العادة السرية عند الأطفال

“العيب والحرام” ثقافة نشأ عليها الكثير منّا في مجتمعاتنا العربية، حتى أصبحت من المسلّمات، هذه الثقافة الموروثة حجبت عن الكثير من الآباء والأمهات رؤيةَ أهمية التربية الجنسية لدى الأطفال، حيث أنها ضرورة ملحة وليست مدعاة للخجل، وهنا لا نتحدث عن الوعي الجنسي عند الأطفال فقط بل هو أيضاً الوعي عند الوالدين لفهم تصرفات أبنائهم وبناتهم.

فقد لا يكون معروفاً عند الجميع أن تربية الطفل الجنسية تبدأ منذ الطفولة الباكرة، حيث يجب أن يتعلم أهمية خصوصية جسده، ورفض خلع ملابسه أمام الغرباء، وأن أعضاءه الحميمة ممنوع لمسها من قبل الآخرين، ولا يجب عليه بدوره ملامسة أعضاء سواه.

 

ملامسة الأطفال لأعضائهم/ن الحميمة أمر طبيعي

أما ملامسة الأطفال لأعضائهم الحميمة في عمر مبكر، فهي ظاهرة شائعة عند الأطفال دون سن الست سنوات، حين يبدأ الطفل بالتعرف على أعضاء جسده ومن ضمنها أعضاؤه التي كانت مخفية تحت الحفاض وذلك بدافع الفضول والاستكشاف.

وقد قال الدكتور “أحمد مطر” لـ(الحل نت): إن «الأطفال في هذه المرحلة العمرية (دون الست سنوات)، ومن كلا الجنسين، يدفعهم الفضول إلى اسكتشاف أجسامهم ومحيطهم والاختلافات الجسدية بينهم وبين أقرانهم أو إخوتهم ولاسيما الجنس الآخر، ولا يمكن اعتبار لمسهم لأعضائهم التناسلية سلوكاً جنسياً كما يفعل الكبار، فالأطفال يشعرون بالراحة والفضول فقط».

عند سؤال الدكتور “مطر” عما يجب على الأهل فعله في مثل هذه الحالات أجاب: «يجب تجاهل ما يقوم به الطفل، وعدم إجباره على ترك هذه العادة عن طريق العقاب أو التعنيف حتى لا ينفر من هذا العضو، فلهذا أثر خطير فيما بعد».

 

أسباب استمرار الأطفال بملامسة أعضائهم/ن وتحول هذا السلوك إلى “عادة سرية”

هذه الممارسة الفطرية التي تبدأ من قبيل الاستكشاف، قد تتطور وتصبح أكثر تواتراً في بعض الحالات، خاصة إذا كان الطفل وحيداً أو غير سعيد.

على سبيل المثال إن كان الوالدان مشغولين دائماً عن الطفل وغيابهما مستمر عنه مما يبعث عنده حالة من الملل فيتجه إلى ما هو أكثر متعة في وقت فراغه الطويل، كذلك كثيراً ما يلجأ الأطفال إلى الانعزالية بسبب الخوف والقلق عند حدوث المشاكل الأسرية التي تمنعه من ممارسة حياته بشكل طبيعي كاللعب خارج غرفته، فيزداد توتره ويفرغ هذا الشعور باللعب بأعضائه حيث يجد المتعة.

المعاملة العنيفة للطفل قد تكون سبباً أيضاً في ممارسته هذه العادة، كأن يكون ضحية للتنمر أو للضرب أو العقوبات المستمرة من عائلته.

حينها لا يقف هذا السلوك عند اللهو والاستكشاف بل يتطور إلى ممارسة لها أبعاد أخرى وأعراض مختلفة، تخبرنا عن مثال لهذه الحالة، “عتاب محمد” (اسم مستعار – 35 سنة – ريف دمشق)، وهي أم لطفل اسمه “عمر” في الرابعة من عمره «لاحظت أن عمر يضع يده على أعضائه الحساسة من داخل الملابس عندما يشاهد التلفاز أو عند النوم، وتظهر عليه علامات الذهول ويحمر وجهه ويصبح غير مدرك لما حوله، وقد تكرر هذا السلوك عدة مرات فأصبت بالقلق، وأول ما خطر ببالي أن ابني عنده مشاكل جنسية ولم أعرف كيف أتصرف».

