للشهر الثاني على التوالي تفشل #الحكومة_العراقية بتأمين رواتب موظفي الدولة في موعدها المحدد، مع العجز الكبير الذي تعانيه بسبب الأزمة المالية التي تمرّ بها البلاد، على خلفية انتشار فيروس #كورونا، وانخفاض أسعار النفط، وكمية تصديره إلى الاسواق العالمية، بطلب من منظمة “أوبك”.
أزمة الرواتب لم تخرج من دائرة الصراع السياسي، بين حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي وخصومه السياسيين، الذين يحاولون اسقاطه مبكراً، بالتزامن مع تحديده شهر حزيران/يونيو، من العام المقبل، موعداً للانتخابات المقبلة.
محاولات للإطاحة بالكاظمي
“حسن الحيدري”، الباحث بالشأن السياسي، يرى أن «بعض الاحزاب السياسية تحاول الاطاحة بالكاظمي، قبيل الدخول بمعترك الانتخابات المبكرة، من خلال الاستثمار بأزمة رواتب الموظفين».
ويضيف “الحيدري”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «بعد تأخر الرواتب، خلال الأشهر الأخيرة، تحاول بعض الأحزاب ربط الأزمة بفشل حكومة الكاظمي، رغم التراكمات والأخطاء التي ورثها من سلفه “عادل عبد المهدي”، والحكومات السابقة».
ويتابع: «هذا الأمر دفع الكاظمي للخضوع للبرلمان العراقي، وتخفيض مبلغ الاقتراض الداخلي من واحدٍ وأربعين ترليون دينار إلى خمسة عشر أو عشرين ترليوناً».
“الحيدري” يشير إلى أن «هذا الصراع السياسي، الذي يسعى للإطاحة بالكاظمي وفريقه، بدأ بالتأثير على المواطنين وقوت يومهم».
مسؤولية حكومة “عبد المهدي”
ويحمّل “رياض التميمي”، عضو اللجنة الاقتصادية في #مجلس_النواب_العراقي، الحكومة العراقية السابقة، التي ترأسها “عادل عبدالمهدي”، مسؤولية خلق أزمة تأخر صرف رواتب الموظفين.
“التميمي” يوضح لـ«الحل نت» أن «حكومة “عبد المهدي” ارتكبت خطأين قبل رحيلها، إذ زادت من نفقات الدولة، وعيّنت آلاف الخريجين من دون تخطيط، ما أثّر بشكل كبير على ميزانية الدولة، ولهذا السبب نحمّلها مسؤولية الأزمة المالية التي تمرّ بها البلاد، وتأخر صرف رواتب الموظفين».
ويضيف أن «الحكومة العراقية الحالية، برئاسة الكاظمي، لا تتحمل مسؤولية تأخر صرف الرواتب، لأنها جاءت في زمن اللادولة، واستلمت زمام الأمور في ظل أزمة صحية، ناجمة عن فيروس كورونا، وأزمة سياسية، تتعلق بالتظاهرات وما رافقها من اضطرابات».
ويلفت “التميمي” إلى أن «حكومة الكاظمي ليس لديها رؤية اقتصادية حقيقية لمعالجة الأزمة المالية، وهذه مشكلتها الأساسية».
بين الحكومة والبرلمان
ودفعت أزمة الرواتب الحكومة العراقية للجوء إلى صياغة قانون الاقتراض، لتغطّي ما تحتاجه من السيولة النقدية، فيما ربط “علي علاوي”، وزير المالية العراقي، تأمين الرواتب بالتصويت على الاقتراض، ليرمي الكرة بملعب #البرلمان_العراقي، الذي اتهم الحكومة بـ«أنها تريد أن تنتزع تمويلاً لمشاريع غير ضرورية، في ظل أزمة مالية خانقة».
من جهته اتهم “ماجد الوائلي”، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، حكومة الكاظمي بـ«افتعال أزمة رواتب الموظفين والمتقاعدين».
ويقول “الوائلي”، في تصريح خاص لموقع «الحل نت»، إن «الرواتب مؤمنة بالكامل، من خلال الإيرادات النفطية والضرائب، لكن الحكومة افتعلت الأزمة من أجل تحريك الشارع العراقي ضد مجلس النواب».
ويتابع أن «وزير المالية العراقي أثبت تقصيره وعدم كفاءته في إدارة الوزارة، فلم يحدث أي تقدم خلال فترة تسلّمه المنصب، واعتمد بشكل كبير على الاقتراض»، مشيراً إلى أن «خيار استجواب وإقالة وزير المالية مطروحٌ بقوة داخل مجلس النواب».
رأي الخبراء
الخبير الاقتصادي “نبيل المرسومي” يرى أن «الإصلاح الحقيقي للأزمة المالية في البلاد يبدأ من وزارة المالية».
ويبيّن “المرسومي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «وزارة المالية العراقية ينبغي أن تقوم بإصلاح مؤسساتها العامة، المتمثلة بالهيئة العامة للضرائب، والهيئة العامة للجمارك، من أجل تعظيم الإيرادات غير النفطية، بدلاً من تأخير صرف رواتب الموظفين بشكل متعمّد، من خلال المبالغة المفرطة في المبالغ التي تطلبها للاقتراض الداخلي، والتي تزيد عن واحدٍ وأربعين ترليون دينار».
ويتابع أن «الحاجة الفعلية لتغطية عجز الأشهر الاخيرة من عام 2020 لا تزيد عن تسعة ترليونات دينار، استناداً الى الإيرادات والنفقات الفعلية للأشهر الثمان الأولى من عام 2020، والمنشورة على موقع وزارة المالية العراقية».
ويدعو الخبير الاقتصادي وزارة المالية العراقية لـ«التوقف عن استخدام الرواتب وسيلةَ ضغطٍ على الجمهور والبرلمان، من أجل تمرير مشروع، يحمّل ذوي الدخل المحدود والفقراء أعباء تعديل مسار الاقتصاد العراقي»، حسب تعبيره.
خبير اقتصادي عراقي آخر، وهو “عمار التميمي”، قال لموقع «الحل نت» إن «مشكلة العراق الاقتصادية هي أحادية الاقتصاد وريعيته، والحل هو تنويع بنية الإنتاج ومصادر الدخل، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تنمية شاملة».
ويوضح “التميمي” أن «التنمية يمكن تحقيقها فقط في الدولة ذات الحكم الرشيد، التي يسودها القانون، وتحتكر شرعية استخدام القوة».
وبشأن الورقة الاصلاحية، التي قدمتها الحكومة العراقية، يقول الخبير الاقتصادي: «مع غياب سلطة الدولة لن تنفع كل الأوراق في بناء اقتصاد واعد ومتنوّع، يوفّر العيش الكريم للمواطنين».
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.