يعاني السوريون من أسوأ موجة تقنين كهربائي بتاريخ الحرب التي عصفت بالبلاد منذ 11 عاماً، دون وجود أي توضيح رسمي مقنع يشير إلى سبب زيادة ساعات التقنين التي وصلت إلى 4 ساعات وصل فقط كل 24 ساعة بدمشق العاصمة، وذلك بالتزامن من امتلاء الأسواق بألواح الطاقة الشمسية، وتحول أغلب العاملين بالتمديدات الكهربائية إلى مسوقين لشركات تركيب الطاقة الشمسية لما فيها من أرباح عالية.

وقال عامل التمديدات الكهربائية المنزلية عباس (ن)، إنه توجه من العمل بصيانة وتمديد الكهرباء في المنازل، إلى تركيب منظومات الطاقة الشمسية لكثرة الطلب عليها مؤخراً وخاصة في المناطق التي يعرف سكانها بأنهم من فئة المقتدرين مالياً، فأغلب المنظومات التي نقوم بتركيبها هي في فلل وقصور يعفور، وقرى الأسد، إضافة إلى بعض المنازل في المزة والمالكي والتجارة وغيرها.

وأضاف “هناك نشاط لتركيب المنظومات للورش الصغيرة والمزارع، فقد توجهت كثير من ورش الحقائب والأحذية والخياطة إلى تركيب منظومات الطاقة الشمسية لأنها مخيرة بين التوقف عن العمل أو تأمين الطاقة والاستمرار، بينما توجه بعض الفلاحين وأصحاب المزارع لتركيب منظومات لتشغيل مضخات المياه لتأمين الري بظل موجة الحرارة المرتفعة، فشريحة الصناعيين الصغار والفلاحين هم شريحة مضطرة فعلاً”.

انعدام التخصص

وأشار مهندس الكهرباء عماد (ر) إلى أن “الدراسات التي تعتمد على مهندسين مختصين قليلة جداً، فأغلب من يتجه إلى تركيب المنظومة يستعين بـ(كهربجية) أي حرفيين بأجرة قليلة، لكن هؤلاء ليس لديهم أي دراسة علمية أو خبرة في الموضوع، ما يساهم بخفض الكفاءة وقصر عمر المنظومة، مقابل بعض التوفير”.

وأكد أن أغلب أنواع ألواح الطاقة في السوق (ستوك) وهي ما يروج له (الكهربجية) في سبيل كسر السعر والحصول على فرص عمل أكبر، وأغلب الزبائن في سوريا ليس لديهم أي خبرة بنوع الألواح أو البطاريات وهذه الأمور، فمثلاً هناك ألواح خلية كاملة وهي رخيصة لكن فاعليتها أقل وتعرضها للتلف سريع فإذا تعرض جزء منه للتلف يتعطل كامل اللوح ويفقد فاعليته، بينما هناك أنواع أخرى أفضل مثل نصف الخلية وغيرها”.

وبحسب المهندس فإن تركيب لوح نصف خلية أفضل بكثير من الخلية الكاملة، من ناحية العمر والأداء، وهناك الخلايا ثنائية الأوجه التي تنتج الطاقة من كلا الوجهين بالاستفادة من سطح عاكس، وهذا أبسط ما يمكن شرحه بهذه المنظومات، حيث توجد معايير أكثر دقة وتدخل بمواد صناعة الألواح وميكانيك عملها، وكل ذلك لا يُشرح للعميل، بل يكتفي غير المختصين بوضع عروض على فيسبوك سطحية دون شرح مفصل أو ذكر أنواع، ويستغلون جهل الناس بهذه الأمور ليبيعوهم البضاعة السيئة.

ويصل سعر اللوح خلية كاملة المنتشر والذي يتم الترويج له في الأسواق إلى 1000 ليرة تقريباً للواط أي 0.31 دولار، وبهذا يكون سعر اللوح 330 واط مثلاً نحو 330 ألف ليرة سورية، بينما يصل سعر الواط من الواحد من اللوح نصف الخلية إلى 1300 ليرة سورية أو 0.4 دولار وقد يرتفع أكثر تبعاً لآلية عمله وكفاءته وتصنيعه مثل تلك المصنوعة من البولي كريسال أو المونو وجميع هذه الأنواع في السوق السوري هي صينية المنشأ.

ولتشغيل براد وفريزة وإنارة وشاشة ومروحة وشواحن مع رواتر تصل أقل تكلفة لمنظومة الطاقة الشمسية الخاصة بها إلى 7.5 مليون ليرة، ولتشغيل براد ومكيف واحد طن مع غسالة على البارد وبراد وإنارة وشاشة ومروحة وشواحن وراوتر نحو 13.5 مليون ليرة.

في سوريا أغلى

وبجولة على بعض صفحات فيسبوك العربية في الدول التي تعاني انقطاع التيار الكهربائي، وصلت تكلفة تركيب منظومة الـ3 كيلو واط، أي 3000 واط في ليبيا بحسب العروض على الانترنت إلى 10 آلاف دينار ليبي، والدينار يساوي نحو 5 دولار، أي أن السعر 2000 دولار، وهو ما يساوي بالليرة السورية 6.5 مليون ليرة، بينما تباع منظومة الـ2 كيلو واط شمسي بـ7 مليون ليرة.

