أعلنت #الحكومة_السورية، قبل عامين، سيطرتها على #درعا، مدعيةً بدء عهد جديد من الأمان في المحافظة، ولكن الأهالي لديهم رأي مغاير، فآثار الحرب ما زالت تعصف بهم، والمنطقة تعيش حالة فوضى وانفلات أمني، لم تستطع الحكومة السورية التعامل معه، خاصةً بعد تصاعد عمليات الخطف، التي تستهدف الأطفال من طلاب المدارس، وكذلك البالغين في الجامعات.

شكّلت عمليات خطف الأطفال، منذ مطلع العام الجاري، مصدرا مالياً للخاطفين، الذين لم تُعرف هويتهم لدى معظم الأهالي، بينما ما زال آخرون لا يعلمون شيئا عن أبنائهم منذ شهور، في حين تشعر معظم الفتيات، اللواتي يدرسن في مناطق بعيدة عن أماكن سكنهن، بالخوف من الذهاب للدراسة.

 

أطفال بلا مصير

منذ العاشر من شهر آذار/مارس الماضي، وحتى اليوم، لم يستطع ذوو الطفلة “سلام حسن الخلف” العثور على ابنتهم، بعد خطفها، أثناء عودتها من المدرسة، في بلدة “الطيبة”  بريف درعا الشرقي، رغم الدعوات التي أطلقها والداها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومناشدتهم الخاطفين بالافراج عنها.

يقول “تيسير الزعبي”، أحد أقارب الفتاة، إن «سلام، التلميذة في الصف الثالث الابتدائي، اختُطفت من قبل مجهولين، يستقلون سيارة نوع “فان”، سوداء اللون. وعرض أهلها مبلغ خمسة ملايين ليرة سورية فديةً، لكن لا أنباء تشير إلى مكان وجود الفتاة».

ويؤكد “الزعبي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «”الخلف” ليست الطفلة الوحيدة، التي تم اختطافها في المحافظة، فقد شهد ريف درعا عدداً كبيراً من حوادث الاختطاف، التي استهدفت الأطفال. ومنهم من أُفرج عنه بفدى مالية،  فيما وجد بعضهم مقتولاً، دون معرفة هوية الجناة».

ويضيف “الزعبي”: «في مدينة درعا خُطف الطفل “مازن المحاميد”، منذ ثلاثة أشهر، من أمام منزله في حي “الكاشف”، وما زال مفقوداً حتى اليوم. كما تعرّض الطفل “ميار الحمادي”، البالغ من العمر ستة أعوام، منذ أربعة أشهر، للخطف من قبل مجهولين، يستقلون دراجة نارية، في بلدة “الحارة”، ولم يُعرف مصيره حتى الآن».

 

الخطف لطلب الفدية

لم يكن التغييب القسري للأطفال هو المنحى الوحيد لنشاط عصابات الخطف في المحافظة، فهنالك حالات تواصل فيها الخاطفون مع أهالي الضحايا، لإطلاق سراح المختطفين مقابل فدى مالية، في حين فشل آخرون في تنفيذ جرائمهم.

يقول “عبد الكريم الجباوي”، مدرس في ثانوية مدينة “جاسم”، أن «عائلة في المدينة اضطُرت لدفع مبلغ سبعين مليون ليرة سورية للخاطفين، من أجل الافراج عن ثلاث فتيات، اختطفن أثناء عودتهن من تلقي الدروس التعويضية».

وأوضح “الجباوي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الخاطفين اعترضوا طريق الفتيات، أثناء عودتهن للمنزل مستقلين حافلة، ليتم نقلهن إلى منطقة “القزاز” في العاصمة دمشق»، لافتاً أن «الجهات الحكومية لم تستطع تحديد مكان الخاطفين من خلال أرقام الهواتف، التي اتصل بها الخاطفون بذوي الفتيات».

وتابع “الجباوي”: «الخطف في مدينة درعا يترافق أحياناً بالتهديد بالسلاح، كما حصل مع “حنين الزعبي”، وابنتها ذات الثلاثة أعوام، عندما تعرّضت للخطف من قبل عناصر مسلحة، اقتادتها إلى جهة مجهولة».

أما في ريف درعا الغربي، فيؤكد “محمد سليم” (اسم مستعار لأحد المتطوعين في فرع الأمن العسكري)، أن «مدينتي “طفس” و”نوى” شهدتا ست محاولات خطف باءت بالفشل، منها محاولة عصابة، مكونة من أربعة أفراد، اختطاف طفل في مدينة “طفس”، لكن مخططها فشل بسبب فرار الطفل، كما استطاع طفل آخر،عمره خمس سنوات، الفرار، قرب الجامع القديم بمدينة نوى، من مجهولين يستقلون سيارة من نوع “سكودا”، حاول راكبوها إقناعه بالذهاب معهم لإيصاله لوالده، حسب رواية الأهالي».

