منذُ عام 2012، اعتمدت السّلطات السّورية على #ميناء_بيروت بعدما كان #ميناء_طرطوس يقوم بمهام جمّة، إلا أن العقوبات التي باتت تنهال على الحكومة في سوريا بالتزامن مع تصاعد الأحداث الأمنية، جعلت التجار يخشون التعامل معها، سواء لدواعٍ أمنية أو تفادياً لأيّة عقوبات.

ورغم محاولة دمشق التهرب من تلك المشكلة عبر تقديم ميناء طرطوس لمشغل روسي؛ إلا أن ذلك لم يكن مفيداً بحسب الكثير من الخبراء، لأن التعامل مع #روسيا أيضاً يُعرّض التجار للعقوبات التي تطال كل المُتعاملين بشكلٍ مباشر أو غير مباشر مع السلطات السورية، بغض النظر عن جنسية المشغل، لذلك كان المتنفس الوحيد اقتصادياً ميناء بيروت النشط في المنطقة.

يقول المستشار الاقتصادي والمالي “يونس الكريم”: «إن الأرقام الرسمية في لبنان، تُظهِر استيراده ضعفي احتياجاته من النفط والغذاء عبر ميناء بيروت العام الماضي، وهذا يعني أن لبنان ساهم بتزويد سوريا بالمحروقات والمواد الغذائية عبر الميناء الذي بات حيوياً واستراتيجياً بالنسبة لسوريا».

الحسابات البنكية للتجار السوريين- سواء في سوريا أو لبنان- تعادل نحو 30 مليار دولار من أصل الاحتياطي العام في لبنان وهذه النسبة المرتفعة شكّلت قوة تأثير لحزب الله ورجالات لبنان المحسوبين على “الأسد”.

ويُضيف في حديثه لـ (الحل نت)،  «في 2019، كان للميناء دوراً مهماً في تجاوز حزمة العقوبات المتجددة على سوريا، خاصة مع اقتراب تطبيق #قانون_سيزر، حيث بدأت الشركات الأوروبية والأجنبية وحتى شركات الخليج العربي، تحتاط من التعامل مع التجار السوريين سواء في سوريا أو لبنان، وازداد الاعتماد على مرفأ بيروت كحلقة وصل غير مباشرة بين تجار سوريا وأوروبا».

كيف عَمِل اللبنانيون بالوساطة؟

«للتجار السوريين- سواء في لبنان أو سوريا- حساباتٌ بنكية في لبنان تعادل نحو 30 مليار دولار من أصل الاحتياطي العام في لبنان البالغ 230 مليار، وهذه النسبة المرتفعة شكّلت قوة تأثير لحزب الله ورجالات لبنان المحسوبين على “الأسد” في هذا المجال» يقول المستشار الاقتصادي والمالي.

ويعتبر “الكريم” أن تلك المبالغ «شكّلت عامل أمان بالنسبة للمصارف والتجار اللبنانيين على حد سواء، يضاف إليها التقاربات بين بعض الدول الخليجية ودمشق، مع رسائل تطمين مبالغ فيها من بعض رجال الأعمال السوريين في أوروبا تتحدث عن انتعاش الاقتصاد السوري قريباً».

ويؤكّد أن المصارف اللبنانية «سعت لتحقيق الأرباح بأي شكلٍ من الأشكال إثر الأزمة المالية لديها، وتساهلت في منح اعتمادات مستندية ضخمة جداً لصالح تجار لبنانيين حاولوا الاستفادة من وضع السوق السورية، وباتوا يستوردون مواد غذائية بكميات كبيرة جداً عبر ميناء بيروت وبيعها للسوريين بأسعار مبالغ فيها».

والاعتماد المستندي، هو تعهد مكتوب صادر من بنك، بناء على طلب مشتري، لصالح البائع، ويلتزم البنك بموجبه بالوفاء في حدود مبلغ محدد خلال فترة معينة متى قدم البائع مستندات السلعة “آنيا” مطابقة لتعليمات شروط الاعتماد. وقد يكون التزام البنك بالوفاء نقداً عند الاطلاع أو آجل الدفع.