وعلى متجر علي بابا يبدأ سعر الواط على اللوح الوسط الصيني خلية كاملة من 0.18 دولار أي نحو 576 ليرة سورية للواط، بمعنى أن اللوح 300 واط يصل سعره ببعض الأنواع إلى نحو 173 ألف ليرة سورية، بينما يباع في سورية بنحو 300 ألف ليرة.

ويعود سبب ارتفاع الأسعار في سوريا بحسب صاحب أحد المحلات في سوق الكهرباء، إلى صعوبة الحصول على إجازات استيراد وارتفاع قيمة الجمركة، وهذا ما شجع التهريب لأنواع رخيصة وسيئة.

لن ندفع!

وأكد مصدر في الوزارة لـ”الحل نت”، أن الحكومة لا تتطلع للاستثمار حكومياً بالطاقة البديلة نتيجة كلفها العالية، وعدم استعدادها للإنفاق بالمليارات على نتائج ليست ضخمة، وبالتالي تركت القضية للاستثمار من القطاع الخاص، وقدمت تسهيلات لذلك، لكن المشاريع حتى اليوم لا تزال صغيرة جداً قياساً بحاجة الشبكة في سوريا أو فردية تكفي مشروع أو منزل.

وافتتح رئيس مجلس الوزراء السابق عماد خميس عام 2018، أول مشروع محطة شمسية لتوليد الكهرباء بكلفة 2.06 مليون دولار حينها، باستطاعة 1.26 ميغاواط عبر 6 آلاف لاقط شمسي وتكفي لإنارة 500 منزل على مدار العام، كما توفر المحطة 500 طن من الفيول سنوياً بقيمة 90 مليون ليرة، وفقا لما نقلته وكالة “سانا” حينها، لكن لا يعرف مصير المشروع اليوم.

وأكدت مؤسسة توليد الكهرباء عام 2018، وجود خطة لإنشاء 9 محطات توليد بالطاقة الكهروضوئية في مناطق الكسوة، ومجادل، جندر، دير عطية، قطينة، السويداء، مصياف، السلمية، والمدينة الصناعية والسكنية في حسياء.

وبحسب تصريحات وزير الكهرباء السابق عام 2017، زهير خربوطلي، تصل الكلفة الإجمالية لمشاريع الطاقة المتجددة التي تنفذها الوزارة ضمن خطتها الاستراتيجية لنحو 97 مليار ليرة، إلا أن تنفيذها سيوفر 48,500 طن فيول بقيمة تتجاوز 8.73 مليارات ليرة سنوياً، لكن كل تلك التصريحات والمشاريع التي خرجت خلال السنوات السابقة لم تنعكس إيجاباً على الشبكة أو الفيول، ولم يظهر أي مشروع حكومي للطاقة البديلة إلى النور سوى الذي افتتحه خميس عام 2018 ولا يوجد دليل أو تصريح رسمي بخصوص فاعليته وعمله حالياً، وفي عام 2021 بدأت مشاريع الطاقة الشمسية تعود للتطبيق في المناطق الصناعية لكن على حساب التجار والصناعيين.

وفي تشرين الأول 2018، كشف وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي عن إجراء مناقشات مع الطرف الإيراني، لتنفيذ مزرعة ريحية من أجل إنتاج الكهرباء باستطاعة 50 ميغاواط، وضخها في الشبكة الكهربائية السورية.

تساعد حتى 5% فقط في 2030

وبحسب ما قاله مدير الإنتاج في المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء، نجوان خوري، مؤخراً، فإن كمية الطاقة الكهربائية المُنتجة حاليا تصل إلى 2000 ميغاواط في سوريا وهي تعادل 25% من الحاجة الكلية للكهرباء في حين، يحتاج سد عجز الكهرباء في عموم المحافظات إلى 4500 ميغاواط.

وقلل حينها خوري من أهمية الطاقة البديلة بشكل عام في سد العجز الحاصل بالطاقة الكهربائية، قائلاً إن مشاريع الطاقة البديلة تؤمن بين 30 إلى 100 ميغاواط لكل منها، وهي نسبة قليلة جداً نسبةً إلى العجز الموجود، لكنها قد تساهم في رفد الشبكة في بعض القرى.

ووضعت وزارة الكهرباء استراتيجيتها للطاقات المتجددة لغاية عام 2030 بموجب ما كشفت عنه الوزارة عام  2019 بعهد عماد خميس، بحيث تكون نسبة مساهمة الطاقات المتجددة لا تقل عن 5% من إجمالي الطاقة الأولية التي سيزداد الطلب عليها عام 2030 (1500 ميغاواط لواقط كهروضوئية، 900 ميغاواط عنفات ريحية، 1.2 مليون سخان شمسي)، أي أن مجمل الطاقة المولدة بحسب الخطة من الطاقات المتجددة عام 2030 في حال نفذت كل المشاريع والخطط هي 2400 ميغاواط، وتبعاً للعجز الحالي فإن البلاد بحاجة حوالي 2100 ميغLS

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.