في سياقِ الحربِ السُّورية، من السَّهل التّفكير في التّضحيةِ من حيث عدد الوفيات من المقاتلين في ساحات القتال، معظمهم من الرجال، إلا أن حصر التفكير ضمن هذه المصطلحات، يُلحِق ظلماً كبيراً بالتضحيات الهائلة التي قدّمتها النساء السوريات غير المقاتلات خلال عقدٍ من النزاع.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت في تقريرٍ لها، إنه «ما لا يقل عن 9264 امرأة لا تزال قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في سوريا»، حيث تتواجد الغالبية العظمى منهن في مراكز الاعتقال والسجون سيئة السمعة التابعة للحكومة السورية.

التقرير أكّد أيضاً أن 94 امرأة على الأقل تعرّضت للتعذيب حتى الموت بين جدران تلك السجون، وهذا دليل على الدور المصيري الذي لعبته النساء من حيث نشاطهن السياسي ومساهمتهن ضمن صفوف المجتمع المدني، بحسب تقريرً لـ (The National).

تكلفة النشاط في سوريا، غالباً ما تأتي بنسبةٍ أكبر على النساء اللواتي يتعين عليهن تحمّل قدرٍ أكبر من النبذ والتمييز الاجتماعي إذا ما أُطلِق سراحهن من السجون، لأنه غالباً ما يُفترض أنه قد اُنتُهِكن جنسياً خلال فترة الاعتقال.

كذلك وثّقت الشبكة المذكورة، مقتل ما لا يقل عن 16 ألف امرأة خلال النزاع، ومن المحتمل أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير نظراً لمعايير التحقق من صحة الأرقام المذكورة أعلاه والعوامل الأخرى.

رقمٌ آخر مرعب يظهر حجم حوادث العنف الجنسي بحق النساء، والذي إذا ما ثبت أنها كانت ممنهجة؛ فإنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

فقد وثّقت الشبكة ما لا يقل عن 11523 حادثة عنف جنسي ضد النساء، ما يزيد عن 8000 منها يُزعم أن أجهزة المخابرات السورية قد ارتكبتها، ومن بينها 879 حادثة في مراكز الاعتقال.

فيما يأتي #داعش في المرتبة التالية في هذه الفئة من الجرائم بالتحديد، حيث ارتكب التنظيم 3487 حالة اعتداء.

وتروي هذه الأرقام معاناة كبيرة، إلا أنها تفشل في تغطية اتساع نطاق التحديات التي تواجه النساء بسبب الحرب.

فصحيح أن الرجال مسؤولون عن معظم حالات الوفاة في النزاع بحكم حقيقة أنهم يشكّلون الجوهر في الوحدات العسكرية في جميع أطراف النزاع، إلا أن الكثير منهم تركوا خلفهم عائلاتهم ويتعيّن عليها الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة.

حيث اضطرّت بعض هذه العائلات إلى الهروب من أجل كسب لقمة العيش في مخيمات النازحين داخل البلاد أو لاجئين في البلدان المجاورة.

كذلك دفعت الحرب بالعديد من تلك النسوة، اللاتي أجبرن على أن يصبحن ربات أسر بين ليلة وضحاها، إلى دنيا أخرى، حيث كان يتوجب عليهن الكفاح وحيدات كآباء لتأمين لقمة العيش لأطفالهن وإعالة أقاربهن.

حالاتٌ عديدة سلّطت الصحيفة الضوء عليها، توضّح ما تعرّضت له النساء السوريات من أشكال الظلم في حياة اللجوء، من بينها امرأة في لبنان، استُدرِجت من سوريا بوعدٍ بالحصول على وظيفة، لترى نفسها مجبرةً على ممارسة الدعارة لأشهرٍ متتالية.

إضافةً لنسوةٍ عانين من العنف الأسري من قبل أزواجٍ عاطلين عن العمل يعيشون حياة بؤس وفقر، فضلاً عن فتياتٍ أُجبِرن على الزواج المبكر في سن الثالثة عشر من أجل تخفيف الأعباء المالية على أسرهن.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.