وبغض النظر عن العقوبات، فإن التجار، بحسب ما يوضحه “الكريم” «يخشَون الدخول بدوامة العقوبات أو أي مخاطر أمنية وغيرها من مغامرات في حال تم التعامل مع سوريا مباشرةً، حتى لو كانت البضائع غذائية ولا تخضع لأيّة عقوبات، ويفضلون لبنان بتعاملاتهم».

كانت هناك أساليب لتهريب البضائع السورية إلى لبنان ومنها تُصدّر إلى دولٍ أخرى عبر وسطاءٍ لبنانيين.

ولا يمكن إهمال حجم التهريب الذي يتم من لبنان إلى سوريا، والذي كان يتم عبر رسو بعض السفن في الميناء بحجة الصيانة، ليتم تفريغ محتوياتها في هنغارات لحزب الله، وبعدها تهريبها إلى سوريا عبر منافذ حدودية عسكرية لا تخضع لأيّة رقابة.

فبحسب المستشار الاقتصادي والمالي، «كانت هناك أساليب لتهريب البضائع السورية إلى لبنان، ومنها تصدّر إلى دولٍ أخرى عبر وسطاءٍ لبنانيين، تلافياً لعقوبات تصدير البضائع السورية، وهو مصدر مهم للقطع الأجنبي بالنسبة لسوريا».

البديلُ الروسي

يؤكّد “الكريم” أنه «لا يمكن أن يكون ميناء طرطوس أو أي ميناء سوري بديلاً عن مرفأ بيروت بسبب العقوبات على روسيا وسوريا ومن يتعامل معهما، إضافة إلى أن الشركاء الحقيقيين لمؤسسات سوريا في لبنان هم أجانب أوروبيون وعرب، يخشون العقوبات الأوروبية والأميركية، لأن إزالتها مكلفة جداً وقد تؤدي لإفلاس الشركات».

والحل الوحيد، بحسبه، هو «استغلال ميناء طرطوس في مناولة السفن وباقي الأمور، بينما تمنح السفن أوراقاً من ميناء طرابلس اللبناني الذي تستأجر روسيا فيه الهنغارات لأكثر من 20 عام، لكن هذا الإجراء بحاجة تقليص الحركة البحرية، لكي لا تثير الشبهات، بسبب صغر ميناء طرابلس».

كان لبنان شريان الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب، وزادت أهميتها بعد قانون قيصر.

انخفاضٌ في قيمة الليرة

لكن ميناء بيروت، سيسبب مشكلة بتأمين القطع الأجنبي في سوريا، التي كانت تستفيد منها عبر تصدير بضائعها من خلال المرفأ، أو من خلال تقاضي رسوم ترانزيت الشحن الذي يمر عبر أراضيها لبضائع قادمة من المرفأ باتجاه دول أخرى خليجية أو إلى العراق أو الأردن.

وفي ذلك يقول “الكريم”: «ستنخفض قيمة الليرتين السورية واللبنانية بشكلٍ حاد، متأثرةً بتفجير المرفأ، والذي منع ذلك حتى الآن، تدخل أمراء الحرب في حلب الذين وصلوا إلى مجلس الشعب، والمضاربة التي تقوم بها #جبهة_النصرة في الشمال، لكن مهما حاولوا فصل سعر الصرف عن المستوى العام للأسعار، لن يستطيعوا الاستمرار بذلك كثيراً».

وحذّر خبراء من كارثة ستطال الاقتصاد السوري، واللبناني وحتى اقتصاد المنطقة ككل، بعد انفجار مرفأ بيروت وتضرّره بحادثةٍ شبّهها محافظ بيروت «بانفجار القنبلة النووية في هيروشيما وناكازاكي».

وقال الخبير الاقتصادي “زاهر أبو فاضل” لـ (الحل نت): إن «سوريا تعتمد بشكلٍ رئيس على مرفأ بيروت باستيراد المواد الرئيسة من طاقة وغذاء ومواد أولية ومعدات وغيرها، نتيجة فرض العقوبات عليها، وبالتالي كان لبنان شريان الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب، وزادت أهميتها بعد قانون قيصر».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.