“استعادة السيادة” أم “تعويم الأسد”؟ مؤتمر السياسيين السوريين في جنيف يترنّح بعد تهديدٍ بانسحاباتٍ واسعة

“استعادة السيادة” أم “تعويم الأسد”؟ مؤتمر السياسيين السوريين في جنيف يترنّح بعد تهديدٍ بانسحاباتٍ واسعة

خمسة أيام فقط، هي المهلة التي تنتظرها الكتلة الوازنة المتبقية في مؤتمر ‘‘استعادة السيادة والقرار’’ (جنيف 21-22 آب أغسطس 2021) لوصول رد إيجابي من كتلة ‘‘تيار قمح’’ التي يرأسها ‘‘هيثم مناع’’، من أجل تجاوز الخلافات الحاصلة داخل جسم المؤتمر، قبل الانسحاب منه والدعوة لمؤتمر جديد مضاد لـ “السيادة والقرار”.

حتى يوم الأحد القادم تنتظر الكتلة التي تضم عدة شخصيات وازنة في مقدمتهم اللواء محمد الحاج علي، والعقيد مصطفى الفرحات، أن ترضخ كتلة قمح لإقرار التعديلات والنقاط التنظيمية التي أثارت الجدل منذ عقد المؤتمر الأسبوع قبل الفائت، وإلا «الانسحاب من المؤتمر وترك كتلة قمح لوحدها والدعوة من قبلنا مع باقي شركائنا إلى مؤتمر جديد سيعقد قريبا إما في برلين أو هامبورغ»، وفق ما تحدث به اليوم الخميس، العقيد ‘‘مصطفى الفرحات’’ لـ(الحل نت).

الفرحات وهو عضو الأمانة العامة للمؤتمر أشار إلى وجود خلافات تنظيمية تتعلق بأوراق المؤتمر التي قدمها المؤتمرون نهاية الشهر الفائت، وتعديل أوراق المؤتمر انطلاقا من الملاحظات التي وضعوها آنذاك.

ما هو مؤتمر ‘‘استعادة السيادة والقرار’’؟

المؤتمر هو فكرة قديمة نشأت منذ قرابة العامين، بين مجموعة سياسيين وعسكريين سوريين في الخارج كان من أبرزهم ‘‘هيثم مناع’’، ‘‘زكوان بعاج’’، ‘‘هشام صباغ’’، ‘‘صلاح وانلي’’، اللواء ‘‘محمد الحاج علي’’، العميد ‘‘فايز عمرو’’، الطبيب ‘‘زكريا تامر’’، وبعضاً من الفاعلين في النقابات والمنظمات في الداخل السوري، إلا أن خلافات متعددة ضربت المشروع في فترة التحضير وأدت إلى شرخ كبير وانشقاقات متتالية لاختلاف الفكر والرؤية للحل في سوريا، وفق ما أفادت به مصادر خاصة لـ(الحل نت).

أدت جائحة كورونا إلى تأخير انعقاد المؤتمر وتغيير مكان انعقاده من برلين إلى جنيف، حيث عقد الاجتماع الأول لهيئته العامة يومي 21 و22 آب/أغسطس 2021، بحضور 380 شخصاً، تسعون منهم التقوا في جنيف في سويسرا، بينما شارك الآخرون عبر الإنترنت، بعضهم من داخل سوريا، وحضروا جميعهم بصفتهم الشخصية كمستقلين على الرغم من أنهم يمثلون نحو 35 جسماً سياسياً سورياً، بحسب ادعاءات المنظمين.

خلال أيام المؤتمر، تمت مناقشة أوراقه ووثائقه ونظامه الداخلي وأهدافه، بالإضافة إلى انتخاب أعضاء الأمانة العامة. على أن يعقد الاجتماع الأول للأمانة يوم الأحد الماضي (29 آب/أغسطس) وهو الاجتماع الذي كشف النقاب عن مشاكل جديدة داخل جسم المؤتمر.

بحسب الفرحات، فإن كتلتهم انسحبت قبل انعقاد جلسة التصويت والترشح لانتخابات المكتب التنفيذي لأمانة المؤتمر، ما دفع الأعضاء الباقين من كتلة ‘‘قمح’’ وما تبقى من بعض المستقلين إلى التصويت على ترشيح “منيرفا الباروكي” (من تيار قمح ومن الشخصيات الموالية لمناع) كمنسقة عامة للمؤتمر، و‘‘محمد خير الوزير’’ (مُقرّب من مناع) كنائب لها، و‘‘آصف دعبول’’ أميناً للسر (مُقرّب من مناع).

