البنك المركزي بين حاكم سابق ولاحق.. من يتحكم فعلياً بسعر صرف الليرة السورية؟

البنك المركزي بين حاكم سابق ولاحق.. من يتحكم فعلياً بسعر صرف الليرة السورية؟

منذ أن أُقيل حاكم مصرف سوريا المركزي “#حازم_قرفول” في نيسان الماضي، فجأة بدأ سعر صرف #الليرة السورية يشهد تحسناً بنسبة تزيد عن 30% خلال شهر واحد، إذ ارتفعت قيمة الليرة السورية من 5 آلاف ليرة إلى نحو 3100 ليرة للدولار الواحد، في وقت مازالت تعيش البلاد أسوء أزمة #اقتصادية لم تشهدها منذ عقود.

كثيرٌ من التحليلات الاقتصادية التي تم طرحها خلال الفترة الماضية عن السبب الجوهري لاستعادة الليرة السورية جزء من قيمتها، فالبعض يقول إن الانهيار السابق كان نتيجةً طبيعية للسياسات الاقتصادية الخاطئة المتّبعة قبل قدوم حاكم #المصرف المركزي المُعيّن حديثاً.

فيما يرى آخرون أن تحسن الليرة هو “#لعبة” مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية في #سوريا.. وأمام كل هذا يبقى سؤال واحد: هل ستشهد الليرة تحسناً خلال المرحلة المقبلة أم العكس؟

سعر الصرف ما بين الحاكم المُعفى والجديد!

فور إصدار الرئيس السوري “#بشار_الأسد” مرسوم إعفاء حاكم مصرف سوريا المركزي “حازم قرفول” من منصبه الشهر الماضي، بدأت وسائل الإعلام المقربة من السلطات السورية الهجوم على قرفول، وتحميله مسؤولية ارتفاع سعر الصرف خلال عام 2020.

وقالت صحيفة (الوطن) إن «الحاكم السابق للمركزي لم يمتلك تقنية التفكير الصحيح في مجاله المالي والمصرفي، ولم يمتلك الجرأة والمسؤولية ليأخذ إجراء تقنيًا يكبح ارتفاع #الدولار، كما كان يرفض المقترحات المفيدة التي كانت تُطرح لتقوية الليرة، وتعزيز قدرتها أمام الدولار، بحجة أنها مقترحات غير صحيحة».

ومنذ عام 2019، أعلن البنك المركزي أن «المصرف لن يتدخل في السوق ولا بدولار واحد، كما كان يحدث سابقاً، وكل مُقدرات البنك المركزي ستُخصص لتمويل الدولة والسلع الأساسية».

ومع تدهور قيمة الليرة السورية بداية العام الحالي، اقتصر دور المركزي بإدارة “حازم قرفول” على ضبط سعر الصرف من خلال “الإجراءات الأمنية”، وضبط كميات كبيرة من الأموال بالدولار، وفق المرسومين التشريعيين رقم 3و4 لعام 2020 المتعلقين بمنع التعامل بغير الليرة السورية.

إلى جانب التشديد على مسألة “وعي” المواطنين لإعادة استقرار الليرة السورية، بعد انخفاضها إلى مستويات قياسية ووصولها قرب حاجز الـ5 آلاف ليرة.

وبعد يومين فقط من إقالة حاكم مصرف المركزي “حازم قرفول”، ضاعف المركزي سعر الصرف للدولار من 1256 ليرة، إلى 2512 ليرة، كما رفع سعر الدولار لتسليم الحوالات في سوريا لـ2500 ليرة، وأكد المركزي في بيانه أن هذا القرار يأتي في إطار «توحيد أسعار الصرف، وتشجيع الحوالات الخارجية وجذبها عبر الأقنية النظامية، بما يحقق موردا إضافيا من القطع الأجنبي».

وفي 20 نيسان الماضي، أصدر الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بتعيين “محمد هزيمة” حاكماً للمصرف المركزي السوري، الذي كان يشغل منصب النائب الثاني لحاكم المركزي السوري منذ عام 2018، وشغل مناصب عديدة ما بين عضو في إدارة التشريع بوزارة العدل، ومجلس مفوضي “هيئة الأوراق والأسواق المالية”.

