بين النفي والتأكيد، عادت قضية زيادة #الأجور والرواتب في #سوريا إلى الواجهة من جديد، في وقت بات المواطن السوري غير قادر على شراء حاجاته الأساسية، وارتفعت تكلفة معيشته إلى أضعاف راتبه #الشهري.

عادة ما تؤدي زيادة #الرواتب إلى تحسين مستوى المعيشة وزيادة الرفاهية، لكن مسألة زيادة الرواتب في سوريا أصبحت على مدار السنوات الماضية بمثابة دعوة إلى #التضخم، وارتفاع الأسعار بشكل غير منطقي.

فهل هناك أي بوادر لزيادة الرواتب خلال الفترة المقبلة؟ وكيف ستنعكس الزيادة على حركة الأسواق والأسعار؟ ويبقى السؤال الأهم: من المستفيد من هذه الزيادة التاجر أم المواطن؟

الزيادة بين النفي والتأكيد

توالت التصريحات الرسمية وشبه الرسمية خلال الفترة الماضية حول موضوع الرواتب، حيث كانت البداية مع تصريح وزير المالية في الحكومة السورية “كنان ياغي” لقناة (الإخبارية السورية) بقوله «هناك إمكانية بعد رمضان ليكون هناك مقاربة أخرى للرواتب والأجور، بعد توجيهات من الرئيس #بشار_الأسد لتحسين المستوى المعيشي»، بحسب وصفه.

من جهته، رئيس الحكومة “حسين عرنوس” نفى تصريحاته التي تداولتها وسائل إعلام رسمية وغير رسمية سابقاً، بأن هناك زيادة مرتقبة على الرواتب.

وأفاد عرنوس خلال رده على مداخلات أعضاء المجلس العام لـ”اتحاد نقابات العمال”،  أنه «من الضروري قبل الحديث عن الزيادة، تصويب الراتب بشكل صحيح أولاً، بحيث يُحدد بحسب كل فئة”، معتبراً أن “الحوافر هي الباب الوحيد المفتوح لتحسين الدخل».

بدورها، أشارت الباحثة الاقتصادية “رشا سيروب”  لموقع (الاقتصادي) المحلي إلى أنه «رغم تخصيص 7 تريليونات ليرة سورية كاعتمادات جارية، لا توجد زيادة مرتقبة في الرواتب بمشروع موازنة العام المالي الجديد».

وكانت آخر زيادة على الرواتب والأجور في سوريا عام 2019، إلا أنه تم الاستعاضة عن الزيادات بمبدأ المنح المالية، فمنذ شهر تشرين الأول- أكتوبر 2020 تم صرف 3 منح مالية بنحو 320 مليار ليرة سورية، وفق تصريحات وزير المالية “كنان ياغي”.

5 زيادات لكن قيمة الرواتب في انخفاض!

منذ 2011 تم زيادة الرواتب 5 مرات، حيث كان متوسط راتب الموظف عام 2010 ما يقارب 10 آلاف ليرة سورية (200 دولار)، وكان سعر صرف الدولار لا يتجاوز 50 ليرة سورية.

كانت الزيادة الأولى على الرواتب في آذار عام 2011، بعدما أصدر الرئيس السوري “#بشار_الأسد” المرسوم رقم (44) بزيادة على الراتب بمقدار 20 إلى 30%، بما يعادل 1500 ليرة سورية للراتب المقطوع.

أما الزيادة الثانية فكانت عام 2013، حيث أصدر الأسد مرسومين يقضي أحدهما بزيادة تتراوح ما بين 5% و40% في رواتب العاملين المدنيين والعسكريين بالقطاع العام والمؤسسات التي تزيد مساهمة الدولة فيها على 75%، والآخر بزيادة معاشات التقاعد بنسب تتراوح بين 10% و25%، على أن يتم رفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 13 ألف و670 ليرة سورية.

علماً أنه وفي تلك الفترة وصل سعر صرف الدولار لـ(150 ليرة)، أي أن راتب الموظف لا يتجاوز 92 دولاراً.

وفي شهر أيلول عام 2015، تم الإعلان عن زيادة جديدة في الرواتب، حيث أصدر “بشار الأسد” المرسوم التشريعي رقم 41، وأضاف مبلغ شهري مقطوع على الراتب يقدر بـ2500 ليرة سورية.

