المسح الديموغرافي الاجتماعي المتكامل المتعدد الأغراض في #سوريا، كشف عن مشكلة ديموغرافية حقيقية تعيشها البلاد نتيجة ظروف #الحرب.

وأكد المسح عن عامي  2017 – 2018 أن نسبة الذين لم يسبق لهم #الزواج من الذكور 47% ومن الإناث 42.1%، وهي نسبة كبيرة، ويرصد الأعمار من 10 سنوات فما فوق، كما أكد القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي، في 2019 ارتفاع نسبة العزوبة إلى 70% بسبب ظروف الحرب.

المسح المذكور أعلاه، وهو أحدث مسح رسمي في سوريا، لم يعلن صراحة نسبة العزوبية، ولا توجد أي إحصائيات رسمية حديثة وصريحة بهذا الخصوص.

لكن بالنظر إلى عدد واقعات الزواج ضمن المسح، فقد بلغ عدد حالات الزواج 145,721 حالة عام 2011، انخفضت إلى 108,717 عام 2016، إضافة إلى أن واقعات الزواج تكشف عن ارتفاع سن الزواج إلى 31.8 سنة للذكور و26.3 سنة للإناث في عام 2016، من 29.4 سنة للرجال و25.6 سنة للنساء طوال عامي حتى 2009.

عوامل قسرية تؤجل الزواج وربما تلغيه!

وباتت عوامل ارتفاع معدل العزوبية في سوريا معروفة، أكدتها عدة جهات رسمية وخبراء، وهي عوامل تتعلق بالأزمة أهمها العامل الاقتصادي المتدهور بشكل مستمر وارتفاع معدل البطالة، وارتفاع معدل الوفيات والإعاقة أو خطر التعرض للإعاقة أو الوفاة بأي لحظة جراء الحرب وخاصة بالنسبة للذكور المنخرطين في الحرب بشكل أساسي، إضافة إلى الخدمة الطويلة في الجيش أو أي قوات أخرى، دون أفق واضحة للانفكاك عنها.

ويضاف إلى تلك العوامل، التغييب القسري من خطف واعتقال أو التهديد بهما، وتنامي الهجرة أو التخطيط على أساسها طمعاً بواقع أفضل أو هرباً من الخدمة العسكرية أو التهديد بالاعتقال.

لكن العامل الأهم في الوقت الراهن الذي يحول دون الإقبال على الزواج بالنسبة للمستقرين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، هو العامل الاقتصادي المتردي نتيجة انخفاض الدخل وانهيار الليرة، وخسارة الممتلكات والمدخرات نتيجة الحرب.

«مافيني ورط بنت الناس معي، وما بدي جيب ولاد ما أقدر طعميهن»، هذه الجملة هي الأكثر ترديداً بين الشبان السوريين العازبين حالياً، وبات من الطبيعي أن يصل الشاب إلى سن الـ35 عاماً دون أن يفكر حتى بالزواج، في ظاهرة باتت متزايدة وملحوظة بشكل ملفت ضمن الأسر.

وقال زهدي (34 عاماً)، «بصراحة أرغب بالزواج لكن رغبتي ليست كما كانت عندما كنت في الـ25 من عمري، وتغيب بشكل متوازٍ مع انعدام الأفق أمامي بالنسبة لمستقبلي الشخصي، فكيف يمكنني أن أُقبل على الزواج وأنا لا أعلم متى أنهي الخدمة الاحتياطية، وماذا سأعمل لأطعم أولادي، وأين سأسكن، ومن تلك التي ستقبل بواقعي السيء هذا، والأهم: هل سأبقى بهذه البلاد أم سأهرب لأعيش بضعة سنوات جيدة نوعاً ما؟».

وتابع «لا أملك حالياً شيء يؤهلني للزواج، وبالتالي الفكرة مؤجلة إلى ما شاء الله».

ويتقاطع عماد (33 عاماً) مع زهدي في أن فكرة الزواج غير مطروحة بالنسبة إليه حالياً، ولا يعلم إلى متى، لكن يعلم شيئاً واحداً وهو تأمين مبلغ للهرب من سوريا وليس الزواج، وبعد استقراره في الخارج، يمكن أن يبحث في القضية.

كثير ممن التقاهم موقع (الحل نت) من الذكور، وبأعمار ما بين 27 – 35 عاماً، أكدوا أنهم لم يستطيعوا تأمين أجرة المنزل لـ6 أشهر إن أقبلوا على الزواج، فكيف بالتكاليف الأخرى من مهور وفرش منزل وذهب؟، عدى عن أن مداخيلهم الشهرية لا تتعدى الـ300 ألف ليرة سورية بأحسن الأحوال لمن يحملوا شهادات علمية منهم ويعملون بالقطاع الخاص، وهي بالكاد تساوي 100 دولار أميركي لا تكفي زوجين أكثر من 15 أيام في الشهر في أحسن الأحوال مع ضبط النفقات، إن تم اقتطاع أجرة المنزل منها.

وتحتاج الأسرة من 4 أشخاص إلى نحو 1.2 مليون ليرة للعيش ضمن الاحتياجات الأساسية، أي أن شخصان في بداية حياتهما الزوجية، قد يحتاجان نحو نصف المبلغ وهو 600 ألف ليرة.

تكاليف الزواج تصل إلى 10 ملايين ليرة كحد أدنى!

ووصلت إيجارات المنازل الصغيرة المؤلفة من غرفة وصالة فقط في عشوائيات دمشق إلى 75 ألف ليرة سورية إن وجدت، حيث بات العثور على شقة في تلك الأماكن صعباً جداً.

أي أن أجرة غرفة في العشوائيات لمدة 6 أشهر تساوي نحو نصف مليون ليرة، بينما تصل تكلفة إحياء عرس وسطياً ضمن صالة وضيافة عادية دون عشاء، نحو 15 ألف ليرة للشخص الواحد، أي تكلفة دعوة 100 شخص تصل إلى 1.5 مليون ليرة، بينما ترتفع مع عشاء إلى ما بين 30 و60 ألف ليرة وأكثر تبعاً للمكان.

ويبلغ سعر غرفة النوم المستعملة الوسط نحو مليون ليرة ألف ليرة سورية، والبراد المستعمل نحو نصف مليون، والغسالة المستعملة نحو نصف مليون، وتجهيز المطبخ بمعداته الأساسية من جرة غاز وغاز 4 رؤوس وأواني الطهي والطعام وأمور أخرى إلى نحو مليون ليرة سورية كأدنى تقدير لنوعيات العادية.

ويحتاج المنزل لشاشة تلفزيون، المستعمل منها بنصف مليون، وأرخص غرفة جلوس مستعملة نحو 800 ألف ليرة سورية، بينما تبدأ أجرة فستان العروس الوسط من 500 ألف ليرة، وتزداد قيمة الأجرة إلى مليون ليرة وأكثر تبعاً للنوع والجودة والمستلزمات المرافقة، وقد تصل كلفة تجهيز العروس في صالون التجميل إلى نصف مليون ليرة سورية بين قص وتسريح وماكياج وأمور أخرى.

ويصل سعر غرام الذهب عيار 21 إلى 156 ألف ليرة سورية، وعيار 18 إلى 133,714 ليرة، وعليه يصل سعر أرخص محبس 4 غرامات عيار 18 إلى 600 ألف ليرة سورية.

ومن العادات في سوريا أيضاً، أن يدفع العريس ما يطلق عليه اسم (ملبوس البدن) لزوجته، وهو ما لا يقل عن نصف مليون ليرة حالياً بحسب ما استطلعه “الحل نت”، وقد يرتفع إلى مليون ليرة وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الملابس.

أما #العريس، فقد لا يحتاج سوى لشراء البدلة التي يبدأ سعر الوسط منها من 350 ألف ليرة سورية، إضافة إلى تكاليف أخرى قد لا تذكر أمام المدفوعات المذكورة، لتصل كلفة الزواج (دون خطوبة) مع تلبيس خاتم للعروس إلى 9.25 مليون ليرة، وتصل إلى 10 ملايين ليرة مع النثريات وهي قابلة للزيادة، وهذا الرقم طبعاً دون المهر (مقدم ومؤخر).

واقع مؤلم

فرّ أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون سوري خارج البلاد، معظمهم إلى دول الجوار لا سيما تركيا ولبنان والأردن بحسب إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ونزح في داخل البلد أكثر من 6 ملايين إنسان.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 389 ألف شخص، منهم 117 ألف مدني، من بينهم 22 ألف طفل، و14 ألف امرأة، و81 ألفا من الرجال، خلال سنوات الحرب التي أسفرت عن إصابة 2.1 مليون شخص أغلبهم نجم عن إصابتهم بإعاقات دائمة.

وأظهرت نتائج حصيلة مسح الأمن الغذائي، الذي نفّذته هيئة تخطيط الدولة والمكتب المركزي للإحصاء، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي نهاية 2020، والذي نشرت جزءاً منه جريدة (الأخبار) اللبنانية مؤخراً، أن 8.3% من الأسر التي شملها المسح تعاني من انعدام شديد في أمنها الغذائي، و47.2 % منها صنف أمنها الغذائي في خانة الانعدام المتوسط.

في حين أن 39.4% فقط تتمتّع بأمن غذائي مقبول، إلا أنها تبقى معرّضة لانعدام أمنها الغذائي نتيجة أيّ صدمة.

أما الأسر الآمنة غذائياً فنسبتها لم تتجاوز 5.1%، ومن المتوقّع أن تكون هذه النسب قد شهدت خلال الأشهر الأولى من العام الحالي تغيرات متباينة في ظل استمرار موجة الغلاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.