فرار المرشحين من الانتخابات العراقية: خضوع لتهديد السلاح المنفلت أم استراتيجية للتغيير السياسي؟

فرار المرشحين من الانتخابات العراقية: خضوع لتهديد السلاح المنفلت أم استراتيجية للتغيير السياسي؟

وسط احتدام التنافس مع اقتراب #الانتخابات_المبكرة في العراق، وتصاعد عمليات الاغتيال في صفوف المرشحين لخوضها، رجّحت مفوضية الانتخابات العراقية أن يصل عدد المنسحبين من الترشح إلى حوالي مئة مرشح، فضلاً عن استبعاد ثلاثمئة آخرين، لأسباب تتعلق بقضايا جنائية، أو ارتباطهم السابق مع #حزب_البعث المحظور في العراق.

مفوضية الانتخابات، التي قالت إن «مسؤولية حماية المرشحين لا تقع على عاتقها»، أوضحت أنها «تجهل الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الانسحابات المتكررة»، داعية إلى «تنافس شريف بين المرشحين».

 

جدل الانسحاب

بين عجز بعض المرشحين المستقلين المادي عن مواكبة ما يغدقه مرشحو أحزاب السلطة من أموال، وتصاعد التصفيات الجسدية ضد المرشحين، يجد “علي حسن جابر”، المرشح عن كيان “إشراقة كانون”، الاستمرار في السباق الانتخابي صعباً للغاية، في ظل عدم توفر الأمن الانتخابي وتكافؤ الفرص.

المرشح، الذي قدّم أوراق انسحابه إلى مفوضية الانتخابات العراقية، قال لموقع «الحل نت»: «لا يمكن منافسة الأحزاب المتنفّذة، التي تمتلك مالاً وسلطةً، يمكّنانها من التأثير على الناخبين، أما المستقلون فلا يملكون إلا وعود التغيير».

معتقداً أن أساليب الأحزاب المتنفّذة في استمالة الناخبين تُعدّ «خروقات انتخابية واضحة، وعلى مفوضية انتخابات إيقافها، فكل ديمقراطيات العالم لا تسمح باستغلال المنصب الوظيفي، أما في العراق فتُرتكب الانتهاكات برعاية ميلشياوية، وأمام أنظار أصحاب القرار».

وبحسب إحصائيات مفوضية الانتخابات العراقية فإن أعضاء أكثر من عشرين حزباً وحركةً أعلنوا الانسحاب من الترشح، ومقاطعة الانتخابات، مثل #البيت_الوطني، #الحزب_الشيوعي_العراقي، “اتحاد العمل والحقوق العراقي”، “الجبهة المدنية العراقية”، “الملتقى الوطني للمساءلة والعدالة”، “مجلس تشرين المركزي”، “الحزب العراقي الليبرالي”، “تنسيقية بغداد”، و”تجمع القبة البيضاء”.

انسحاب كل هذه الأحزاب والحركات من المشهد الانتخابي يعتبره المهندس “سجاد عبد الحسن الكعبي”، المرشح المنسحب عن قوى #انتفاضة_تشرين،  «محاولةً لإحراج القوى السياسية الأخرى، وإرسال رسالة مفادها عدم الرضى عن غياب الشفافية في الانتخابات، التي تجري وسط سلاح منفلت، وتؤسس لمرحلة الانهيار التام»، حسب تعبيره.

موضحاً، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «انسحاب القوى والأحزاب سيسحب الشرعية، بشكل أو بآخر، من الانتخابات المقبلة، وستكون رسالة إلى كل العالم، بأن ما يجري في العراق من انتخابات مغاير لما يريده الشعب ويسعى إليه، ويمثّل انهياراً للنظام السياسي، الذي تشكّل في العراق بعد العام 2003».

ويختتم حديثه بالقول: «نحن أمام مسرحية، تحاول أحزاب السلطة تمريرها على العراقيين، الذين يتطلعون لإزاحة الطغمة التي هيمنت على السلطة. ولن نقبل أن نكون مجرد شهود زور على هذه المسرحية».