ومع القرارات الجديدة، شهدت الليرة السورية مزيداً من التحسن أمام الدولار، حيث وصل سعر الصرف ما بين 3100 إلى 3200 ليرة للدولار الواحد، وهنا السؤال: هل ستستمر الليرة السورية في التحسن؟ أم أنها حالة مؤقتة؟

تحسن مرحلي..وقرارات ذات مفعول مؤقت

كما هو معروف في أساسيات الاقتصاد، فإن تحسن قيمة العملة مرتبط كلياً بالاقتصاد، والسياسة النقدية ودورة عجلة الإنتاج في البلد، وفي سوريا لم يطرأ أي تغيير جوهري خلال الشهر الماضي على صعيد الإنتاج، وإعادة التصدير أو السياحة، أو حتى الحصول على قروض وتمويلات خارجية، لكن قيمة الليرة السورية ارتفعت بمقدار 30%، فما هو السبب؟

هذا السؤال أجاب عنه أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق “رفض كشف اسمه” لأسباب أمنية، وقال «التغييرات التي طرأت على عملية تسعير الليرة السورية مقابل الدولار، تحمل شقين الأول سياسي والثاني داخلي».

وأوضح في حديث لموقع (الحل نت) أن «الشق السياسي، يتعلق بالتحضير للانتخابات الرئاسية في مناطق سيطرة السلطات السورية، وتأتي هذه الخطوة في إطار استمرار بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة، وإرسال رسائل للداخل السوري بأن الإصلاح الاقتصادي قادم، والأوضاع الاقتصادية في تحسن مستمر، لكن المواطن السوري لم يلمس هذا التحسن في قيمة الليرة السورية على أرض الواقع، وعند شراء حاجاته الأساسية التي بقيت أسعارها مرتفعة».

وفيما يخص الشق الداخلي، أشار المصدر إلى أن «قرار رفع قيمة الدولار للحوالات الخارجية، ساهم بشكل كبير في ضخ كتلة نقدية في الداخل، خصوصاً في شهر رمضان، حيث تقدر قيمة حوالات المغتربين للداخل السوري مابين 7 إلى 10 دولار يومياً، ما شكل نقطة قوة في حصول المركزي على كتلة نقدية لمنافسة السوق السوداء في السعر».

ولدى سؤال أستاذ الاقتصاد عن المتحكم فعلياً بالاقتصاد السوري، أجاب: «يندرج الاقتصاد السوري تحت مُسمى اقتصاد الظل، حيث يسيطر عليه مجموعة من رجال الأعمال المحسوبين على العائلة الحاكمة سواء لبشار الأسد أو زوجته، وهذا ما بدا واضحاً بعد تمرد ابن خاله #رامي_مخلوف والخلاف الحاد على الأموال والشركات، التي تقدر بالمليارات، في مقابل ظهور لرجال أعمال جدد، حيث أصبحوا يسيطرون حرفياً على مفاصل الاقتصاد، فلا تدخل حبة رز إلى سوريا دون علمهم وإشرافهم»، بحسب وصفه.

وختم المصدر حديثه بالتأكيد على أن «الليرة السورية تستعيد قوتها بإعادة عجلة الإنتاج إلى العمل، وضبط جماح رجال الأعمال المحسوبين على هذا التيار أو ذاك، والوصول إلى حل سياسي يساعد الاقتصاد السوري المنهار لبدء مرحلة إعادة الإعمار، وعدا ذلك فإن الليرة السورية ستعود إلى مسلسل الانهيار مجدداً بعد وقت ليس ببعيد».

وتقدر الأمم المتحدة خسائر الاقتصاد السوري بأكثر من 440 مليار دولار خلال السنوات الماضية، أما نسبة التضخم فقد وصل الرقم القياسي لأسعار المستهلك إلى أكثر من 2100% مقارنة مع عام 2010 وفق بيانات “المكتب المركزي للإحصاء” التابع للسلطات السورية، وبات دخل المواطن السوري لا يتعدى 18 دولار شهرياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.