تواجِهُ الصّحفيات السّوريات، العديد من المشاكل والإساءات على أساس حقيقةٍ وحيدة تتمثّل بكونهن نساء. فقبل نحو عام، شرعت “سارة قاسم” في حياتها المهنية كصحفية في واحدة من أخطر المناطق في العالم الخاضعة لسيطرة الجماعات المتناحرة التي هي هدف دائم لقوات الحكومة السورية وحلفائها.

بدأت العمل مع وكالة أنباء ألمانية. واعتدت على التقاط صور فوتوغرافية في #إدلب خلال موجات النزوح مع مقاطع صغيرة باللغة الإنجليزية تم نشرها. ثم عرضت علي منصة SY + العمل كمراسلة وقبلت العمل» تقول “سارة” العشرينية.

تُعدّ هذه الصحفية، واحدة من بين العديد من النساء السوريات الأخريات اللاتي اتخذن قرار العمل في الصحافة، على الرغم من التحديات والصعوبات العديدة التي يواجهنها، مثل النساء العاملات في المهن الخطيرة.

تقول: «اخترت الصحافة لأنني أحب التركيز على الأشياء الجيدة وكذلك المشكلات في المجتمع. فعلى سبيل المثال، أختار المشاكل التي من خلال تحديد أسبابها قد نتمكن من إصلاحها أو إيجاد حلول لها».

ومع ذلك، تؤكّد “قاسم” أن الصحافة «ليست بالمهمة السهلة. لقد اخترت هذه المهنة حتى أتمكن من معالجة القضايا الأساسية في المجتمع ومحاولة إيجاد الحلول لها في نهاية المطاف».

وتقع المناطق الشمالية الغربية من سوريا تحت سيطرة الجماعات المتطرفة، وأقواها  #هيئة_تحرير_الشام التي تدعم «حكومة الإنقاذ الوطني»، التي تسيطر على جميع جوانب الحياة هناك.

وفي شهر كانون الأول 2019، نشرت شبكة الصحفيات السوريات استبياناً حول أمن وسلامة الصحفيات السوريات. وخلصت الشبكة المذكورة إلى أن الصحفيات العاملات في المنظمات المحلية يواجهن العديد من المخاطر والانتهاكات بسبب كونهن نساء ويعملن في وسائل الإعلام.

وتشمل هذه الانتهاكات بشكلٍ أساسي، فرض قواعد معينة للزي عليهن، وحرمانهن من الإجازات، والمضايقة، والتهديد بالفصل والحرمان من الترقية، بالإضافة إلى مخاطر القصف من قبل قوات #الجيش_السوري وحلفائه.

وتقول “رولا أسعد”، الصحفية السورية والمديرة التنفيذية لشبكة الصحفيات السوريات: «غالبية الصحفيات في شمال غربي سوريا مدافعات عن حرية التعبير وحقوق الإنسان والعدالة. وكثيراً ما يتعرضن للتنمر في محاولة لإخراجهن من وسائل الإعلام».

بالإضافة «إلى المضايقات، فغالباً ما يعلق على مظهر الصحفيات وحياتهن الشخصية، خاصة خلال السنوات الخمس الماضية. إن استهداف مصداقيتنا يسبب ضغطاً حقيقياً على عملنا ويحد من أنشطتنا في المجالين العام والخاص» تؤكّد “أسعد”.

تعرضت “يقين بيدو”، وهي صحفية تعمل في شمالي سوريا، للهجوم مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن قالت إنه لا توجد “صحافة ثورية” في سوريا.

ونتيجة لذلك، فُصِلت تعسفياً من اتحاد حلب للإعلام في أواخر شهر أيار الماضي. ومُنِحت “بيدو” جائزة “الشجاعة في الصحافة” من قبل مؤسسة الإعلام النسائية الدولية في الشهر ذاته.

كذلك واجهت الصحفية “هادية منصور” العديد من المصاعب منذ أن بدأت تغطي الأحداث في شمال غربي سوريا عام 2015. «في رحلتي الصحافية، واجهت العديد من العقبات والصعوبات، خاصة العادات والتقاليد ونظرة المجتمع إلى النساء على أن مكانهن في البيوت. فالمجتمع هنا لا يوافق على خروج النساء من منازلهن مراراً وتكراراً لتغطية الأخبار، خصوصاً في المناطق التي يتواجد فيها الرجال» تقول “منصور”.

وتؤكّد: «نحن نعاني كذلك من القوالب النمطية والعزلة، والتي تمكنت من كسرها. لم تكن هذه مهمة سهلة في مجتمع ذكوري ومع الفوضى الأمنية والمضايقات من بعض الفصائل المتشددة. فقد داهمت هيئة تحرير الشام منزلي في #كفر_نبل عندما نشرت تقريراً استقصائياً يدين ممارسات الجماعة ومصادرة منازل الناس وممتلكاتهم ويتهمهم بالخيانة. ولحسن الحظ، عندما اقتحموا منزلي لم أكن أنا وعائلتي هناك. لقد زعموا أننا كنا نقيم خلية لتنظيم #داعش».

من جانبه، يعتقد “إبراهيم حسين” قاضي ومدير المركز السوري لحريات الصحافة التابع لنقابة الصحفيين السوريين، أن الأطراف التي ترتكب انتهاكات في سوريا لا «تفرّق بين الصحفيين على أساس جنسهم». ويرى أنهم يضطهدون الصحفيين الذكور والإناث في سوريا على حدٍّ سواء.

ويتابع “حسين” قائلاً: «من الطبيعي أن يكون هناك تناقض في الأعداد، حيث أن عدد الصحفيات أقل بكثير في المناطق التي لا تخضع لسيطرة #دمشق. ووفقاً لسجلات المركز، هناك 38 انتهاكاً ضد العاملات في مجال الإعلام في سوريا منذ 2011. وهذا رقم صغير جداً مقارنة بالانتهاكات ضد الصحفيين الذكور».

لكن المديرة التنفيذية لشبكة الصحفيات السوريات، توضح أن شمال غربي سوريا «يشهد توترات سياسية وعسكرية وتغيرات متكررة في الأحزاب المسيطرة، مما يعرض الصحفيين للخطر».

وتضيف: «وتواجه الصحفيات في هذه المناطق التمييز والعداء من جانب زملائهم الآخرين ومن التنظيمات العسكرية، مما قد يؤدي إلى عمليات الخطف والقتل. كما تواجه الصحفيات قيوداً وانتهاكات بشكل أساسي لكونهن نساء، مما قد يعوقهن عن أداء عملهن».

«سأستمر في عملي هذا رغم كل الأخطار، لأنني أؤمن بالحقائق التي أنقلها من سوريا، وفي توثيق الجرائم التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبنا، وكذلك جرائم الأطراف الأخرى. إنني أركز بشكل رئيسي على تغطية معاناة المدنيين»، تقول “منصور” التي تنشر عملها في عدة وسائل إعلامية منها “المونيتور” و”الشرق الأوسط” وصحف عربية وسورية أخرى.

وتتعرض الصحفيات السوريات للمضايقة حتى فيما وراء الحدود، كما حدث مع الصحفية “مها غزال”، التي تعمل في #تلفزيون_سوريا في مقره الرئيسي في #اسطنبول.

فقد تم اختراق حساباتها الشخصية من قبل أشخاص في الإدارة، للضغط عليها للاستقالة، لكنها لم تستسلم وكشفت المستور، حيث عرضت ذلك من خلال فيديو مباشر وشجاع من قلب مقر القناة.

 

المصدر: (Al-Monitor)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة