في العديد من المدن السورية أصبح بيع المياه باستخدام الصهاريج تجارة رائجة، ويمكن القول إنها أصبحت نشاطا موسميا، يزدهر في مواسم الصيف عندما يكون استهلاك المياه لدى المواطنين مرتفعا، فعلى سبيل المثال، بيع صهاريج المياه أرخص في الشتاء مما هي عليه في الصيف، ويرجع ذلك بحسب المنطقة نظرا لطبيعة الينابيع التي تفيض فيها، لكن الأثر الحقيقي لهذه النفقات الإضافية على الدخل الشهري لا يشعر به سوى المواطن في سوريا.

الماء لأصحاب الأموال

كان موقع “الحل نت” في تقرير سابق قد رجح أنه بالتزامن مع خفض مخصصات المواطنين من قبل الحكومة، والأجواء الحارة خلال فصل الصيف خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، فإن الطلب على المياه سيتزايد بسبب غلاء الوقود في السوق السوداء، وبالتالي ستكون هناك زيادة في الأسعار خلال الفترة الحالية، وهذا ما حدث بالفعل.

في تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نشر اليوم الثلاثاء، ادعى مجموعة من سكان منطقة جرمانا في ريف دمشق، أنهم مجبرون على شراء المياه من الصهاريج، بكلفة تصل إلى 30 ألف ليرة، وأضافوا أن صاحب الصهريج يبرر هذا السعر بشراء لتر مازوت بـ 7 آلاف ليرة سورية في السوق السوداء.

وبالنظر إلى أن إمدادات المياه في المدينة لا تتوفر، إلا ليوم واحد مقابل ثلاثة أيام انقطاع، ولكن انقطاع الكهرباء يمنع الأهالي من ملء الخزان تماما في يوم الوصول، فيجب عليهم شراء الماء من هذه الصهاريج، إلى جانب تشغيل المولدات لنقل المياه إلى الخزانات، والتي تتطلب لإنجاز المهمة شراء ليتر من البنزين بتكلفة لا تقل عن 5 آلاف ليرة.

إلى ذلك، لم يكن المواطن منطقة القطيفة في حال أفضل، لأنه لا يحصل على الماء إلا مرة كل 15 يوما ولست ساعات فقط، إذ يشير أحد المقيمين هناك، وهو مدرس لمادة الفيزياء، إلى أنه يحتاج إلى أكثر من 400 ألف ليرة شهريا فقط لشراء الماء، أي ما يقرب من أربعة أضعاف المبلغ اللازم لشراء الطعام.

ويشير المدرس في حديثه للصحيفة، إلى أن معظم المياه التي يشترونها تأتي من مصادر مجهولة الهوية، ويستهلكها أعداد كبيرة من سكان المنطقة، خصوصا، وأن أصحاب الناقلات يدعون “كذبا” أن المياه تأتي من نبع الفيجة، لأنها- المياه- تحتوي على عكارة واضحة، مما يثير احتمال الإصابة بحالات تسمم التي تحدث ما بين الحين والآخر في بعض الأحياء.

تجارة صهاريج المياه

أزمة المياه التي تسود دمشق وريفها، أكدها مدير مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في دمشق وريفها، سامر الهاشمي، مضيفا أن المؤسسة تمنح رخص لجميع الصهاريج، ولكن يجب على مالك الشاحنة تجديد الترخيص كل ثلاثة أشهر في ظل شروط صعبة، تتضمن وضع بطاقة – على الصهريج الأزرق المطلي فقط – تشير إلى مصدر المياه، وتقديم شهادة صحية لصاحب الصهريج تثبت خلوه من الأمراض المعدية.

