عادت إلى الواجهة مسألة إعادة افتتاح #المعابر بين مناطق سيطرة كل من #المعارضة و”هيئة تحرير الشام” جبهة #النصرة سابقاً، مع مناطق السلطات #السورية، بعد نحو عام على حالة الهدوء النسبي، وانخفاض وتيرة #المعارك العسكرية.

لكن هذا الهدوء لم يكن مفيداً للسلطات السورية بشكل كبير، حيث تعيش مناطق سيطرته أزمةً #اقتصادية حادة وارتفاعاً في أسعار المواد والسلع الأساسية، وزادت من حدتها كلاً من العقوبات #الاقتصادية، وجائحة #كورونا.

لا شك أن مسألة إعادة فتح المعابر تطرح أمامنا مجموعة من التساؤلات لعل أبرزها: ما سبب طرح هذه القضية من الجانب #الروسي في هذا التوقيت؟ وهل هناك فوائد #اقتصادية وسياسية لكل من السلطات #السورية وروسيا من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى؟

ما قصة المعابر؟ وما دور تركيا؟

في 23 آذار الماضي، اقترحت #روسيا على #تركيا فتح ثلاثة معابر بين مناطق سيطرة السلطات السورية ومناطق المعارضة شمالي سوريا، وهي “سراقب” شرقي إدلب، و “ميزناز” غربي حلب، في منطقة “خفض التصعيد الرابعة”، و “ممر أبو الزندين” المتاخم لمدينة الباب في منطقة “#درع_الفرات”، شرق #حلب.

وتضمّن المقترح الروسي «تنظيم دخول المساعدات الإنسانية، وتخفيف صعوبة الأوضاع الإنسانية في الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا، اعتباراً من 25 آذار».

في المقابل، امتنعت تركيا عن الرد المباشر على التصريحات الروسية بخصوص المعابر، واقتصر رد فعلها على تصريح إعلامي نفت فيه اتفاق أنقرة مع موسكو على فتح المعابر الثلاثة.

إلا أن موقع (روسيا اليوم) نقل عن نائب محافظ إدلب في الحكومة السورية، “فادي سعدون” قوله إن «تركيا قدمت ضمانات بعدم تعطيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه لفتح معابر في محافظتي إدلب وحلب».

وأوضح السعدون أن أحد المعابر الثلاثة وهو “سراقب”، كان قد افتتح في شباط الماضي، إلا أن الفصائل المسلحة في #إدلب عطلت تطبيقه، ومنعت الأهالي من العبور، واستهدفت المعبر بقذائف الهاون، حسب تعبيره.

مسألة قديمة متجددة.. و”تحرير الشام” من أوائل المرحبين!

لم تكن مسألة إعادة فتح المعابر بالجديدة، حيث تحاول روسيا إعادة إحياء بنود اتفاق “سوتشي” بين روسيا وتركيا الذي تم توقيعه في 5 آذار 2020، وبخاصة بند إعادة تشغيل طرق الترانزيت حلب- اللاذقية المعروف باسم (m4)،  وطريق دمشق -حلب الدولي المعروف باسم (m5) وتسيير دوريات مشتركة، قبل توقف العمل به لاحقاً نتيجة الاحتجاجات الشعبية من سكان إدلب.

على الجانب الآخر، كانت “هيئة تحرير الشام” من أوائل المرحبين بإعادة افتتاح المعابر طوال الفترات الماضية، حيث حاولت منذ العام الماضي إعادة فتح معابر تجارية مع مناطق سيطرة الحكومة السورية.

إذ أعلنت في شهر نيسان عام 2020، عن نيتها فتح معبر في منطقة “سراقب” بريف إدلب و “ميرناز ” بريف حلب، مبررة ذلك حينها بأنه «من أجل تصدير الفائض الإنتاجي الموجود في الشمال السوري».

لكن توجه “تحرير الشام” لم ينجح حينها، واصطدم بموجة سخط شهدتها مناطق في إدلب، واعتصاماتٍ لمدنيين قطعوا الطرق التي تتجه نحو هذه المعابر.

وعن رغبة “هيئة تحرير الشام” في إعادة تفعيل عمل المعابر، كشف المغرد السوري المعروف باسم “أس الصراع” ويعرف نفسه بأنه منشق عن “هيئة تحرير الشام” على موقع تويتر أن «الدخل الشهري لهيئة تحرير الشام انخفض من 9 مليون #دولار إلى 6 مليون بعد إغلاق المعابر مع السلطات السورية.

مع العلم أنها لا تزال ترسل الوقود والغاز والعملة الصعبة والأشخاص عبر #التهريب من ميرناز وسراقب للحكومة السورية، وفتح المعابر سينعش فقط السلطات السورية و”هيئة تحرير الشام”، وسترتفع الأسعار في مناطق المعارضة، بحسب “أس الصراع”.

