروسية، بضرورة السماح للقطاع الخاص بالاستيراد بطريقة أو بأخرى.

أما بالنسبة للعملة الأجنبية والحفاظ على سعر صرف الليرة السورية، قال قسومة: “نحن نتجه نحو الأسوأ للأسف، لأن لدينا مشكلتين، الأول أن ميزان المدفوعات التجارية يخسر بسبب استيراد النفط والقمح، والآخر بسبب مسألة الدعم الحكومي، لذلك يجب الخروج من عسكرة الأمور بسبب ضعف أدوات البنك المركزي”.

حيث توقع أن يرتفع سعر صرف الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية خلال هذه الفترة ارتفاعا كبيرا، وأشار إلى أن الوزارات لا تصدر قرارات من مقترحات أعضاء غرف التجارة والصناعة، بل تصدر فقط من تلقاء أنفسها، ودون الرجوع إلى مقترحات الآخرين.

قد يهمك: كيف سيتأثر الاقتصاد السوري من الحرب الروسية على أوكرانيا؟

فساد بالمليارات الليرات السورية في كازية بدمشق!

وكشف قسومة للإذاعة المحلية، “أن هناك محطة محروقات (كازيّة) في ريف دمشق بمنطقة الضاحية، يقدر إيجارها بـ 10 ملايين ليرة سورية، لكنها تؤجر بـ 175 مليون ليرة سورية، لذا هناك فساد في الأمر”، وأضاف أيضا، “هناك أيضا ملف وقضية فساد في كازيّة أخرى تقدر بـ 19 مليار ليرة سورية، وتأخذ الوقود من الحكومة، رغم أنها مغلقة منذ سنوات”. في إشارة إلى وجود قضايا فساد كبيرة تجري أمام أعين الجميع، دون أن تتخذ الحكومة إجراءات بحقها، وقد يتم تغطيتها من قبل بعض المسؤولين في الحكومة لإتمام عملية السرقة.

كما أشار في حديثه إلى فشل الحكومة في قراراتها وعدم قدرتها في وضع حد للفساد الذي يجري في معظم المؤسسات والعاملين في الحكومة، حيث قال: “الحكومة رفعت الدعم بنحو 15 في المئة، ومع ذلك لم تختف الطوابير أمام الأفران والمخابز، ويلاحظ وجود حوالي 100 بائع خبز حر يبيعون ربطة الخبز بسعر أغلى. ترى من أين حصل هؤلاء البائعون على هذه الكميات من الخبز، أليس من القائمين على المخابز، أليس هذا فسادا وسرقة”، مبينا أن الحكومة لا تقوم بواجباتها لإنهاء “هذه المهزلة” والسرقات على حساب المواطنين.

بينما كشف أن عجز الموازنة يقدر بخمسة آلاف مليار ليرة سورية، وأن الحكومة استطاعت أن تدين وتؤمن فقط 170 مليار سندات خزينة، لذا فالميزانية تتجه نحو الأسوأ، وفق تعبيره.رفع الدعم الحكومي نهائيا!

وحذر عضو غرفة تجارة دمشق في حديث مع الإذاعة المحلية، بأنه “إذا لم تتخلص الحكومة من موضوع الدعم، أي أنه يجب إلغاء الدعم بشكل كامل عن السوريين، فإن موازنة الدولة ستحدث عجزا كبيرا جدا”.

واقترح عضو غرفة تجارة دمشق خلال لقائه مع الإذاعة المحلية، بوجوب “رفع الدعم نهائيا عن المحروقات مقابل جعل النقل الداخلي العام مجانيا”.

وكانت قد أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري، قرارا قبل أسابيع، برفع الدعم عن أعداد كبيرة من السوريين، من شرائح مختلفة، من برنامج الدعم الحكومي للمواد الأساسية والمحروقات.

في حين فقد تعرضت الحكومة لانتقادات لاذعة، حقوقية وصحفية، حول صدور هذه السياسات التي لا تهدف لانتشال المواطن السوري من الفقر، كما أثيرت التساؤلات حول آلية ومعايير اختيار العائلات المستبعدة.

قد يهمك: مخاوف جديدة من ارتفاع الأسعار في سوريا


ارتفاع غير مسبوق منذ الأمس

بشكل غير مسبوق، استيقظ أهالي محافظة اللاذقية، أمس الأحد، ليجدوا أن أسعار الخضار ارتفعت بمقدار 1000 ليرة في أسواق المدينة، مما زاد من صدمتهم عندما ذهبوا للحصول على إمداداتهم اليومية من الخضار وجدوا أن سعر البندورة وصل إلى 3000 ليرة اليوم وكان سعره أمس 2300 ليرة.

فيما ألقى أركان سليم، مدير غرفة تجارة وصناعة السويداء، باللوم في ارتفاع أسعار السلع الغذائية على الأزمة الروسية الأوكرانية، وارتفاع تكاليف الشحن، وشركات الطاقة العالمية، حيث قال إنه من أجل الحفاظ على أسعار السلع الغذائية من الارتفاع المفرط، يجب فتح أبواب الاستيراد لجميع التجار بدلا من قصرها على واحد أو اثنين لتجنب الاحتكار.

ويرى خبراء اقتصاديون، فيما يتعلق بتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، “إنها ستؤثر حتما على الاقتصاد السوري وعلى عدة محاور، فقد ارتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من 100 دولار، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحملها اقتصاد حكومة دمشق، وبالتالي ستتحمل الحكومة خلال الفترة الأولى، لكن بعد فترة قصيرة ستبدأ في رفع أسعار المشتقات النفطية أضعافا مضاعفة، وهذا عبء لا يتحمله المواطنون السوريون.

وأساسا لا تملك الحكومة القدرة على تفادي مثل هذه الأزمات والتعامل معها في إطار وضع الحلول، ومن كل بد هذا الارتفاع سيؤثر على الحياة المعيشية برمتها في سوريا.

قد يهمك: بعد تراجع قيمة الليرة السورية.. البنك المركزي يعدّل شروط الحوالات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.