 

استهداف طلاب الجامعات

فوضى السيارات التي لا تحمل أرقاماً في محافظة درعا، ساعدت عصابات الخطف على التحرك بحرية دون معرفة هوية أفرادها، كما أشار الأهالي في مدينة درعا لموقع «الحل نت». كذلك يعمد الخاطفون إلى تغطية نوافذ سياراتهم باللون الأسود، ما ساهم بعدم التعرّف عليهم. رغم ذلك توجهت أصابع الاتهام، في مدينة درعا، لمجموعة بقيادة “مصطفى المسالمة”، الملقّب بـ “الكسم”، تابعة لفرع “الأمن العسكري”.

“موفق الأكراد” تحدث لموقع «الحل نت» عن محاولة اختطاف، شهدها بشكل مباشر، عندما «اعترضت سيارة بيضاء، من نوع “كيا”، تحمل لوحة “دمشق، رقم 565831″، طالبتين، وحاولت خطفهما»

وذكر “الأكراد”، الذي يعمل في سوبرماركت بالقرب من كلية التربية في المدينة، أن «راكبي السيارة حاولوا اختطاف الفتاتين، أثناء خروجهما من الكلية، لكن مرور عدد من الأهالي في الطريق، وسماعهم لصراخ الفتاتين، حال دون خطفهما» لافتاً «أن هذه الحادثة ساهمت في تراجع عدد من الفتيات عن الحضور إلى الكلية، واقتصار حضورهن على أداء الامتحانات فقط».

ونشرت “الشبكة السورية لحقوق الانسان” عدة تقارير، أكدت فيها خطف عناصر مسلحة لـ”محمود جابر الحويلة”، الطالب في كلية الحقوق في جامعة دمشق – فرع درعا، من أبناء قرية “غصم”، من قبل عناصر مُسلحة مجهولة في مدينة درعا، في الحادي عشر من حزيران/يونيو 2020، واقتياده إلى جهةٍ مجهولة.

كما أكدت الشبكة اختفاء الطالبة “كريستين الهزرق”، ذات الأصول المسيحية، من مدينة #ازرع، بعد خروجها من “المعهد التقاني الصناعي”، قرب دوار “خربة غزالة”، واستقلالها لسيارة أجرة، لينقطع بعد ذلك الاتصال معها حتى اللحظة.

 

دعوات لمنع الأطفال من اللعب

ازدياد حالات الخطف في المحافظة دفع الأهالي لاتهام #القوات_النظامية والحكومة السورية بالتقصير، وتسهيل عمليات الخطف، حتى وصل الأمر بوجهاء المنطقة للدعوة إلى منع الأطفال من اللعب أمام منازلهم، وعدم إرسالهم إلى الأسواق بمفردهم.

يقول الناشط “محمد الحوراني”: «الأمور باتت تسير بمنحى سيء، خاصة بعد أن فُجع المدنيون، في بلدة “جباب”، باكتشاف جثة الطفلة “ليمار عبد الرحمن” مشوهةً داخل منزل مهجور، بعد أيام من اختفائها».

وأكد “الحوراني”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «غضب المدنيين توجّه نحو القوات النظامية، لمساهمتها في الانفلات الأمني، الذي أدى إلى زيادة غير مسبوقة في حالات الخطف، دون تدخل حقيقي منها، بعد إعلان سيطرتها على المحافظة في 2018».

وأشار “الحوراني” إلى أن «القوات النظامية تبدو للأهالي شريكة في عمليات الخطف، فانتشار الحواجز والمقرّات الأمنية في المدن والبلدات، التي تحدث فيها حالات الخطف، لم يساهم بالحد من حالات الخطف، أو مساعدة ذوي المختطفين في العثور على أبنائهم».

يبدو أن الحكومة السورية لم تعد تهتم بإصدار أرقام لحالات الخطف في البلاد، فالمرة الأخيرة التي أُعلن فيها عن هذه الأرقام، كانت عام 2017، حينما أكد “ماهر العلبي”، المحامي العام الأول بدمشق، أن عدد حالات الخطف المسجّلة في سوريا، خلال سنوات الحرب، تجاوزت ثمانية آلاف حالة، كان أكثرها بين عامي 2011 و2012. بينما أفاد “محمد الشرع”، عضو “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، لموقع «الحل نت»، أن العاملين في المكتب «وثّقوا اثنتين وخمسين حالة في محافظة درعا، موزعة بين خطف واختفاء قسري، منذ مطلع العام الجاري».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.