في آخر التطورات للغزو الروسي لأوكرانيا، الذي يدخل شهره السابع، يتضح مسار الأحداث والحرب هناك يوما بعد يوم. فبحسب عدة تقارير غربية، التي ذكرت عن مدى مقاومة الجيش الأوكراني للغزو الروسي وتكبد الأخير خسائر فادحة. وفيما يتعلق بالظروف والأوضاع التي يعيشها الجنود الروس، كشف أول جندي روسي هناك، الظروف القاسية التي يعيشها الجنود الروس في الحرب على أوكرانيا، وأشار إلى الأوضاع البائسة التي يعيشها الجنود، حيث قال إن الجنود يلهثون وراء “الطعام والماء”.

ويعتبر الجندي الروسي، بافيل فيلاتيف، أول جندي خدم في الجيش الروسي ينتقد علانية الغزو الذي شنّه بلاده على أوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير الماضي، ويغادر وطنه، وأضاف لشبكة “سي إن إن” الأميركية، عن الظروف القاسية التي يعيشها الجنود الروس في أوكرانيا، معبّرا عن شعوره بالذنب “لاستخدامه في ألعاب سياسية”.

تفاصيل مروعة

الجندي الروسي، فيلاتيف، الذي خدم في القوة المظلية خلال خدمته العسكرية، والذي ظهر في مقابلة مصورة مع الشبكة الأميركية، إنه “أمر مروع أن ندرك أن روسيا تدمر أوكرانيا، وأن أوكرانيا تكره روسيا على ما فعلناه، وأن العالم بأسره يرى الروس على أنهم حيوانات وأشخاص سيئين”.

والتقى طاقم تصوير الشبكة الأميركية بفلاتيف “في مكان سري على بعد آلاف الأميال من منطقة الحرب بأوكرانيا”، بحسب مراسل “سي إن إن”، مشيرا إلى أنه يختبئ خوفا من الانتقام، لكنه “يشعر بأنه مضطر للكشف عما حدث رغم الخطورة”.

ووفق التقرير الأميركي المصور، فإن فيلاتيف يخدم في الشعبة 56 الخاصة لقوى الإنزال الجوي الروسية، والتي أرسلت إلى إقليم خيرسون الأوكراني كجزء من المرحلة الأولى للحملة العسكرية التي شنتها روسيا.

وأشار فيلاتيف، إلى أنه خدم لمدة شهرين، إلا أنه شعر بالرعب مما رآه، وقال: “تم جرّنا إلى هذه المواجهة الجادة حيث دمرنا البلدات، لم نكن نعمل على تحرير أي شخص، كل ذلك كذب، كنا ببساطة ندمر”.

قد يهمك: خطة روسية بأوكرانيا تكشف عن الضعف العسكري لموسكو

عمليات سطو على الممتلكات

في سياق الاحتياجات اليومية، أشار فيلاتيف إلى أن النقص في الحاجات الأساسية، حولت الجنود الروس على شاكلته، إلى “متوحشين”، ونوّه إلى أن “العديد منا لم يكن لديه طعام أو مياه أو حتى أكياسا للنوم، ولأن الجو كان قارس البرودة خلال الليل ولم نتمكن من النوم كنا نبحث في النفايات عن قطع قماش مهترئة كي نلف أجسادنا بها حصولا على الدفء”، بحسب تقرير الشبكة الأميركية.

وأردف في حديثه للشبكة الإعلامية، أن “بعض الجنود الروس أخذوا حواسيب محمولة وكمبيوترات وأجهزة تكنولوجية أخرى، على الأرجح لأن رواتبهم لا تكفي للحصول على تلك الأغراض بطرق شريفة، العديد سطوا على محال تجارية مهجورة للحصول على الهواتف الذكية وأغراض أخرى”.

وبيّن فيلاتيف، حول هذه السرقات بالقول: “لا أود تبرير تصرفاتهم، لكن من المهم إدراك أن مستوى حياتهم الرديء دفعهم إلى القيام بمثل تلك الأمور خلال الحرب”.

وأشار، إلى أن “جيشنا تعرض للتدمير، حكومتي دمرت كل قطاع بالفساد، والجميع في روسيا يدركون ذلك”، وذكر فيلاتيف أنه اشتكى لرؤسائه، حتى أنه كتب رسالة إلى الكرملين مباشرة، شرح فيها سوء الأوضاع التي يمر بها مع زملائه، ومن نقص الأسلحة من دون أن يسمعه أحد.

وأكد المراسل، نقلا عن الجندي الروسي، أن أشخاصا من محيطه أخبروه أنه شخص “مكروه” وأنه “قد يتم استهدافه وتهديد حياته”، في ختام التقرير المصور لشبكة “سي إن إن”.

الضعف العسكري لموسكو

في المقابل، وبينما الغزو الروسي في شهره السابع، باتت شبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا ساحة لمعركة جديدة في الحرب الأوكرانية، بحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس”، بعد أن كانت قاعدة محصنة، ما يشير إلى نقاط ضعف لدى القوات الروسية يستغلها الأوكرانيون لاستهدافهم من خلف الخطوط.