 

حِيَلٌ انتخابية

“كرم الخزعلي”، عضو “تيار الحكمة”، المقرّب من رجل الدين الشيعي “عمار الحكيم”،  يرى أن «ما يجري من انسحابات متكررة من السباق الانتخابي المرتقب قد يكون حيلاَ انتخابية، من النوع الذي تلجأ إليه القوى السياسية قبيل الانتخابات، فبعض القوى تستقطب مجموعة من الأسماء البارزة على الصعيد الجماهيري، لتقطع الطريق أمام منافسيها، وقبيل الانتخابات تطلب منهم الانسحاب، لإخلاء الساحة لشخصيات معينة، تودّ تلك القوى تصديرها، ولا تتمتع بشعبية مماثلة».

“الخزعلي” تابع في حديثه لموقع «الحل نت»: «أياً تكن الأسباب، تبقى الانسحابات شأناً داخلياً للكيانات السياسية المشاركة، أو مرتبطة بقناعات المنسحبين أنفسهم»، مؤكداً أن «بعض الانسحابات جرت لعدم توافر الشروط المنصوص عليها قانونياً في المرشح، وبدلاً من أن يعترف باستبعاده، يعلن انسحابه لحفظ ماء الوجه».

وحول ما يميّز السباق الانتخابي في العراق عن غيره يقول “الخزعلي”: «كل شيء في العراق مختلف، فهناك من يرى الانتخابات صراعاً سياسياً عنيفاً، وهناك من يعتبرها عرساً ديمقراطياً. المهم هنا الابتعاد عن لغة التشهير السياسي، وتوفير الأمن الانتخابي المطلوب».

مضيفاً: «لا يمكن نكران أن الوضع الأمني ينذر بخطر كبير في العراق، كلما اقتربنا من موعد الانتخابات، خصوصاً مع وجود سلاح لا يخضع لسيطرة الدولة، وقد يُستعمل لتأجيل الانتخابات»، لافتاً إلى أن «الانتخابات باتت مطلباً جماهيرياً وسياسياً، وتأجيلها سوف يُدخل البلاد في مشاكل كثيرة».

وكان “تيار المرحلة”، المقرّب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، قد أعلن في وقت سابق الانسحاب رسمياً من سباق الانتخابات البرلمانية المبكرة، معبّراً عن دوافع انسحابه بالعبارة التالية: «هدم أصنام #بغداد يحتاج استراتيجية وصبر فتح مكة».

 

تحالفات طائفية

ويكشف التدقيق في قوائم القوى السياسية، التي ستخوض الانتخابات المقبلة، أنها مبنية على أسس طائفية وعرقية، ما يعني أن الانتخابات القادمة لا تختلف، على هذا الصعيد، عن سابقاتها.

الكاتب والمحلل السياسي “علي البيدر” يقول إن «التحالفات الانتخابية في العراق طائفية وعرقية محضة، وليس أمام الناخب سوى التصويت لأبناء طائفته، وهذا من شأنه تضييق الخناق على خيارات الناخبين».

“البيدر” أضاف لموقع «الحل نت»: «لا يمكن تجاهل وجود بعض الملاحظات على قانون الانتخابات، الذي أقرّه  #مجلس_النواب_العراقي، فهو قانون انحاز لأحزاب وظلم أخرى».

وفي الوقت الذي يؤكد فيه “البيدر” «انحسار فرص الأحزاب الصغيرة بالفوز بمقاعد في البرلمان العراقي»، يوضح أن «أمام الأحزاب والقوى الكبيرة فرص مواتية للفوز، خاصة مع موجة الاغتيالات السياسية والتهديد بالتصفية، التي صارت سائدة في العراق، ودفعت عديداً من مرشحي القوى السياسية الصاعدة للانسحاب».

بالمقابل قلّل “عبد الحسين الهنداوي”، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات،من «أهمية الحديث عن وجود ضغوط على المرشحين»، قائلاً، في تصريحات للصحافة المحلية: «ليست لدينا معلومات عن مرشحين مهددين».

وأشار إلى أنّ «الحكومة العراقية عبرت نصف المسافة نحو الانتخابات، التي لن يكون لها معنى إذا لم تكن نزيهة وحرة وعادلة»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.