في السياق، قال الصحفي الاقتصادي “أيمن محمد” لموقع (الحل نت) إن «جميع المعابر أغلقت بين مناطق السلطات السورية والمعارضة بعد بدء انتشار فيروس #كورونا ولم يعاد فتحها».

وأضاف أن «الاحتجاجات الشعبية لسكان الشمال السوري ساهمت بشكل كبير في وقف افتتاح المعابر، ولولا هذه الاحتجاجات الرسمية والشعبية، لكانت هيئة تحرير الشام أول المباركين والمرحبين بإعادة المعابر للعمل من جديد».

وأشار الصحفي الاقتصادي إلى أن «المستفيد من عملية افتتاح المعبر، هي الهيئة بالدرجة الأولى التي ستفرض ضرائب على كل سيارة تدخل أو تخرج من المعبر، والتجار المقربين منها، إذ  يسيطرون على عمليات استيراد السلع الأساسية من تركيا وتوزيعها في إدلب وما حولها».

وترتبط مناطق سيطرة المعارضة السورية مع الجانب التركي بالعديد من المعابر، أبرزها باب الهوى في محافظة إدلب، وعفرين وباب السلامة والراعي في ريف حلب الشمالي، وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي.

أين تكمن مصلحة روسيا والنظام السوري؟

جاءت التصريحات الروسية بإعادة فتح المعابر بين مناطق السلطات السورية والمعارضة، بعد أيام قليلة من تصعيد عسكري شمال إدلب، حيث استهدفت الطائرات الروسية محيط معبر “باب الهوى” مع تركيا، وشركة “وتد” للمحروقات في إدلب، عقبها استهداف أسواق النفط في ريف حلب.

ويرى المحلل الاقتصادي “فراس شعبو” أن «موضوع المعابر مهم جداً بالنسبة لروسيا، ويحمل نوايا سياسية واقتصادية، فالسلطات السورية تعيش حالة من الاختناق الاقتصادي، وروسيا تحاول إقناع العالم بأن السلطات تعمل على مد يد التواصل مع الطرف الآخر».

وتأتي هذه المحاولة في إطار الجهود الروسية لإعادة تعويم السلطات السورية سياسياً، لكن هناك عدم إجماع دولي على إعادة تأهيل تلك السلطات، وبنفس الوقت هناك عدم إجماع دولي على إزالته، وهذا مايزيد الوضع تعقيداً، بحسب شعبو في تصريح لموقع (الحل نت).

وفيما يخص الشق الاقتصادي، أوضح شعبو أنه «في مناطق المعارضة هناك حرية التداول بالعملة الصعبة، وكذلك الحصول على السلع والمواد #الغذائية كون شمال سوريا على تماس مباشر مع تركيا، ومعظم المنتجات تأتي  من هناك بحرية تامة، وهذا ما تريده الحكومة السورية، من خلال تدفق هذه الأموال والسلع إلى مناطقه ما يخفف نوعاً ما من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها».

وتعترف الحكومة في دمشق بأهمية مناطق المعارضة ودورها في تأمين القطع الأجنبي لها، وهذا ما عبّر عنه “#بشار_الأسد” في مقابلة مع قناة (الإخبارية) عام 2019 وقال حينها إن «تحرير منطقة ليس بالضرورة أن يخدم الليرة، تحرير منطقة قد يلغي الدولار الذي كان يأتي لصالح الإرهابيين الذين كانوا يصرفونه لشراء بضائع من جانب، أو لضخه من جانب آخر، وكانت إحدى أدوات الدولة هي الاستفادة من هذا الدولار»، على حد قوله.

وأكد المحلل الاقتصادي أنه «قد تكون المعابر أيضاً سوق لتصريف البضائع القادمة من سيطرة الحكومة، فلا تزال هناك مؤسسات وشركات تنتج بالحد الأدنى، أما البنية التحتية لدى المعارضة فهي ضعيفة، لكن موضوع إعادة فتح المعابر لن يتم دون التوصل إلى تسوية أو توافق دولي، رغم محاولات روسيا المستمرة بهذا الاتجاه».

وختم حديثه قائلاً: اليوم كثير من السلع المحظورة على السلطات تتدفق إلى مناطقها، هناك شاحنات نفط تصل من إيران لقناة السويس، ومن ثم إلى سوريا بعلم المجتمع الدولي، والهدف منها تأمين الحد الأدنى لاحتياجات السلطات التي تعيش أصعب حالاتها، في ظل العقوبات ويحاول الاستمرار فقط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة