اختارَ العشراتُ من الشبابِ العراقي صوم شهر رمضان في #ساحة_التحرير، وسط العاصمة العراقية #بغداد. وبرغم جائحة #كورونا، فإنهم يريدون الحفاظ على حركة الاحتجاج التي انطلقت شهر تشرين الأول الماضي ضد سلطةٍ يعتبرونها «فاسدة وطائفية وغير فعّالة».

ففي #شارع_سعدون، الذي يلتحق بميدان التحرير في بغداد، مركز الاحتجاجات الشعبية في #العراق، حلّ صوت الأواني ومواقد الغاز محل الثرثرة السياسية. وبينما يقوم البعض بإعداد شوربة العدس أو الأرز أو طبق من الخضار، فإن البعض الآخر يقوم بفرش سجاد كبير على الأرض لاستيعاب الجميع على مائدة الإفطار.

وكما هو حال “علي محمد” وهو كوميدي يبلغ من العمر  33 عاماً، لم يغادر نحو ثلاثون شاباً عراقياً المخيم منذ شهر تشرين الأول من العام الماضي، عندما بدأت التجمعات ضد طبقة سياسية اعتبرت فاسدة وخاضعة للمصالح الإيرانية.

«في الحالات الطبيعية، فإن شهر رمضان يعني العلاقة الحميمية في أجواء أسرية. ولكن هنا نحن عائلة واحدة أيضاً. كما أن ساحة التحرير باتت منزلنا، وإن كان أكبر قليلاً من المعتاد»، يقول “علي” بكل ثقة.

محجورون في الخيام

قبل بزوغ فجر اليوم التالي بساعات، يقوم “علي”، وهو يرتدي الدشداشة، وهي زي تقليدي طويل، بالقرع على الطبل، ويملئ صوته المكان لإيقاظ المتظاهرين على السحور، كما يملي التقليد، قبل بدء الصيام.

«في السابق وخلال شهر رمضان، كنت أرمي الطماطم دائماً على قارعي الطبول، لأنني لم أكن أستطع تحمل إيقاظي. واليوم، بت أنا الطبّال (المسحر)»، يقول الكوميدي الشاب مازحاً. فبالنسبة له، هذا الشهر من الصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة للمؤمنين، كما أنه الوقت المناسب لمشاركة التراث الثقافي المشترك.

بعد الشاي الساخن وسيجارة لتسهيل عملية الهضم، يُشكّل المتظاهرون فريقين لبدء لعبة #المحيبس، وهي لعبة تقليدية ولدت في بغداد وعمرها قد يصل إلى ثلاثمائة أو أربعمائة عام.

وتقوم هذه اللعبة على إخفاء خاتم في راحة أحد يدي أحد اللاعبين، ويجب على لاعب الفريق المنافس تخمين في أي يد يختبئ الخاتم. ويقول “كرار”، وهو متظاهر 22 عاماً: «إن الفائزين في ساحة التحرير يظفرون بالحلويات».

وإن كانت اللعبة تعزز الروابط بين المتظاهرين، فإنها في الوقت ذاته قد تتسبب بنقل العدوى في زمن فيروس كورونا. ولتجنب ذلك، يقوم المتظاهرون بتطهير أيديهم بانتظام وتعقيم الخاتم بعد كل جولة.

ومنذ منتصف شهر آذار الماضي، أعلنت #السلطات_العراقية فرض حظر التجول لكبح جائحة كورونا، التي أودت بحياة 86 شخصاً وأدت إلى 1763 إصابة، بحسب الإحصاءات الرسمية.

وقد اختار المحتجون في ساحة التحرير أن يحجروا أنفسهم في خيامهم المنصوبة في الساحة أملاً في استئناف الاحتجاج. وإدراكاً منهم لمخاطر انتشار الفيروس القاتل، فقد اتخذوا عدة تدابير وقائية.

«لا نترك ساحة التحرير مطلقاً، وكأننا محجورون في بيوتنا. وعندما يضطر أحدنا إلى المغادرة للقيام بالتسوق، على سبيل المثال، يقوم دوماً بارتداء الكمامة والقفازات. وعندما يحضر أشخاص من خارج الساحة إلى هنا، مثل أولئك الذين لا ينامون في الساحة، يتم تطبيق كافة التعليمات المتعلقة بالتباعد الاجتماعي لعدم المخاطرة»، يقول “كرار”.

ففي شهر رمضان هذا، ينوي ثوار ساحة التحرير استغلال الشهر لتحقيق مكاسب بما يتعلق بمطالبهم. ومن المقرر عقد اجتماعات عامة أسبوعية لاستئناف «ثورة أكتوبر» في نهاية شهر  رمضان.

 

عن صحيفة (Ouest-France.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.