عند البحث أكثر في ظروف معيشة “عمر” تبين أنه يتعرض للتنمر من قبل أبناء عمومته الأكبر سناً الذين يعيشون معه في نفس البيت، وأنه يقضي معظم الوقت منزوياً بعيداً عن الأنظار، وكان يلجأ للعب بجسده كنوع من التسلية، ولكن تطور هذا السلوك وأصبح عادةً تبعث على السعادة وما هو أكثر من مجرد إرضاء فضول.

 

ممارسة الأطفال للعادة السرية أمام أقرانهم/ن

قد لا يكتفي بعض الأطفال بممارسة العادة السرية في الخفاء، بل يبحثون عن هذه المتعة بحضور زملائهم وزميلاتهم في المدرسة أو في الأماكن العامة.

أخبرت المعلمة “سحر الحازم” (مدرسة ابتدائي – دمشق)، لـ(الحل نت)، عن تجربتها مع طالبة في الصف الأول الابتدائي قائلة «لاحظت أن هذه الطالبة كانت تقوم بحركات اهتزازية أثناء جلوسها على الكرسي واضعة يدها على عضوها التناسلي من فوق الملابس، فتنشغل عما يحيط بها ثم يبدأ وجهها بالاحمرار وتظهر عليها علامات التعب والإرهاق، وبعد دقائق تكرر نفس التصرف».

تابعت: «بداية اعتقدت أن الأمر يتعلق بمرض أو التهاب في هذه المنطقة من جسمها، ولكن استمرار هذا السلوك لفت انتباه زملائها وأثار فضولهم، تواصلت مع أهلها فوراً لمناقشة تصرفاتها فتبين أنها تعيش مع جدتها لأن والديها منفصلان وتقضي معظم وقتها بمفردها في الغرفة».

وعند سؤالنا للمعلمة عن تعاملها مع هذه الحالة أجابت «تجاهلت تصرفاتها بشكل كامل بناء على طلب من الطبيبة المختصة، وحاولت أن أشغلها داخل الصف، وكلما وضعت يدها تحت المقعد أطلب منها القيام بعمل ما حتى أشتت انتباهها عن هذا التصرف، لقد تم عرض الطفلة على طبيبة مختصة لمتابعة حالتها ووصفت لها مرهماً مخدراً يوضع في هذه المنطقة ليساعد في تخفيف هذا السلوك، بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية، وأكدت الطبيبة على أهمية تجنب قضاء الطفلة أوقاتاً طويلة بمفردها».

 

كل ممنوع مرغوب

من المهم أن يعرف الوالدان أن ملامسة ابنهما أو ابنتهما لأعضائهما الحميمة ليس أمراً غريباً بل هو خطوة في رحلة استكشافهما للعالم ولنفسيهما، ولا يجب معاملة هذا التصرف بعنف أو تأنيب كي لا يزرع الأهل في عقول الأطفال رد فعل عكسي له تأثيراته السلبية على سلوكهم أو ميولهم، ما يحتاجه الطفل هو تعليمه للمبادئ الأساسية الخاصة بخصوصية جسده، وإعطاؤه الحب والاهتمام والاستماع له، وشغله بنشاطات بدنية وعقلية تنمي شخصيته وإدراكه.

وكلها طرق بسيطة تساعده على عدم تطوير هذه الممارسة الطبيعية لتصبح عادة يصعب عليه التوقف عنها، من دون اللجوء إلى إحراجه أو تعنيفه، فالطفل يعتبر أن جسده ملكه ولا يستطيع أن يفهم سبب عقابه على هذا، خاصة أن كل ممنوع مرغوب.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.