وتابع «بحسب النظام الداخلي يجب أن يتم انتخاب هيئة حكماء من 5 إلى 7 أعضاء، وهذا فقط ما لم يتم انتخابه، لأن الأمور التنظيمية تعطلت بعد ذلك. الآن يمكن القول أن الأمور يمكن تداركها لأن الطرف الآخر أبدى استعداده للتعديل وتشكيل لجنة خاصة بالصياغة».

التهديد بالانسحاب مستمر

وأضاف “الفرحات” أن كتلة ‘‘قمح’’ وافقت أيضاً على وجود عضوين في الأمانة العامة من عائلة واحدة فكان هناك 4 شخصيات مقربة من مناع، وزاد بالقول «هناك عضو في اللجنة التقنية وفرز الأصوات أيضاً كان وجوده مخالف في الأمانة العامة، وانسحب بناء على طلب كتلته من أجل إرضاء الطرف الآخر».

وقال: «إذا لم يتم تدارك المخالفات والنقاط التنظيمية خلال 5 أيام سننسحب من المؤتمر وننفصل عنه بشكل نهائي. اشترطنا أيضاً اعتماد البيان الختامي بالكامل، وعدم إغفال الإشارة إلى تجريم النظام السوري لاستخدامه الكيماوي، وإسقاط الديكتاتورية بكل رموزها، وركزنا على كل مطالب الشعب السوري في هذا البيان، وقد تم اعتماده مؤخرا لإرضاء الكتلة المهددة بالانسحاب».
وختم بالقول «يوم الأحد المقبل (5 أيلول/سبتمبر، هناك جلسة للأمانة وهذه الجلسة إما أن ترمم المواقف وتعتمد الخيارات المطروحة من قبل المؤتمرين، أو يفشل المؤتمر بخروج الكتلة الوازنة وتأسيسها لمؤتمر بديل».

وبحسب الوثائق التي ظهرت في البيان الختامي، يحدد المؤتمر الهدف السياسي للعملية التفاوضية المباشرة بـ «الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي، يرسم معالمه ميثاق وطني مؤسس، يرتكز على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات لجميع السوريين، بغض النظر عن الجنس، أو القومية أو المعتقد أو المذهب».

فيما يسعى المؤتمر إلى «بناء دولة قانون ومؤسسات لكل أبناء ومكونات الوطن، تكون صاحبة الحق الشرعي الوحيد في حمل السلاح، ومهمتها بسط سيادة الدولة على كافة أراضيها، والدفاع عنها وعن مواطنيها، وتقديم الخدمات لهم، وترسيخ فصل السلطات وتنظيم الحقوق والواجبات، واحترام الدستور والقوانين وتجريم الطائفية السياسية ومحاربة الإرهاب بكافة مصادره وأشكاله».

موقع (الحل نت) حاول التواصل مع أحد منظمي المؤتمر ومموليه، وهو عضو اللجنة التحضيرية منذ تأسيس فكرة المؤتمر، د.‘‘صلاح وانلي’’، إلا أننا لم نتلق منه أي رد.

من ناحيته، أشار عضو اللجنة التحضيرية المنسحب أثناء عقد المؤتمر، ‘‘يسار عوير’’ خلال حديثه لـ(الحل نت) إلى أن الهدف الظاهري للمؤتمر هو تطبيق القرار 2254 والمتعلق بالانتقال السياسي السلس للسلطة في سوريا.

وأضاف «إلا أن الهدف الحقيقي وفق رؤية بعض المنظمين المريبين والمثيرين للجدل، هو إعادة تعويم الأسد ونظامه، وهي ليس قناعتي الشخصية وإنما قناعة كل المؤتمرين المنسحبين وكذلك الذين يفكرون بالانسحاب. لقد تم استدراجنا بوعود زائفة تبين عدم صدقيتها في اليوم الأول للمؤتمر وتأكدت في اليوم الثاني».

مبيناً عدة أسباب للانسحاب لخصها بـ«الإصرار على عدم رفع علم الثورة من قبل جهة متحكمة بتنظيم المؤتمر، وتجاهل التعديلات التي أجريت على خارطة الطريق بعد وعود بالأخذ بها في حذافيرها، والإهانة التي وجهها أحد المؤتمرين المحسوبين على كتلة قمح، حينما قال للمعترضين على ما يتم تمريره بأنه لا تعليق للمشاركات فإما البقاء أو المغادرة، رغم أنه لا يحمل أي صفة رسمية».

تابع «كذلك كان هناك تكتم على أسماء المشاركين إلكترونياً، وهو ما أدى إلى ضمان نتائج الانتخابات لصالح طرف عن الأطراف الأخرى، وهذه كانت أسباب كافية للانسحاب».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.