في أزمة البنزين… هل تُصلح «المبادرات» ما أفسده الدهر؟

في أزمة البنزين… هل تُصلح «المبادرات» ما أفسده الدهر؟

دمشق (الحل) – تتوالى المبادرات الفردية والجماعية على طوابير محطات المحروقات، وبينها مبادرات «حزبية» في محاولة من بعض المؤسسات التابعة مباشرة للنظام، أو المقرّبة منه، لامتصاص الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح الشارع السوري عقب أزمة البنزين.

تدخل الأزمة أسبوعها الثالث، ولا شيء في الأفق يشيرُ إلى قرب انتهائها، مع ازدياد طول الطوابير، مترافقاً بازدياد الشح في المحروقات، وارتفاع ثمن التنكة في السوق السوداء، لتصل إلى مبلغ 20 ألف ليرة سورية (40$) لتسجل ثمناً عالمياً قياسياً، يفوق ثمن البنزين في أفقر بلدان العالم بالنفط والمحروقات.

ومن هذه المبادرات «الفيسبوكية»، مبادرة «بطريقك»، والتي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو الناس «للوقوف بجانب بعضهم والتطوع بإيصال من يكون على طريقهم للعمل أو المنزل».

وجاءت هذه الحملة كغيرها من الحملات كردة فعل على أزمة البنزين المتفاقمة في البلاد، واضطرار الآلاف من الموظفين والطلاب إلى لزوم منازلهم دون تمكنهم من الخروج بسبب ندرة المواصلات العامة.

وتهدف الحملة بحسب ما جاء على صفحتها إلى «توفير أكبر قدر من البنزين عن طريق اصطحاب الناس لبعضهم البعض في سيارتهم بدلا من لجوء كل فرد إلى استخدام سيارته الخاصة».

ويضطرّ آلاف السائقين يومياً أن يناموا داخل سياراتهم على دور البنزين، ويضطر آخرون لدفع سيارتهم يدوياً لإيصالها إلى محطة الوقود بدلاً من تشغيلها حفاظاً على كمية البنزين المتبقية.

سندويشات وبطانيات ومواقف “داعمة للحكومة”

على الطرف الآخر، استغلّت بعض الأحزاب السياسية المقربة من السلطات في دمشق هذه الظاهرة، وراحت تروّج لنفسها من خلال توزيع بضعة بطانيات وسندويشات على السائقين وشرطة المرور.

ووزع حزب «الشباب للبناء والتغيير» أحد أحزاب ما يُعرف بالـ «معارضة الداخلية» سندويشات وأغطية، وأصدر بياناً طويلا يُعلن فيه موقفه «الداعم للحكومة خلال فترة هذه الأزمة». ورفع أحدهم لافتة كتب عليها «صامدون مهما تكالبتم علينا ، سوريون عالحلوة و المرة».

رقص وأزهار و”أراكيل” الأزمة

تشهد دمشق شللاً تاماً في حركة العربات داخل المدينة وبين المحافظات الأخرى، وتخلو الشوارع من المارة وتغلق الأسواق بوقت مبكر بشكل يومي.
ونشطت مبادرة أخرى «ليوم واحد، وعلى محطة وقود واحدة»، سعت إلى توزيع الكتب على الطوابير المنتظرة، وقالت منسقة الحملة إنها تهدف «إلى استثمار الوقت بشيء مفيد»، لكن الحقيقة أنها كانت تروج لمجلة مطبوعة من خلال عملية التوزيع هذه.
ويسخر الشارع السوري، كيف للحكومة أن تواجه الأزمة بالورد أو الرقص؟ بعد انتشار مبادرات أخرى، توزع الورود على السائقين «الغاضبين والساخطين»، وتطلب منهم التبسم من أجل التقاط صورة!

وبثت قناة «الإخبارية السورية» تقريراً وصفه الكثيرون بالمستفز، يظهر فيه العشرات يقومون بالرقص على أنغام موسيقى شعبية، وترافقهم عراضة شامية وسط أوتستراد المزة بدمشق.

وتحدثت برامج القناة الحوارية عن مشاعر التفاؤل والسعادة التي لا تفارق طوابير المنتظرين، وعن ميل بعضهم لتبادل النكات وتدخين النرجيلة ولعب الورق أو تناول الطعام داخل سياراتهم المتوقفة، معتبرة أن هذه المشاهد «العفوية» هي أسلوب الشعب السوري المعتاد في تحدي الظروف الصعبة ومؤامرات الأعداء.

وأدى نقص البنزين الحاد في دمشق إلى توجه بعض السائقين المقتدرين إلى لبنان للتزود بالوقود، علما أن الأمن العام اللبناني منع تمرير أي بيدون من لبنان إلى سوريا، بهدف الحدّ من عملية التهريب المعاكسة.

وحرصت وسائل إعلام النظام الرسمية وشبه الرسمية على التذكير بما تسميه “المؤامرة” التي تستهدف سوريا من كل الأطراف، فنشرت الوكالة الرسمية للأنباء (سانا) صورة لتكدس مروري وأرفقتها بتعليق يقول إن السوريين يواجهون “حرباً اقتصادية”.

إعداد: سعاد العطار –

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.