إيڤون يؤارش. هي من أوائل الإعلاميات اللائي عملن في الإعلام العراقي ما بعد 2003. واستمرت بمهنتها إلى اليوم.

ولدت إيڤون يؤارش في بغداد التي تشتاق لها منذ 10 أعوام، وبمنطقة “الدورة” التي تحن لطفولتها فيها.

تقول “إيڤون” لـ (الحل نت): «منذ الطفولة، كنت أُقلّد الإعلاميات العراقيات ممن يظهرن على التلفزيون العراقي بشكل كبير».

لم تعرف “إيڤون” التي استمرت إبّان الثمانينيات بتقليد الإعلاميات العراقيات، أنها ستُصبح مثلهن لاحقاً. «كانت صدفة غير متوقعة». 

درست إيڤون يؤارش، الترجمة بتخصص اللغة الإنجليزية بكلية اللغات في جامعة بغداد، وتخرّجت عام 2001 بتفوق.

بداية القصة مع الإعلام

وبينما كانت تعمل مترجمة بوزارة التجارة، شاهدت “إيڤون” إعلاناً من شبكة الإعلام العراقي، للبحث عن مقدّمة لبرامج تلفزيونية.

إيڤون يؤارش

إيڤون” – فيسبوك

ما ساعد “يؤارش”، أن الإعلان كان يتحدّد بالحاجة لمقدّمة ومذيعة تجيد اللغة السريانية، للعمل بالقناة “السريانية” في الشبكة.

تقول “إيڤون”: «انتهزت الفرصة، وأجريت اختبار اللغة والتقديم، وتم قبولي،  لتكون تلك الفرصة خطوتي الأولى بمجال الإعلام».

كانت إيڤون يؤارش، كثيراً ما تزور الكنائس في العاصمة العراقية، وهي تفتقد لعطر تلكم الكنائس اليوم، بحسبها. 

لم يمض الكثير من الوقت على عمل “إيڤون” بالقناة السريانية، حتى اكتشف موهبتها من يديرون الشبكة، فاختاروها للقناة العراقية الرئيسية. 

ورُقيّت “يؤارش”، لتصبح مقدّمة للبرنامج الصباحي بالقناة الرسمية للعراق، بسنوات الطائفية وما بعدها، ولم يكن هذا كل شيء.

«كانت فكرة أن أكون مذيعة للأخبار تراودني جداً، ولم أستسلم حتى حقّقتها، صرت أُذيع النشرة الاقتصادية بقناة العراقية»، تبيّن “إيڤون”.

حقبة الألم

ولم تستمر عطاءات وسنوات ألق “إيڤون”،، حتى جاءت فترات المرارة والألم بحقبة الطائفية التي شهدتها بغداد والبلاد بين أعوام 2006 و2010. 

تقول إيڤون يؤارش: «تعرّضنا لمضايقات عديدة، ولتهديدات بالجملة، اضطرتنا أن نتنقل بين مناطق بغداد بسنوات الحرب الأهلية».

«عشنا هكذا بتلك السنوات، حتى جاءنا تهديد مباشر عام 2010، ما جعلنا نهاجر العراق إلى الأردن، ومنها بدأنا عملنا على اللجوء.

عاشت الأقلية المسيحية التي تنتمي لها “إيڤون”، أوضاعاً صعبة بحقبة الطائفية، ما اضطر بأكثر من (70 %) منهم لمغادرة العراق.

كان يبلغ عدد أبناء الأقلية المسيحية قبل 2003 نحو مليون ونصف. ولم يبق منهم اليوم، سوى 350 ألف مسيحي ومسيحية تقريباً. 

رحلة اللجوء

عاشت “إيڤون”، ومعنى هذا الاسم “المُحاربة” باللغة الاسكندنافية، سنة واحدة بالأردن، قبل أن تُقبل لاجئة في أميركا عام 2011. 

«في أميركا قبلنا برنامج اللجوء بمدينة ريفية في كاليفورنا. عشنا سنة محبطة حينها. المدينة تبعد عنا 200 كم. لكن هل نستسلم؟»،

تُجيب إيڤون يؤارش على تساؤلها: «بالطبع لا. كافحت وعملت بعدة مجالات لتغطية تكاليف المعيشة الباهضة، وقرّرنا السكن بالمدينة». 

واجهت “يؤارش” مشاكل التأقلم مع المجتمع الأميركي وعاداته، ناهيك عن إنجليزية الولايات المتحدة المختلفة عن إنجليزية بريطانيا التي درستها.

“يؤارش” – إنستجرام

«لكن كل ذلك لا شيء أمام الغُربة، وصعوبة أن تبدأ حياتك من تحت الصفر، وكأنك ولدت من جديد، لكن بذكريات عمرها سنوات».

شهادة التميز

مع ذلك لم تدع “يؤارش” للإحباط النيل منها. «أتذكر أنني عملت “كاشيرة” بمحل للخضراوات بيوم من الأيام لمواجهة المعيشة». تقول “إيڤون”.

وبما أن “يؤارش” لم تدرس الإعلام كتخصّص، ونظراً لأن الشهادة الجامعية العراقية غير معتمدة بأميركا، قرّرَت “إيڤون” دراسة الإعلام.

«درست الإعلام بكاليفورنا ونلت شهادة الدبلوم فيه بعد 4 أعوام من الدراسة، وعملت بمجلة الجامعة، ونلت شهادة التميز من المجلة».

بعد التخرّج، عادت حكاية إيڤون يؤارش مع العراقية، وهذه المرة نقلت – ولا تزال – تنقل الحياة الأميركية إلى العراقيين.

“العالم بعيون عراقية، “قصة مكان”، وليس آخرها “أرض الأحلام”، كلها برامج تنقل بوساطتها “يؤارش” الحياة بأميركا إلى العراقيين.

“إعلامية شاملة”

تقول: «أنا المعدّة للبرامج، وأنا المقدّمة، وأنا المراسلة، وأنا المصوّرة. باختصار أنا إعلامية شاملة في برنامج واحد». 

ولم تكتفِ “يؤارش” بذلك، بل صارت صحفية، وتكتب بعدة صحف في كاليفورنيا، وكتبت بصحيفة (الصباح) التابعة لشبكة الإعلام العراقي أيضاً. 

بعد أن عملت بكل تخصّصات الإعلام، أحبّت “يؤارش” عمل المراسل أكثر من البقية: «فهو يبذل مجهوداً أكبر وأهم»، بحسبها.

وتسترسل: «المراسل، يعمل لساعات طويلة؛ كي يقدم فكرة لا تتجاوز  الدقيقتين، وذلك يكسبه خبرة وثقافة في كل المجالات».

“إيڤون” – فيسبوك

أنشأت “إيڤون” مؤخراً قناتها الخاصة عبر يوتيوب، وهي ليست ببعيدة عن مجال الإعلام، وكذا تساعدها بالربح المادي أيضاً.

الشوق والحنين

تُقدّم “يؤارش” عبر قناتها كل النصائح والإرشادات والمعلومات التي يحتاجها اللاجئ في أميركا، ومن يسعى للجوء أو السفر إلى هناك.

تقول “يؤارش”: «أقدّم تلك المعلومات والنصائح عبر حلقة واحدة كل أسبوع، وبناءً على أكثر ما يحتاجه الجمهور». 

تعيش إيڤون يؤارش بعائلة صغيرة، مع أمها وشقيقها فقط، وأصبحت لها حياتها الخاصة في أميركا بعد عقد من المعيشة هناك.

لكن حنين “يؤارش” للعراق، لا حدّ له، وهو ما قد يجعلها تتخذ خطوة للاقتراب منه مستقبلاً، رغم أفضلية العيش بالولايات المتحدة.

«هو الشوق للبيت الأول والأخير، وهو ما قد يدفعني للعمل بإحدى الدول القريبة من العراق، لأتمكن من زيارته بشكل منتظم»، تختتم “إيڤون”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.