هلع عقاري في درعا: التلويح بمصادرة أملاك المتخلفين عن الخدمة الإلزامية يثير المخاوف من تملّك الميلشيات الإيرانية للمنطقة

هلع عقاري في درعا: التلويح بمصادرة أملاك المتخلفين عن الخدمة الإلزامية يثير المخاوف من تملّك الميلشيات الإيرانية للمنطقة

نشرت وزارة الإعلام السورية تسجيلاً مصوّراً لرئيس فرع “البدل والإعفاء” في #القوات_النظامية، العميد “إلياس بيطار”، أشار فيه إلى أنه «يمكن إلقاء الحجز التنفيذي على أملاك ذوي وأهل المُكلّف، الذي يتأخر عن تنظيم إضبارة “بدل فوات الخدمة”، بعد تجاوزه سن التكليف، المحدد باثنين وأربعين عاماً».

ومع هذا الإعلان، الذي شكّل صدمة للسوريين، داخل البلاد وخارجها، احتشد الأهالي أمام دوائر السجلات العقارية، لبيع ممتلكاتهم، أو نقل ملكيتها إلى آخرين، فراراً من شبح تصريح “البيطار”، وخوفاً من قيام #الحكومة_السورية بإلقاء الحجز على أموال فروع وأصول المكلّف، الذي رفض أداء الخدمة، أو لم يدفع بدلاً نقدياً، قيمته ثمانية ألاف دولار أمريكي.

 

هلع محلي يستنفر أبناء الجنوب

في تشرين الثاني/أكتوبر 2020 استبشر الشباب بمحافظة #درعا خيراً، بعد إعلان الرئيس السوري بشار الأسد عن قائمة أسعار بدل الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، بعد إتمام مدة إقامة معيّنة خارج سوريا، وفق مبالغ تراوحت بين سبعة وعشرة آلاف دولار أميركي.

ولكن «إعلان مصادرة أموال وممتلكات كل من يبلغ سن اثنين وأربعين عاماً، سواء كان داخل سوريا أو خارجها، ممن لم يؤدوا الخدمة العسكرية، أثار هلع أهالي درعا، وجعلهم يتوجهون نحو مكاتب دائرة السجل العقاري في المدينة، للمسارعة في نقل أملاكهم إلى ذويهم، الذين أدوا الخدمة الإلزامية، أو إلى نساء العائلة»، وفق ما أفادت “مريم أبازيد”.

وتقول “أبازيد”، المعلمة في مدرسة “القصور الإعدادية”، لموقع «الحل نت»، إن «القرار لم يكن بالحسبان لدى الأهالي، ففي #الأردن، البلد المجاور لسوريا، والذي يحتضن أعلى نسبة من لاجئي المحافظة الجنوبية، سارع أقاربها لاستصدار وكالة من السفارة السورية، لنقل أملاكهم، أو حتى بيعها، للهروب من الحجز، الذي هددت به الحكومة السورية».

وأشارت “أبازيد” إلى أن «التهافت على مديرية العقارات في المدينة، خلق أزمة طوابير، تكاد تضاهي أزمتي الخبز والغاز، وفي الوقت ذاته زادت تكاليف معاملات نقل الملكيات وبيعها أضعافاً، بسبب الرشاوى، ورفع أسعار العقارات من قبل السماسرة».

ومن جهته أبدى “أبو محمد المسالمة”، مختار حي “الكشاف” بالمدينة، خلال حديثه لموقع «الحل نت»، دهشته  من هذه الإجراءات، فهو يعتقد أن «حركة العقارات ستُستغل من قبل تجّار ضعاف النفوس، لبيعها لعناصر تابعة لميلشيات إيرانية ولبنانية، وإحداث شرخ ديمغرافي في المنطقة»، حسب تعبيره.

 

هل القانون يسمح حقاً بحجز أموال أقارب المطلوبين؟

بحسب المرسوم التشريعي رقم “63”، في العام 2012، يحقّ لسلطات الضابطة العدلية، أثناء إجراء تحقيقات بخصوص الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وكذلك الجرائم الواردة في قانون “مكافحة الإرهاب”، مخاطبة وزارة المالية خطياً، وطلب اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتهم.