ونقلت الصحيفة عن الهاشمي، قوله إن المؤسسة تعلم بوجود صهاريج مياه مخالفة، وهي فقط تخاطب قيادة الشرطة التي تعمل على حجز صهاريج المياه إلى حين حصولها على ترخيص، موضحا أنه تم تلقي العديد من الشكاوى في هذه المناطق، وأن العديد من الصهاريج المخالفة موجودة في منطقتي الغوطة وصحنايا، مبيّنا أن شركة المياه لا تتولَ مسؤولية تحديد كلفة شراء ونقل المياه بهذه الصهاريج.

وأوضح الهاشمي، أن المؤسسة تعمل على حل مشكلة المياه تدريجيا بالتعاون مع شركة الكهرباء، لتغذية الآبار والمخارج المستثناة من التقنين، خصوصا وأن معظم مدن ومناطق الأرياف المحيطة بدمشق، باستثناء جزء من منطقة القلمون الشرقي، تتوفر فيها مصادر كثيرة للمياه، وتابع: “قد يتطلب هذا الأمر عملا ووقتا كبيرين”.

تقنين جديد للمياه

خلال لقاء مع مدير السورية للتجارة زياد هزاع في برنامج “حديث” النهار” على إذاعة “شام إف إم” المحلية، مؤخرا، كشف أن ”مخصّصات جعب المياه للمواطنين قد خفضت إلى النصف، أي من 4 جعب كبيرة إلى 2، ومن 8 صغيرة إلى 4″.

وعزا هزاع ذلك، إلى بدء فصل الصيف وانخفاض منسوب الينابيع وازدياد الطلب على المادة من قبل البقّاليات، والفعاليات السياحية، وذلك بما يتناسب مع تلبية احتياجات الجميع ولضبط عملية التوزيع، موضحا أن “السورية للتجارة” بدأت بتوزيع المياه في فصل الشتاء، حيث يكون الطلب منخفضا، وبالتالي كانت الكميات المتاحة أعلى من حاجة المواطنين.

ومن جهته، أرجع المدير العام للشركة العامة لتعبئة المياه بسام علي، التي تتبع لها معامل مياه “السن” و”الدريكيش” و”بقين” و”الفيجة”، سبب رفع سعر المياه، إلى زيادة التكاليف التشغيلية وزيادة أسعار المواد الأولية وصعوبة تأمين المستوردة منها خاصة (الحبيبات) حيث تم الإعلان مرات ومرات وصل بعضها لـ28 مرة من دون أن يتقدم أي مستورد أو تاجر إلى أي منها.

الجدير ذكره، أن الشركة العامة لتعبئة المياه، قامت مؤخرا برفع سعر المياه المعبأة من معامل وزارة الصناعة مرتين وبقرارين متتاليين؛ الأول بتاريخ 23 حزيران/يونيو الجاري، والذي قضى بتحديد سعر الجعبة 1.5 ليتر فيها ست عبوات من أرض المعمل بـ ـ4800 ليرة سورية ومن باعة الجملة إلى باعة المفرق بـ5250 ليرة ومن باعة المفرق إلى المستهلك بـ ـ5700 ليرة وسعر العبوة الواحدة من باعة المفرق إلى المستهلك 950 ليرة.

أما بالنسبة للقرار الثاني الذي صدر برقم 373 في اليوم التالي، أي في 24 من حزيران/يونيو الجاري، فقد تم بموجبه زيادة الأسعار مرة أخرى ليصبح سعر جعبة 1.5 ليتر فيها ست عبوات من أرض المعمل 5300 ليرة ومن باعة الجملة إلى باعة المفرق بـ ـ5800 ليرة ومن باعة المفرق إلى المستهلك بـ6300 ليرة وسعر العبوة الواحدة من باعة المفرق إلى المستهلك 1050 ليرة، وسعر جعبة نصف ليتر فيها 12 عبوة من أرض المعمل بـ ـ6300 ليرة ومن باعة الجملة إلى المفرق بـ ـ6750 ليرة ومن باعة المفرق إلى المستهلك بـ ـ7200 ليرة وسعر العبوة الواحدة للمستهلك 600 ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.