انتخابات النازحين في العراق: هل يمكن إجراء اقتراع نزيه في مخيمات محاصرة بالميلشيات؟

انتخابات النازحين في العراق: هل يمكن إجراء اقتراع نزيه في مخيمات محاصرة بالميلشيات؟

انتخابات النازحين ستكون أولى محطات الانتخابات العراقية المقبلة. فقد حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يوم الجمعة، الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، موعداً لاقتراع النازحين والمهجّرين في عموم العراق. وسط إجراءات أمنية مشددة. لضمان إتمام العملية الإنتخابية بأكمل وجه.

ويشكك كثير من النازحين بقدرة السلطات العراقية على ضمان انتخابات نزيهة وعادلة. تراعي حقوقهم. كما تزداد المخاوف من تزوير نتائج انتخابات النازحين. وإستبعاد وصول مرشحي هذه الفئة المهمشة، خدمةً لأغراض سياسية واستراتيجية وطائفية.

 

آلية انتخابات النازحين

وفقاً للمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات فقد تم تسجيل بيانات أكثر من مئة وعشرين ألف مهّجر مؤهل للإقتراع في مختلف مناطق البلاد. وتم تهيئة ثلاثمئة وتسع محطات، لإجراء انتخابات النازحين فيها. واستقبال ذلك العدد من المقترعين في مخيمات النزوح ومناطق انتشار المهجّرين.

وأشار مصدر داخل المفوضية، في تصريحات لـ«الحل نت»، إلى أن «البيانات المتاحة حالياً تدّل على المشاركة الفاعلة في التصويت الانتخابي بين النازحين. إذ لا تزال عملية توزيع البطاقات البايومترية الجديدة على أصحابها مستمرة حتى الآن. إضافة الى تهيئة كافة مستلزمات عمل المحطات، وتوفير أجهزة قراءة البطاقات الانتخابية».

وحول كيفية عمل هذه الأجهزة. وتحديدها لدائرة النازح الانتخابية. خاصة وإن المخيمات تحوي نازحين من عدة محافظات ومناطق. يقول المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه: «تحدد الأجهزة دائرة الناخب المعني حال أخذها بصمة يده. كما وتقرأ كافة معلوماته، لمنع إنتحال شخصية المقترع. وبعد التأكد من البيانات الشخصية يزوّد مشرفو الاقتراع الناخب بمستلزمات الانتخاب المخصصة للدائرة المعنية».

كما أكد أن «الإجراءات المرافقة لعملية انتخابات النازحين ستكون مشددة بشكل أكبر. وتحت إشراف مباشر من قبل مفوضية الانتخابات العراقية، ولجان المراقبة الدولية. لمنع إستغلال وتهميش تلك الأصوات المهمة». على حد تعبيره.

 

أساليب التلاعب بأصوات النازحين

“أبو يوسف” البالغ من العمر أربعين عاماً، نازح من منطقة “جرف الصخر” إلى محافظة السليمانية. يقول لـ«الحل نت»: «رافقت عملية الاستعداد لانتخابات النازحين أقاويل حول نقل ملفاتنا الى المحافظات التي هاجرنا إليها. بدلاً من دائرتنا الانتخابية الأصلية. لتسهيل سرقة أصواتنا لصالح جهات معروفة». حسب تعبيره.

وبهذا الشأن يؤكد “إبراهيم العبيدي”، الباحث في الشأن الانتخابي، أن «الحكومة العراقية لم تؤكد إيجادها حلولاً لما تداولته الوثائق المسرّبة. بخصوص التلاعب بأسماء آلاف النازحين من منطقة “جرف الصخر”. ما يجعل انتخابات النازحين محاطة بكثير من الشكوك».

ونشرت وسائل إعلامية عربية، منتصف العام الجاري، وثائق تضم أسماء وهويات انتخابية لمواطنين، تم نقل ملفاتهم من قضاء “جرف الصخر” شمالي محافظة بابل. وقضاء سنجار ذي الغالبية الأيزيدية في محافظة نينوى. الى دوائر أخرى تقع ضمن مناطق نزوحهم في كردستان العراق.