وبحسب الوكالة الإعلامية، فقد تم تدمير تسع مقاتلات حربية روسية في قاعدة جوية في شبه جزيرة القرم الأسبوع الماضي، إضافة إلى انفجار مستودع للذخيرة، الثلاثاء الماضي، في موقع بالقرب من بلدة دزهانكوي، ما أدى إلى إجلاء نحو 3000 شخص، وبعد ذلك ألمح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى وقوف قوات أوكرانية وراء العمليات عند حديثه عن “الهجمات خلف خطوط العدو” بعد التفجيرات الأخيرة.

وبحسب تقارير صحفية اطلع عليها “الحل نت”، فمن المرجح أن تفتح الهجمات في شبه جزيرة القرم جبهة جديدة، قد تمثل تصعيدا كبيرا في الحرب، ويمكن أن تزيد من استنزاف موارد روسيا.

وذكرت تقارير أخرى، أن عدد القتلى بين الصفوف الروسية، بعد أسابيع من دخول الحرب، تجاوز ما خسرته أميركا في حربي العراق وأفغانستان.

ولفتت صحيفة “نيويورك تايمز”، إلى أن الجيش الروسي خسر، في آذار/مارس، قرابة 10 في المئة من جنوده، وتحدثت تقارير استخباراتية غربية عن انخفاض في معنويات الجنود الروس لدرجة أنهم بدأوا يتركون آلياتهم العسكرية ويهربون، أو يسلمون أنفسهم للقوات الأوكرانية.

من جانبه، المستشار السياسي للرئيس الأوكراني، تحدث لصحيفة “الغارديان” البريطانية، مؤخرا، عن خطة كييف السرية لاستهداف روسيا. وقال المستشار، ميخايلو بودولاك، إنه “سيتم استهداف خطوط الإمداد الروسية كما أنه يتوقع هجمات مماثلة للانفجار الذي وقع الأسبوع الماضي في قاعدة جوية روسية بالقرم”.

الباحث في الشأن الروسي، سامر إلياس، أوضح خلال حديثه السابق لـ”الحل نت”، أبرز نقاط الضعف لدى الروس، حيث يرى أن طول خط المواجهات بين الجيشين الروسي والأوكراني، من خاركيف إلى خيرسون وميكلايف بطول 1200 كم، يجعل خطوط الإمداد والقضايا اللوجستية، ونقل الأسلحة والغذاء والوقود للقوات الروسية المتقدمة أمرا بالغ الصعوبة، وما زاد من تفاقم المشكلة، هو استهداف أوكرانيا للجسور على نهر النيبر في منطقة خيرسون، ما يعني انقطاعا في الإمدادات القادمة من دونتيسك، ولوغانسك باتجاه المناطق الجنوبية في أوكرانيا، أي جبهتي خيرسون وميكلايف.

ولذلك اضطر الروس لاتباع أسلوب جديد، وهو تشكيل خطوط إمداد جديدة في شبه جزيرة القرم، وتكثيف وجودهم فيها عسكريا ولوجستيا، وهي تحاذي منطقة خيرسون، من جهتين وهما شرق وغرب دنيبر، وتحاول روسيا نقل المعدات من هذه المناطق.

وبحسب إلياس، فإن الخطوة الروسية في شبه جزيرة القرم، جعلت الأهداف بالنسبة للجانب الأوكراني أكثر سهولة، إضافة للدعم الغربي باستهداف خطوط الإمداد في شبه الجزيرة.

وأضاف إلياس، أن أحد عوامل الضعف الروسي، هو الأسلحة الجديدة التي حصلت عليها أوكرانيا من الغرب، فهي ساعدتها على استهداف نقاط بعيدة للقوات الروسية، وبالإضافة لذلك فهناك عوامل أخرى كانت سببا بالضعف الروسي من أهمها، عدم قناعة عدد كبير من الجنود الروس بعدالة الحرب ضد أوكرانيا، إضافة للخسائر الكبيرة التي مُنيت بها روسيا منذ بداية الحملة، وحتى شهر أيار/ مايو الماضي، ما أدى لوجود نقص في العنصر البشري بشكل لافت في القوات الروسية.

ومن الواضح أن روسيا سقطت في وحل المستنقع الأوكراني، حيث جاءت توقعات إدارة بوتين خاطئة في إمكانية تحقيق أهدافها خلال فترة وجيزة، لكن المقاومة الأوكرانية، والتكتيكات الجديدة التي تتبعها زادت في الخسائر الروسية بشكل غير متوقع، وهذا ما أدى لوضع الروس في موقف لا يستطيعون معه التقدم في الحرب أو إيقافها.


قد يهمك: سماء جزيرة القرم تشتعل.. إستراتيجية أوكرانية جديدة في الحرب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة