مع تدهور أحوال البلاد، يزداد انتشار فايروس #كورونا، وتزداد معه الشفقة على أطباء #العراق. حيث يُعتقد اليوم بأن الآلاف أصيبوا بهذا الفايروس القاتل في مختلف أنحاء البلاد. أما الأطباء، فإذا لم يفتك بهم الوباء، فقد يفعل رجال العشائر المحليون ذلك.

يقول الدكتور “طارق الشيباني” مدير مستشفى في جنوبي العراق: «في كل مرة يموت فيها مريض بكورونا، نحبس جميعاً أنفاسنا».

فقبل شهر، توفي شاب من #عشيرة_الحسناوي في المستشفى الذي يديره الطبيب “الشيباني” بسبب كورونا. وفي تلك الليلة، عندما غادر “الشيباني” عمله، تعرض للاعتداء من قبل 20 شخص من أقارب المُتوفّي، حتى فقد وعيه.

وقد حاول الطبيب رفع دعوى وتوجيه اتهامات إلى أشخاص بعينهم، لاسيما أن كاميرات المستشفى كانت قد التقطت المشهد، لكن المسؤولين أخبروا أسرته أنهم سيكونون أكثر أماناً إذا لم يفعل ذلك.

وقد تعاملت العديد من الأنظمة العربية مع الفايروس من خلال فرض إجراءات وقائية شديدة وقاسية، إلا أن العراق تخلى عن عمليات الإغلاق منذ فترة طويلة. وتبدو #الحكومة_العراقية اليوم عاجزة عن فرض التباعد الاجتماعي أو ارتداء الأقنعة، حيث يرى بعض الرجال الأقنعة على أنها إهانة لرجوليتهم.

كما أن لدى هذه الحكومة القليل من المال لتنفقه على الخدمات الصحية التي دمرتها الحرب والفساد، في الوقت الذي لا يزال فيه رجال الدين ينظمون التجمعات الجماهيرية. ورسمياً أصاب الفايروس أكثر من 350 ألف عراقي وقتل أكثر من 9 آلاف. هذا بالتأكيد أقل من العدد الحقيقي، لكنه لا يزال أكثر من أي بلد عربي آخر.

وكما هو حال عشائر العراق، وضع آيات الله الشيعة في البلاد قواعدهم الخاصة بهم. فتراهم يمضون قدماً في الأربعين، وهي رحلة حج سنوية إلى #كربلاء، المدينة المقدسة. وقد بدأ الآلاف من المؤمنين الشيعة بالفعل المشي لمسافة 500 كيلومتر من #البصرة، وتناول الطعام والنوم معاً في أكواخ على جانب الطريق.

وسيزداد خطر انتقال العدوى أكثر عندما يلتقي مئات الآلاف في كربلاء في السابع من الشهر الجاري. وتعتبر المنطقة المحيطة بكربلاء بالفعل ثاني أعلى معدل إصابة في البلاد، ربما بسبب الحج في شهر آب الماضي.

من جهتها، حاولت الحكومة العراقية الحدّ من الحجاج الأجانب بإغلاق الحدود البرية للعراق وتقييد الرحلات الجوية من #إيران، لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك طويلاً.

«يعتقد الناس أن زيارة ضريح #الإمام_الحسين في كربلاء تشفي من فيروس كورونا»، يقول مستشار صحة حكومي سابق متنهداً.

كما قاد #مقتدى_الصدر، رجل الدين المثير للجدل، حملة لإبقاء المزارات مفتوحة وتحدّى الحظر المفروض على صلاة الجمعة.

وفي الآونة الأخيرة، دأب العراقيون بشكل عشوائي على نبش قبور أقاربهم الذين دفنوا في “مقبرة خاصة بفايروس كورونا”، حتى يتسنى لهم دفنهم في طقوس جنائزية مناسبة.

وقد تساعد رعاية طبية أفضل في تخفيف معاناة الناس، لكن العراق ينفق على الصحة ما يقارب من نصف ما تنفقه جارته الأفقر، الأردن، على الفرد. ويضيع الكثير من مخصصات الصحة أو يُسرق. فوزارة الصحة يقودها تكنوقراط، لكنها مليئة برجال “الصدر” الذين يقفون في طريق الإصلاح المالي والاقتصادي كي لا تضرر مصالحهم.

واليوم، يوجد عدد أقل من أسرّة المستشفيات والأطباء في العراق عما كان عليه الحال قبل عام 2003، على الرغم من تضاعف عدد السكان تقريباً. فقد هرب حوالي 20 ألف طبيب إلى الخارج، كما تقول نقابة الأطباء العراقيين.

كما أضرب العديد من الكوادر الصحية الذين بقوا في الآونة الأخيرة بسبب ظروف العمل السيئة ونقص المواد الأساسية، مثل الأقنعة.

ويعاني مديرو المستشفيات من نقص شديد في الموظفين لدرجة أنهم يخشون السماح للأطباء المصابين بالفيروس بدخول الحجر الصحي.

وفي الوقت نفسه، فإن انخفاض الإيرادات الناجم عن انهيار أسعار النفط يعني أن الحكومة ليس لديها المال لتوظيف الآلاف من خريجي الطب.

وإن كان رئيس الوزراء #مصطفى_الكاظمي يقترح عليهم العمل الطوعي، فإن أقل ما يمكن أن تفعله الحكومة هو حمايتهم من رجال العشائر الغاضبين.

 

المصدر: (The Economist)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.