وعليه أوضح المحامي “توفيق أبو عليقة” أنه «لا توجد رقابة دستورية على القوانين العقارية في سوريا. أما بشأن إمكانية إلقاء الحجز على أموال ذوي المُكلّف، وأقاربه، فلا يوجد نص يسمح بذلك، ولا يوجد في قانون خدمة العلم، أو قانون تحصيل الأموال العامة، نصٌ يسمح لوزير المالية بإلقاء الحجز على أموال أي من أفراد عائلة أو ذوي المُكلّف، الممتنع عن تسديد بدل فوات الخدمة. بل وإن القانون لا ينصّ سوى على الحجز على أموال المُكلّف ذاته».

ويتابع “أبو عليقة” في حديثه لـ«الحل نت»: «رغم هذا فإن حق استعادة الممتلكات العقارية ليس محفوظاً في سوريا، وذلك بسبب عدم وجود قيود دستورية، تضمن آلية للفصل بين السلطات، وكذلك بسبب التقاعس عن إصلاح السلطة القضائية، وتحريرها من السلطة التنفيذية، ما يعني أننا في حالة أحكام عرفية، ناتجة عن استمرار العمل بقانون الطوارئ، ولن يستطيع المواطنون مجابهتها».

وربط “أبو عليقة” تصريح “البيطار” بالقانون الذي أقرّه #مجلس_الشعب السوري، المتضمّن تعديل بعض مواد القانون رقم 11 لعام 2011، المتعلق بتملّك غير السوريين للعقارات، والذي يعدّه المحامي السوري «قانوناً خطيراً، يمكن بموجبه منح الميلشيات الإيرانية والأفغانية والعراقية والباكستانية وحزب الله، وغيرها من القوى الأجنبية، حرية التملك والتصرف في عقارات السوريين المُهجّرين، ولا يمكن إيقاف هذا القانون إلا بقرار من الأمم المتحدة».

وتضمّنت مواد القانون جواز إنشاء أو تعديل أو نقل أي حق عيني عقاري، في أراضي الجمهورية العربية السورية، لاسم أو منفعة شخص غير سوري، طبيعياً كان أم اعتبارياً، وتملّك البعثات الدبلوماسية والقنصلية، والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، والمراكز الثقافية، لمقرات لها، أو لسكن رؤسائها أو أعضائها.

 

سرقة أم جريمة تغيير ديمغرافي؟

«قوانين الحكومة السورية تهدف لاقتلاع أهل سوريا من وطنهم، وسرقة ممتلكاتهم، ضمن عملية ممنهجة. أما قيام هذه القوانين بملاحقة أقارب الشخص المكلّف فهو أمر غريب، ولا يمكن تقبّله منطقياً، ودليل على الإفلاس الكامل في موازنة الدولة»، بحسب المهندس “كمال التركماني”، الذي غادر البلاد مؤخراً، لرفضه أداء الخدمة الإلزامية.

وأضاف أن «كل القرارات الصادرة عن الحكومة السورية مبرمة نتيجة ضغط حلفائها، من أجل استكمال جريمة التغيير الديمغرافي، وبيع عقارات السوريين بالمزادات، وشرائها بثمن بخس، من قبل رجال أعمال إيرانيين. وتندرج تحت بند السرقة الممنهجة»، حسب تعبيره.

ويفيد المواطن “كريم المفعلاني”، نقلاً عن سماسرة العقارات في المحافظة، أن «تعداد العقارات، التي تم شراؤها في المحافظة، خلال شهر شباط/فبراير، وصل إلى أكثر من ثلاثمئة عقار، فيما تتراوح قيمتها بين خمسة وعشرين ومئة وخمسة وعشرين مليون ليرة سورية، على اختلاف المساحة والموقع. وقد تكون نسبة كبيرة منها قد بيعت لأجانب».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.