“اشتراطات” على البرامج الحوارية: هل تسعى قوى سياسية لتقييد حرية الإعلام في العراق قبيل الانتخابات؟

“اشتراطات” على البرامج الحوارية: هل تسعى قوى سياسية لتقييد حرية الإعلام في العراق قبيل الانتخابات؟

فوجئت الأوساط الصحفية العراقية بفرض قواعد واشتراطات جديدة على البرامج الحوارية المتلفزة، والأشخاص المستضافين فيها، أصدرتها “هيئة الإعلام والإرسال العراقية”، وهي الجهة الرسمية التي تراقب عمل المؤسسات الإعلامية، وتمنحها رخص العمل.

وأثارت القواعد الجديدة موجة من الانتقاد والرفض وعدم الرضا بين الصحفيين العراقيين، فقد اعتبرها كثير منهم محاولة لتقييد حرية الإعلام، وإسكات الأصوات المطالبة بمحاربة الفوضى والفساد، ومنع انتقاد الأحزاب، التي تشكّل النظام السياسي، خاصة قبيل الانتخابات المبكرة، المزمع إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وتشهد كثيراً من التوتر، ودعوات الانسحاب والمقاطعة والتأجيل.

ما القواعد الجديدة؟

وتضمّنت وثيقة، صادرة عن “هيئة الإعلام والإرسال”، شروطاً للتناول الإعلامي في البرامج الحوارية للفضائيات المحلية، تُلزم بموجبها المؤسسات الإعلامية بـ«مراعاة المعايير المهنية، واستضافة ذوي الاختصاص والكفاءة العالية، ومن لديهم القدرة على تدارك المواقف المحرجة، وعدم الوقوع في الأخطاء، التي تؤدي إلى تأزيم الوضع السياسي والأمني وحتى الاجتماعي»، داعيةً إلى «عدم استضافة أفراد مجهولين، يرفضون تحمّل مسؤولية تصريحاتهم. وإبداء غاية الحرص، لدى طرح محاور النقاش، على تمثيل وجهات النظر المتعددة في قضية معينة».

كما طالبت وثيقة الهيئة القنوات الفضائية بـ«تجنّب دعوة أفراد أو جهات محظورة دستورياً وقانونياً، أو مدانين وفق أوامر قضائية»، مشددةً على «عدم السماح لضيوف البرامج بطرح الحوارات، التي تشكّل تهديداً للنظام الديمقراطي في العراق، أو تساهم في تعطيل الانتخابات».

ردود أفعال رافضة

“وليد العبودي”، رئيس تحرير صحيفة عراقية محلية، يصف اشتراطات “هيئة الإعلام والإرسال” بأنها «محاولة لتنفيذ أجندات حزبية محضة، هدفها إيقاف تبنّي بعض الوسائل الإعلامية المستقلة أصواتاً منتقدة للأداء الحزبي والحكومي».

“العبودي” أضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «ما تعتبره الهيئة حرصاً منها على التأسيس لعهد إعلامي جديد، ما هو إلا محاولة لتدجين ما تبقى من مؤسسات إعلامية مستقلة، وتضييق الفضاء الإعلامي، والحد من حرية الصحفيين»، داعياً السلطتين التشريعية والقضائية إلى حماية ما سمّاه «منجزات التغيير السياسي في البلاد، وعلى رأسها حرية الإعلام».

وليس بعيداً عن حديث “العبودي” فإن الإعلامي “علي المشايخي” يقول إن «اشتراطات الهيئة تتضمن سحقاً لكرامة الصحفي والضيف على حد سواء، فليس من المعقول أن نطلب من الضيف ما يثبت ولاءه للعملية السياسية في العراق، حتى نسمح له بالحديث».

وينتقد “المشايخي”، في حديثه لـ«الحل نت»، #الحكومة_العراقية، التي لم تتبن، بحسبه، «الدفاع عن المؤسسات الصحفية، في مواجهة محاولات تقييدها وسلبها لحرياتها» متسائلاً عن «سر سكوت نقابة الصحفيين العراقيين عن مضامين اللائحة، التي أصدرتها الهيئة».

ويتطلع “المشايخي” إلى أن «يتمتع جميع الداعيين إلى حرية الإعلام المحلي بالاستقلالية السياسية، والنأي بأنفسهم عن الوصاية الحزبية، قبل فرض الاشتراطات على الآخرين»، حسب تعبيره,

وجاء العراق في المرتبة 162 من أصل 180 دولة بالعالم، في تصنيف مؤشر حرية الصحافة،  لعام 2020، الذي أصدرته مؤسسة “ًمراسلون بلا حدود”، في أيار/مايو الماضي.

فيما سجّلت “جمعية الدفاع عن حرية الصحافة بالعراق”، خلال عام 2020، «وقوع ثلاثمئة وخمسة انتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في البلاد؛ وأربعة عشر هجوماً مسلّحاً ضد صحفيين ومؤسسات إعلامية؛ إضافة إلى إغلاق واحدة وثلاثين فضائية ومؤسسة إعلامية؛ وثلاث حالات لرفع دعاوى قضائية وإصدار أحكام وأوامر ومذكرات قبض بحق صحفيين».

توضيح الهيئة

وبُعيد الجدل، الذي أثير حول القواعد الجديدة لـ”هيئة الإعلام والإرسال”، أصدر الجهاز التنفيذي في الهيئة توضيحاً حول «المعايير المهنية في البرامج الإعلامية كافة».

ونقل البيان عن “علـي حسيـن المؤيـد”، رئيس الجهاز التنفيذي، أن «القواعد الجديدة جاءت بناء على قانون “هيئة الإعلام والإرسال”، التي تعدّ المنظم الحصري المستقل لقطاع الإعلام في العراق».

وبحسب توضيح الهيئة فإن «الالتزام بلائحة البث الإعلامي، ومنها القواعد الجديدة، تعدّ جزءاً من شروط ترخيص وسائل الإعلام العراقية والأجنبية، وهي تستند إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الانسان، وتهدف إلى تنظيم أشكال التعبير، بما لا يسمح بالتحريض على العنف والكراهية، وليست تقييداً أو مضايقة للحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير».

إلا أن هذا التوضيح لا يبدو مقنعاً لـ”غالب الدعمي”، أستاذ الإعلام في جامعة “أهل البيت”، الذي تساءل عن «دواعي وتوقيت القواعد والتقييدات الجديد»، معتبراً أن «اشتراطات وقواعد الهيئة يمكن أن تفسّر وفقاً لأهواء متعددة، كما يمكن تطبيقها على أشخاص دون سواهم، وهذا من شأنه الاخلال بقواعد السلوك الإعلامي وحرية الرأي».

“الدعمي” قال، في اتصال هاتفي مع «الحل نت»، إن «ما أصدرته الهيئة يتعارض تماماً مع البنود الدستورية، التي حفظت للمواطن العراقي حرية التعبير عن أفكاره وآرائه بالقول أو الكتابة، وحقه في الحصول على المعلومات التي يبتغيها من الجهات الرسمية. وبالتالي فإن القواعد الجديدة للهيئة ما هي إلا سعيٌ لإسكات أصوات المنتقدين، وتقييد عملهم، ومحاولة لإرجاع عقارب الساعة الى الوراء»، حسب تعبيره، داعياً المعنيين إلى «التأني في إصدار مثل تلك القواعد، وإعادة النظر فيها، بما يتلاءم مع #الدستور_العراقي والقوانين النافذة».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.