في التطورات الجديدة للغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يدخل في شهره السابع، باتت شبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا ساحة لمعركة جديدة في الحرب الأوكرانية، بحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس”، بعد أن كانت قاعدة محصنة، ما يشير إلى نقاط ضعف لدى القوات الروسية يستغلها الأوكرانيون لاستهدافهم من خلف الخطوط.

وبحسب الوكالة الإعلامية، فقد تم تدمير تسع مقاتلات حربية روسية في قاعدة جوية في شبه جزيرة القرم الأسبوع الماضي، إضافة إلى انفجار مستودع للذخيرة، الثلاثاء الماضي، في موقع بالقرب من بلدة دزهانكوي، ما أدى إلى إجلاء نحو 3000 شخص، وبعد ذلك ألمح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى وقوف قوات أوكرانية وراء العمليات عند حديثه عن “الهجمات خلف خطوط العدو” بعد التفجيرات الأخيرة.

وبحسب تقارير صحفية اطلع عليها “الحل نت”، فمن المرجح أن تفتح الهجمات في شبه جزيرة القرم جبهة جديدة، قد تمثل تصعيدا كبيرا في الحرب، ويمكن أن تزيد من استنزاف موارد روسيا.

وفي هذا السياق، أشارت وزارة الدفاع البريطانية في تغريدة على “تويتر”، أنه “من المرجح أن يشعر القادة الروس بقلق متزايد بشأن التدهور الواضح في الأمن عبر شبه جزيرة القرم، التي تعمل كقاعدة خلفية للاحتلال”.

مع كل هذه التطورات في الحرب في أوكرانيا، تبرز تساؤلات حول أسباب الضعف الروسي الأخير، والذي بات واضحا، وما هو تأثيره على مستقبل هذه الحرب، ومتى يمكن أن تتوقف وكيف.

مكامن الضعف الروسي

المستشار السياسي للرئيس الأوكراني، تحدث لصحيفة “الغارديان” البريطانية، عن خطة كييف السرية لاستهداف روسيا.
وقال المستشار، ميخايلو بودولاك، إنه “سيتم استهداف خطوط الإمداد الروسية كما أنه يتوقع هجمات مماثلة للانفجار الذي وقع الأسبوع الماضي في قاعدة جوية روسية بالقرم”.

الباحث في الشأن الروسي، سامر إلياس، يوضح خلال حديثه لـ”الحل نت”، أبرز نقاط الضعف لدى الروس، حيث يرى أن طول خط المواجهات بين الجيشين الروسي والأوكراني، من خاركيف إلى خيرسون وميكلايف بطول 1200 كم، يجعل خطوط الإمداد والقضايا اللوجستية، ونقل الأسلحة والغذاء والوقود للقوات الروسية المتقدمة أمرا بالغ الصعوبة، وما زاد من تفاقم المشكلة، هو استهداف أوكرانيا للجسور على نهر النيبر في منطقة خيرسون، ما يعني انقطاعا في الإمدادات القادمة من دونتيسك، ولوغانسك باتجاه المناطق الجنوبية في أوكرانيا، أي جبهتي خيرسون وميكلايف.

ولذلك اضطر الروس لاتباع أسلوب جديد، وهو تشكيل خطوط إمداد جديدة في شبه جزيرة القرم، وتكثيف وجودهم فيها عسكريا ولوجستيا، وهي تحاذي منطقة خيرسون، من جهتين وهما شرق وغرب دنيبر، وتحاول روسيا نقل المعدات من هذه المناطق.

وبحسب إلياس، فإن الخطوة الروسية في شبه جزيرة القرم، جعلت الأهداف بالنسبة للجانب الأوكراني أكثر سهولة، إضافة للدعم الغربي باستهداف خطوط الإمداد في شبه الجزيرة.

وأضاف إلياس، أن أحد عوامل الضعف الروسي، هو الأسلحة الجديدة التي حصلت عليها أوكرانيا من الغرب، فهي ساعدتها على استهداف نقاط بعيدة للقوات الروسية، وبالإضافة لذلك فهناك عوامل أخرى كانت سببا بالضعف الروسي من أهمها، عدم قناعة عدد كبير من الجنود الروس بعدالة الحرب ضد أوكرانيا، إضافة للخسائر الكبيرة التي مُنيت بها روسيا منذ بداية الحملة، وحتى شهر أيار/ مايو الماضي، ما أدى لوجود نقص في العنصر البشري بشكل لافت في القوات الروسية.

إقرأ:أسلحة روسية منقولة من سوريا إلى أوكرانيا

ما مستقبل الغزو الروسي لأوكرانيا؟

الخطة الأوكرانية لمواجهة روسيا في شبه جزيرة القرم تستهدف خلق الفوضى في صفوف القوات الروسية، بحسب مستشار الرئيس الأوكراني، واستهداف خطوط الإمداد في القرم، ومناطق أخرى سيجعل مهمة القوات الروسية صعبة للغاية في تحقيق أهدافها، كما ستؤدي إلى طول أمد الحرب ما يزيد من إضعاف روسيا وتكبدها للمزيد من الخسائر.

وفي هذا السياق يرى سامر إلياس، أن الحرب طويلة ويمكن تشبيهها بعملية عض الأصابع، ومن الواضح أنها لن تنتهي قبل نهاية العام الحالي على الأقل، فروسيا لم تستطع تحقيق التقدم الذي تريده في مقاطعة دونتيسك، فهي لا تسيطر إلى على حوالي 60 بالمئة منها حتى الآن.

ووقف الحرب بالنسبة لبوتين، هو رهن بشكل أساسي باستكمال المهمة التي أعلن أن العملية العسكرية بسببها وهي حماية دونباس والانتهاء من السيطرة على كامل أراضي دونتيسك ولوغانسك، وبالنسبة للوغانسك فقد سيطر عليها الروس في نهاية حزيران/يونيو الماضي، وتحاول روسيا حاليا السيطرة على دونتيسك، ولكن تواجه مقاومة أوكرانيا عنيفة حتى أنها لم تتمكن من دخول المدن الرئيسية في الإقليم، وهي بحاجة لجهود عسكرية كبيرة ليس بمقدور روسيا اليوم زجها في هذه المعركة، وهو ما سيجعلها معركة طويلة ستزيد من الخسائر الروسية.

وهناك عوامل أخرى ستؤدي لاستمرار الحرب، وأهمها محاولات روسيا السيطرة على مناطق خاركيف وزاباروجيا وخيرسون وضمها للاتحاد الروسي، وهذا يعني أن الجانب الأوكراني، سيستمر في الحرب، وذلك في ظل انسداد الأفق السياسي للحل حاليا بشكل كامل.

قد يهمك:“جحيم روسي” في أوكرانيا وتطورات جديدة في التوترات الصينية التايوانية

من الواضح أن روسيا سقطت في وحل المستنقع الأوكراني، حيث جاءت توقعات إدارة بوتين خاطئة في إمكانية تحقيق أهدافها خلال فترة وجيزة، لكن المقاومة الأوكرانية، والتكتيكات الجديدة التي تتبعها زادت في الخسائر الروسية بشكل غير متوقع، وهذا ما أدى لوضع الروس في موقف لا يستطيعون معه التقدم في الحرب أو إيقافها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة