تصعيد متزايد يشهده ملف الغزو الروسي لأوكرانيا، وذلك بعد أن زادت روسيا من وتيرة هجماتها العدوانية على الأراضي الأوكرانية، وذلك في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الصين وتايوان، حيث يقوم الطرفين بتحركات عسكرية تنبئ بنشوب حرب بين البلدين.

الجحيم الروسي

في تطور ميداني جديد يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا، أعلنت الأخيرة، يوم أمس الخميس، أنها اضطرت إلى التنازل عن بعض الأراضي في شرق البلاد تحت ضغط هجوم روسي واسع، إذ وصف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الضغط الذي تتعرض له قواته المسلحة في منطقة دونباس شرق البلاد بأنه “جحيم”، بحسب تقارير صحفية اطلع عليها “الحل نت”.

كما تحدث زيلينسكي عن قتال شرس حول أفدييفكا وقرية بيسكي المحصنة، حيث اعتبرت كييف بأن “العدو الروسي حقق نجاحا جزئيا” في الأيام القليلة الماضية، في حين أكد الأمين العام لـ”حلف شمال الأطلسي” (الناتو) أنه يجب عدم السماح لموسكو بالانتصار في الحرب.

وفي سياق متصل، أوضح الجيش الأوكراني، يوم أمس الخميس، أن القوات الروسية شنت هجومين على الأقل على بيسكي لكن قواته تمكنت من صدهما، حيث قضت أوكرانيا السنوات الثماني الماضية تحصن مواقع الدفاع في بيسكي واعتبرتها منطقة عازلة ضد هجوم القوات المدعومة من روسيا، والتي تسيطر على مدينة دونيتسك على بعد نحو عشرة كيلومترات إلى الجنوب الشرقي.

ومن جهة أخرى، بيّن الجنرال الأوكراني، أوليكسي جروموف، أن قوات بلاده استعادت قريتين حول مدينة سلوفيانسك بشرق البلاد، لكنها تراجعت إلى ضواحي بلدة أفدييفكا، بعد أن أُجبرت على التخلي عن منجم فحم يعتبر موقعا دفاعيا رئيسيا، وذلك في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الدفاع الروسية هجومها، مضيفة أن قواتها ألحقت خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية حول أفدييفكا وموقعين آخرين في مقاطعة دونيتسك، بحسب ادعائها، مما أجبر وحدات المشاة الميكانيكية في كييف على الانسحاب.

إقرأ:غزو صيني لـ تايوان.. ما الاحتمالات؟

خطط روسية ومدنيون في خطر

روسيا أعلنت أنها تخطط للسيطرة الكاملة على منطقة دونيتسك الأوسع، وهي واحدة من اثنتين تشكلان إقليم دونباس الصناعي، وذلك في إطار ما تسميه “عملية عسكرية خاصة” لحماية أمنها مما تقول إنه توسع غير مبرر لـ “حلف الناتو”.

ونشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات أظهرت، قاذفات صواريخ روسية في أثناء القتال ودبابات تتقدم وتطلق القذائف بوتيرة سريعة في منطقة سهلية مفتوحة. ولم يتضح مكان التصوير، فيما أظهرت لقطات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي جثثا، بعضها تحول إلى أشلاء، بجانب طريق في وسط دونيتسك، بينما بدا الرصيف ملطخا بالدماء.

من جهته، قال البيت الأبيض، يوم أمس الخميس، أنه يتوقع أن يحاول المسؤولون الروس إلصاق التهمة بالقوات الأوكرانية في الهجوم على بلدة أولينيفكا على الخطوط الأمامية الأسبوع الماضي، والذي أودى بحياة أسرى يحتجزهم الانفصاليون الموالون لروسيا.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، “نتوقع أن يحاول المسؤولون الروس توريط القوات المسلحة الأوكرانية؛ تحسبا لزيارة صحفيين ومحققين موقع الهجوم”.

من جهة ثانية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الأربعاء الفائت، أنه سيشكل بعثة لتقصّي الحقائق في الهجوم، بعدما طلبت موسكو وكييف تحقيقا.

وأيضا قال الأمين العام لـ”حلف شمال الأطلسي” ينس ستولتنبرغ، يوم أمس الخميس، إن الحرب أخطر لحظة بالنسبة لأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وإنه يجب ألا يُسمح لروسيا بالانتصار فيها، مشيرا إلى أنه في سبيل منع موسكو من تحقيق النصر، قد يتعين على الحلف والدول الأعضاء فيه دعم أوكرانيا بالأسلحة والمساعدات الأخرى لفترة طويلة قادمة.

ولفت ستولتنبرغ إلى أن طموحات روسيا قد تمتد إلى ما وراء أوكرانيا، محذرا بوتين من أن الرد على مثل هذه الخطوة من قِبل التحالف العسكري الغربي “سيكون ساحقا”.

قد يهمك:نزاع محتمل بين الصين وإسرائيل في سوريا؟

توتر صيني تايواني

في التوترات التي تشهدها العلاقات الصينية التايوانية، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم الجمعة، أن الجيش أرسل طائرات وسفنا ونشر أنظمة صواريخ برية، لمراقبة الوضع الذي افتعلته الصين بعد إجرائها تدريبات عسكرية واسعة النطاق في المناطق المحيطة بتايوان، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأضافت الوزارة أن عدة سفن وطائرات صينية عبرت خط المنتصف بمضيق تايوان صباح الجمعة، واصفة أنشطة بكين العسكرية بأنها “استفزازية” جدا.

ولفتت الوزارة إلى أن جيش تايوان سيجهز الاستعداد القتالي لكنه لن يسعى للحرب، فيما قال رئيس وزراء تايوان سو تسينج تشانج، اليوم الجمعة، إن “الجارة الشريرة” للجزيرة تستعرض قوتها “عند بابنا”، في إشارة إلى التدريبات العسكرية التي تجريها الصين حول تايوان.

من جهتها، نشرت الصين، يوم الأربعاء الفائت، عشرات الطائرات والصواريخ بالقرب من الجزيرة، في أكبر تدريبات تجريها على الإطلاق في مضيق تايوان، والتي من المقرر أن تستمر حتى ظهر يوم الأحد القادم في ست مناطق تطوق معظم الجزيرة.

وأكد الجيش الصيني إطلاق العديد من الصواريخ بالمياه قبالة تايوان في إطار تدريبات مقررة في ست مناطق، ومن المقرر أن تستمر حتى ظهر الأحد. وذكر تلفزيون الصين المركزي أن مئة طائرة شاركت في التدريبات، بينها مقاتلات وقاذفات قنابل وأكثر من عشر سفن حربية.

وفي مقابل ذلك، ردت تايوان بإرسال طائرات مقاتلة لتحذير 22 طائرة صينية عبرت خط المنتصف ودخلت منطقة الدفاع الجوي التابعة لها، حسب وزارة الدفاع التايوانية.

وبينت الوزارة التايوانية، أن قواتها أطلقت طلقات ضوء في وقت متأخر من مساء يوم أمس الخميس، لإبعاد أربع طائرات مسيرة حلقت فوق منطقة جزر كنمين التابعة لها قبالة الساحل الجنوبي الشرقي للصين.

لن تشن الصين هجوما على تايوان لمجرد أن الصين لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة، لأنها ستواجه أيضا عقوبات أميركية وغربية مثلما فُرضت على روسيا أثناء غزوها لأوكرانيا، حسبما أوضح الكاتب والمحلل السياسي ميّار شحادة، خلال حديث سابق لـ”الحل نت”.

وبحسب تقدير شحادة، فإن الصين ستواجه مصيرا كارثيا في حال غزت تايوان، لا سيما أن الصين لديها استثمارات بقيمة تريليونات الدولارات في أميركا، وبالتالي إذا عوقبت الصين، مثلما عوقبت روسيا، فإنه من الممكن إعادة الصين إلى فترة ما قبل السبعينيات، لذا تدرس الصين التاريخ جيدا، خاصة فترة الاتحاد السوفيتي الذي كان يهدد سابقا بنقل الصواريخ إلى كوبا قبالة الساحل الأميركي، وتحديدا فلوريدا، ومن ثم هددت بنقل الأسلحة النووية إلى بحر الصين الجنوبي، حيث كان هناك العديد من الإشكاليات حينذاك، ولكن في النهاية انهار الاتحاد السوفيتي وانتصرت الولايات المتحدة، الآن الصين تقرأ كل هذا، ووفق اعتقاد شحادة، أنه لن يكون للصين رد فعل غوغائي أو عسكري، فهي الآن بحسب تقديره تدرس خطواتها بعناية، وتعلم أن أدواتها ليست قوية أو قادرة على مواجهة الولايات المتحدة.

إقرأ:الهجمات الإسرائيلية على سوريا مهددة بالإيقاف.. ما علاقة الصين؟

مزيد من التوترات يشهدها العالم، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والتوتر الصيني التايواني، والتوتر الصربي الكوسوفي، ما ينذر بمستقبل يحمل المزيد من الصراعات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.