كما أصدر المرسوم رقم 42، الذي يقضي برفع الحد الأدنى المعفى من الضرائب والأجور من 10 آلاف إلى 15 ألف ليرة سورية، حيث وصل سعر صرف الدولار في تلك الفترة نحو 325 ليرة للدولار الواحد، وتعادل الزيادة التي نص عليها المرسوم نحو 8 دولار، لتصبح قيمة راتب الموظف في سوريا في تلك الفترة نحو 57 دولار فقط.

وعلى وقع تدهور الليرة السورية، زادت الرواتب مرة أخرى عام 2016، إذ أصدر الأسد المرسوم رقم 13، بإضافة مبلغ وقدره 7500 ليرة ولا يخضع هذا المبلغ لأي حسومات أو ضرائب، وبالتالي بات مجموع ما يتقاضاه الموظف يصل لنحو 30 ألف ليرة سورية، بينما وصل سعر صرف الدولار في تلك الفترة نحو 490 ليرة سورية، أي أصبح راتب الموظف لا يتعدى 62 دولار.

وكانت الزيادة الأخيرة على الرواتب عام 2019، حيث صدر مرسوم بإضافة 20 ألف ليرة، على رواتب المدنيين والعسكريين، و16 ألف ليرة لأصحاب المعاشات التقاعدية، وبلغ سعر صرف الليرة مقابل #الدولار في تلك الفترة نحو 757 ليرة للدولار الواحد، وأصبح راتب الموظف نحو 60 ألف ليرة سورية (66 دولار) وفق أسعار الصرف حينها.

وبقيت الرواتب منذ ذلك الحين دون زيادة، رغم الانهيار المتتابع في قيمة الليرة السورية، حيث أصبح الحد الأدنى للراتب 47,675 ليرة، والأعلى 80,240 ليرة، والوسطي نحو 60 ألف ليرة، أي ما يعادل 16 دولار أمريكي فقط في الشهر، وأقل من 200 دولار في السنة.

زيادة في التضخم!

لطالما كان الشارع السوري يتخوف من مسألة زيادة الرواتب، كونها وسيلة لزيادة ومضاعفة الأسعار من قبل التجار والقائمين على استيراد المواد الأساسية.

وقال “سامر عيّاش” وهو موظف حكومي إن «زيادة الرواتب تعني زيادة الأسعار بشكل غير منطقي وغير مبرر، فالموظف يحزن عند سماع خبر زيادة الرواتب، لأنه يعلم أن الأسعار سترتفع حتى قبل أن تصل الزيادة إلى جيبه».

وأضاف عياش لموقع (الحل نت) أنه «بدلاً من دراسة زيادة الرواتب أو إعطاء منحة، يجب العمل على ضبط السوق والأسعار، فزيادة السيولة المالية بيد المواطن لا قيمة لها طالما أن المنتجات يتضاعف سعرها».

ووفقاً للمكتب المركزي للإحصاء، وصلت نسبة التضخم في سوريا بنهاية آب 2020 إلى أكثر من ألفين و107% مقارنة بعام 2010، وخسرت الليرة السورية نحو 190% من قيمتها على أساس سنوي بمقدار 2440 ليرة لكل دولار.

في السياق، قال الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق (فضل عدم ذكر اسمه) إن «هناك مجموعة من الطرق التي يتم على أساسها زيادة الرواتب في سوريا، أبرزها تكون من التمويل بالعجز أو من هوامش الموازنة العامة للدولة، وهذه الآليات لا تفيد المواطن بل تؤدي لزيادة كبيرة في الأسعار».

وأضاف أستاذ الاقتصاد لموقع (الحل نت) أن «الحديث عن زيادة جديدة في الرواتب يعني المزيد من التضخم، فإذا تم زيادة الرواتب بنسبة 100%، فإن التضخم سيزيد بمعدل 500%، والسلطات السورية تعرف هذا جيداً، ولهذا يتم خلال كل فترة صرف منحة مالية تعادل راتب شهر، لتهدئة المواطن الذي لم يعد يستحمل ارتفاع الأسعار وشح المواد».

وختم المصدر حديثه بالتأكيد على أن «بدلاً من زيادة الرواتب، يجب التوجه نحو تخفيض أسعار السلع، وعودة الإنتاج من جديد، وتخفيف القبضة الأمنية على التداول بالدولار الذي يرفع يد السوق السوداء عن التحكم بسعر الصرف، فتحسين الاقتصاد هو من يحسن دخل المواطن ومعيشته، وليست زيادة الرواتب خلال المرحلة الراهنة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.