وكشفت التحقيقات الأولية، التي أجراها عدد من النواب العراقيين، صحة هذه المزاعم. وأنها تمت بتلاعب مقصود من قبل الإدارة القديمة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وتوقف التحقيق عند هذا الحد، دون الكشف عن بقية التفاصيل. أو إذا تم القبض على المتهمين بالتلاعب.

ويرى “العبيدي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «هذا التلاعب في انتخابات النازحين سيؤدي لتشتيت أصواتهم. وضياعها لصالح مناطق أخرى غير مناطقهم الأصلية. ومنع وصول من يمثّلهم للبرلمان العراقي. لأهداف سياسية. تتورّط بها جهات مرتبطة بإيران. التي تسيطر على “جرف الصخر”، من خلال أذرعها في المنطقة».

وأضاف الباحث العراقي أن «آلية انتخابات النازحين المعلنة تشير الى إمكانية حل هذه المسألة. إلا إنها لم تضمن عدم تزوير الدفاتر الانتخابية، التي تعد الهدف الأسهل لأي عملية تلاعب محتملة».

ويؤكد أن «إقامة انتخابات النازحين. قبل يومين فقط من بدء الانتخابات العامة. يزيد من فرص التلاعب بالأصوات الانتخابية للنازحين. لسهولة تمييزها عن الإقتراع العام. المزمع إجراؤه في العاشر من هذا الشهر».

 

هل سيشارك النازحون في الانتخابات؟

يبدي “ابو سلمان”، النازح من محافظة الموصل الى مخيمات محافظة أربيل، استعداده للمشاركة بانتخابات النازحين. بغض النظر عن الشائعات المنتشرة بخصوص نزاهتها. قائلاً لموقع «الحل نت»: «ستضيع كل أصواتنا إذا امتنعا عن التصويت. بسبب إشاعات قد تكون كاذبة».

بينما يرفض “أبو محمد”، المهجّر من محافظة صلاح الدين، المشاركة في التصويت. لاعتقاده «بعجز الحكومة العراقية عن إيقاف تدخّل الميلشيات في عمل مفوضية الانتخابات».

بدوره يعتبر المحلل السياسي “منتظر هادي” أن «الخوف من تدخّل الميلشيات هو السبب الأول لضعف المشاركة المتوقع في انتخابات النازحين. بسبب استحالة ضمان العدالة الانتخابية. مع ازدياد سطوة الميلشيات التابعة للأحزاب السياسية، والتي باتت متغلغلة داخل كافة الأجهزة الحكومية».

أما السبب الثاني فيرجعه “هادي” إلى «التوترات الأمنية، التي تشهدها المحافظات المحررة، والتي أدت الى خلخلة أمنها. ما أضاف معوقات جديدة للعملية الانتخابية. فبات المواطنون خائفين من رصدهم وتهديدهم من قبل الجماعات الإرهابية. بل أن الكادر المشرف على الانتخابات يعاني من التوتر. نتيجةً للهجمات المسلّحة المستمرة. وبالتالي فالعزوف عن التصويت قد لا يقتصر على انتخابات النازحين. بل حتى على الانتخابات العامة في المناطق المتوترة أمنياً».

الباحث الاجتماعي “رعد ميسان” يتحدث من جهته عن «العزوف عن المشاركة بانتخابات النازحين، بدافع حماية النفس».

وأشار “ميسان”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «الخروقات الأمنية الحاصلة تعد أحد أهم أسباب ابتعاد الناس المتوقع عن صناديق الاقتراع. ويمكن تعميم هذا حتى على المواطنين في المناطق المحررة ذات الأغلبية السنية، الذين لم يهاجروا من مناطقهم. ويتخوّفون من الهجمات الإرهابية، التي قد يشنها تنظيم داعش. واحتمالية انتقامه من المشاركين في العملية الانتخابية. إضافة لما يواجهه سكان تلك المناطق من تهديدات تطلقها الميلشيات الولائية. لدفعهم للتصويت للأحزاب الداعمة لها».

وأضاف: «هناك كثيراً من المهجّرين، يرفضون المشاركة في انتخابات النازحين. بسبب يأسهم من حل ملفاتهم المعلّقة منذ عام 2014 وحتى الآن. وذلك يقلّل من نسبة المقترعين. ما يؤدي لعدم تحقيق نسب الإقبال الشعبي المطلوبة لإتمام عملية انتخاب عادلة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.