بغداد_ وسام البازي
تتحدث بيانات الأحزاب العراقية وخطاباتها الرسمية، على أنها مستقلة وغير خاضعة لتعهدات خارجية، أو إملاءات اقليمية، ولكن الحقيقة التي يعرفها العراقيون غير هذه، فالقوى السياسية وغالبية الكيانات تلاحقها اتهامات عديدة، أبرزها “العمالة للخارج وتقديم مصالحها الخاصة على مصالح العراق”، ويؤكد ذلك مراقبون وسياسيون، إذ تنقسم الأحزاب السياسية في العراق بين موالية لإيران، ومنها يميل إلى تركيا، فضلاُ عن قطر والسعودية، وتختلف في التوجهات، إلا أن المصالح الخاصة غالباً ما تجمع بين الفرقاء.
لعل أبرز تأثير على القرار السياسي العراقي، هو النفوذ الإيراني في البلاد، الذي وصل إلى حد فاق توقعات الكيانات السياسية، بعد أن بلغ التدخل حد منصب رئاسة ديوان الوقف السني الذي يتولاه بالوكالة منذ مطلع يونيو/حزيران عام 2015 عبد اللطيف الهميم، المحكوم مع وقف التنفيذ بالسجن لمدة عام واحد بتهم فساد.
ولا يختلف الأمر مع تركيا، التي ترعى أحزاباً سنية، وأبرزها ما يُعرف محلياً بـ”آل النجيفي”، الذي يتفرع منه القيادي في تحالف القرار أسامة النجيفي، ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، فضلاً عن رعاية قطر لأحزاب أخرى، والأمر نفسه مع السعودية، ناهيك عن التدخل الأمريكي، وهو المنافس الأبرز لرؤية طهران.
ويخفي هذه التدخلات سياسيون، فيما يعترف بذلك آخرون، ولعل أبرز اعتراف سمعه العراقيون، هو إقرار زعيم تحالف البناء المقرب من طهران، هادي العامري، بتدخل #إيران في شؤون العراق السياسية، وقال العامري في حديث سابق، إن “طهران تتدخل في الشأن العراقي، وإنها سعت كي نتحالف مع زعيم ائتلاف النصر (رئيس الوزراء السابق) حيدر العبادي، وأنه ليس خافياً على أحد أن إيران تتدخل في توجيه نصائح إلى القوى السياسية الشيعية، لأن الإيرانيين يهمهم أن يكون هناك تحالف شيعي لضمان حقوق الشيعة في العراق”.
في السياق، قال عضو “المحور الوطني” اسماعيل المحمداوي، لموقع الحل إن “أي مراقب للشأن السياسي يدرك حجم التدخل الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً العراق وسوريا ولبنان واليمن”، مشيراً إلى أن “وجود إيران بات أكثر وضوحاً من الأعوام الماضية، وقد بدا واضحاً بشكل لافت في الانتخابات البرلمانية الماضية. وبصراحة لا توجد قوى سياسية في العراق ليس لديها ارتباط خارجي، إن قرارها هو الآخر ليس عراقياً، لأنها أحزاب فاشلة تعودت على السرقة، ولا يهمها إلا مصالحها الخاصة وترتيب الصفقات لأعضائها”.
وتعترض إيران على تدخل الولايات المتحدة، ووجودها في العراق، وتحقق الأحزاب الشيعية رغبات طهران في هذا الخطاب، وتحديداً بما يتعلق بالوجود الأجنبي داخل البلاد، حيث صدر أخيراً بيان عن حزب “المجلس الأعلى الإسلامي” الموالي لعلي خامنئي، يحذر من خطورة بقاء القوات الأمريكية العراق، مع العلم أن الحكومة العراقية بنفسها قالت إنها مسيطرة على الوضع المرتبط بالتواجد الأمريكي.
تركياً تُبقي تركيا قواتها في منطقة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى منذ سنوات، دون إيضاح أسباب بقائها، وهو ما يغضب لأجله السياسيون غير الموالين لتركيا.
وعن تدخلات تركيا في شؤون العراق، قال عضو تحالف “البناء” أشرف الساعدي، لموقع الحل – العراق إن “الحكومة العراقية عجزت عن معالجة ملف التدخل التركي السافر في العراق، ووجود قوات غير عراقية في محافظة عراقية، ولطالما رفضنا كل أشكال التدخل إلا أن الحكومة لم تستجب لأن (حكومة حيدر العبادي) متواطئة مع تركيا”، مشيراً إلى ان “تركيا تجاوزت كثيراً على العراق ويجب أن يتم ردعها باللغة التي يفهموها بعيداً عن المناشدات الدولية كونها لن تجدي نفعاً معهم”.
أما بما يتعلق بالجانب الأمريكي، فإن العراق أكثر البلاد دفاعاً عن الجيران، بحسب المحلل السياسي كريم الجنابي، الذي قال لموقع الحل – العراق إن “الحكومة التي تتبارك بقرارات إيران، تدفع الخطر الأمريكي عبر خطاباتها، فهي تعتقد أن الخطر الأمريكي أكبر عليها من الخطر الإيراني”، مشيراً إلى أن “موقف العراق من العقوبات الأمريكية كان مخزياً، حيث أنه رفضها، مع العلم أن الشعب العراقي يموت جوعاً بسبب استيلاء إيران على الأسواق عبر ميليشياتها”.
وأكمل، أن “القرار الذي ينتظره الشعب العراقي، لحل أزماتهم لا يمكن أن يجيء من هذه الأحزاب الفاشلة، غير القادرة على ترميم وضعها الداخلي إلا عبر وساطة خارجية”، موضحاً أن “التظاهرات الأخيرة، التي شهدتها محافظة البصرة جنوب العراق، قد أنبأت عن حجم الغضب الذي يسود الشارع العراقي، من تزايد النفوذ الإيراني الدائم، في الشأن السياسي العراقي، إذ أحرق المتظاهرون العراقيون، مقر القنصلية الإيرانية في البصرة، مرددين الهتافات المناهضة لإيران، وهو ما دفع طهران إلى الاحتجاج رسميا لدى السلطات العراقية عبر القنوات الدبلوماسية”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة