سعت دمشق بدعم من موسكو منذ يونيو/حزيران الفائت، بكل قوتهما لإخضاع درعا لتسوية جديدة دون سابق إنذار. وجاء ذلك بالرغم من عقد المحافظة تسوية مماثلة عام 2018. وفي ذلك الوقت لم يعرف أهالي المنطقة سبب إصرار الحليفين (دمشق وموسكو) على إنجاح التسوية.

وعقب التسوية بأيام، بدأ الانفتاح العربي على دمشق، بدء من عمان والقاهرة، عبر خط الغاز العربي ووصلاً إلى أبو ظبي. وخلال مدة التسويات التي استمرت لأربعة أشهر لم تحرك المعارضة السياسية السورية أي ساكن، ما أثار العديد من التساؤلات حول ذلك.


أحرار الشرقية” مفتاح اللغز؟

البيان الوحيد الذي صدر عن “الائتلاف” السوري المعارض، خلال أحداث درعا، هو في شهر سبتمبر/أيلول الفائت، أي بعد ثلاثة أشهر من اندلاع القتال بين أهالي درعا والحكومة السورية.

حينها ذكر رئيس الائتلاف، سالم المسلط، أنّه «لا يمكن أن نقف متفرجين على قتل أهلنا بيد النظام المجرم وحلفائه».

العديد من التساؤلات أثيرت حول تهميش أحداث درعا، التي يطلق عليها المعارضون «مهد الثورة السورية». لرمزية خروج الاحتجاجات منها عام 2011.

حتى مؤسسات “الحكومة السورية المؤقتة” المُعارض، لم تحرك ساكناً، كـ “الجيش الوطني” العماد العسكري لها، أو رئاسة الحكومة، حسبما ذكر عضو لجنة المفاوضات في محافظة درعا، لـ”الحل نت”. 

ولكن سر اللغز المحير، خلُص إليه “الحل نت” من خلال تسريب خاص، أكد أنّ وفد المعارضة السورية تحرك إلى نيويورك في ذلك الوقت (شهر أيلول) من أجل مهمة أخرى.

التسريبات التي حصل عليها “الحل”، أكدت أنّ وفد المعارضة كانت أبرز أولوياته هو مناقشة إزالة فصيل «أحرار الشرقية» من قائمة العقوبات الأميركية.

بعدما كانت الولايات المتحدة فرضت في يوليو/تموز الفائت، عقوبات على جماعة «أحرار الشرقية» التابع لـ “الجيش الوطني”، المتهمة بقتل الناشطة الكردية، هفرين خلف.

اقرأ أيضا: “مصطفى سيجري” يهدد الولايات المتّحدة بعد إدراجها “أحرار الشرقية” في لائحة العقوبات

درعا ليست من أولويات تركيا؟

أنقرة الداعمة الأبرز لـ “الجيش الوطني”، تعتبر “أحرار الشرقية” فصيلاً مهماً لديها. خصوصاً بعد تنفيذه أعمالاً قتالية لصالحها منذ 2016 وحتى 2020.

وشارك “أحرار الشرقية” في العمليات التركية، بمناطق الشمال السوري، سواء فيما يسمى بـ “درع الفرات”، “غصن الزيتون”، و”نبع السلام”. كما ابتعث عددا من أفراده لمساندة القوات التركية في ليبيا وأذربيجان.

مصدر “الحل نت”، أكد أنّ تركيا دعمت المعارضة السياسية السورية ممثلة بـ “الائتلاف”، بضرورة العمل على استبعاد الفصيل من قائمة العقوبات الأميركية. ما دفع وفد المعارضة خلال حضوره لأعمال الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بنيويورك، في سبتمبر/أيلول الفائت، للتركيز حول ذلك.

يوضح أبو محمد البطين، عضو اللجنة المركزية، أنّ «المجتمع الدولي وخصوصاً تركيا لم تولي اهتماماً لدرعا. بالرغم من أنّها تعتبر بوابة العلاقات الدولية لدمشق من الجنوب، وكان على تركيا مساندتها كون أنها تحتضن المعارضة».

ولم يستبعد البطين، أنّ «تركيا لم تأخذ أحداث درعا على محمل الجد؛ لانشغالها بالتمهيد لعملية عسكرية في شمال وشرق سوريا».


وتابع بالقول «ما لا يراه هؤلاء الناس هو أن تبعية المعارضة السياسية والعسكرية لأنقرة، كبلتها في التحرك من أجل مناصرة درعا. حتى في إدلب الجيش التركي لم يحرك ساكناً إلا بعد مقتل عدد من عناصره. الأمر الذي حول المعارضة المسلّحة إلى عناصر تدافع فقط عن الجيش التركي ثأراً لمقتل عناصره. وهو تأكيد جديد على تبعية هؤلاء لتركيا».

وعليه، يرى البطين، أنّ المعارضة السورية المسلّحة باتت رهن المخططات التركية داخل سوريا وخارجها. مضيفاً «ولم يعد بإمكانها أبداً أن تطالب بإسقاط الأسد». حتى أنّها حوّلت الاحتجاجات الشعبية الّتي انطلقت لوجود مطالب محقّة إلى مطالبات بفتح معارك شرقي البلاد.

قد يهمك: لماذا تصرّ تركيا على تبني ودعم فصيل كـ«أحرار الشرقية» رغم ارتكابه الدائم للانتهاكات؟

وكانت وتيرة عمليات الاغتيال، عادت للارتفاع مؤخراً، بعد انتهاء موجة التصعيد التي شهدتها محافظة درعا (جنوبي سوريا)، والتي انتهت من عملية “التسوية” الجديدة، في وقت رأى فيه مراقبون أنّ أيادي إيران وتنظيم داعش وراء تلك العمليات.

عادت وتيرة الارتفاع لعمليات الاغتيال بعد انتهاء موجة التصعيد التي شهدتها محافظة درعا، والتي انتهت من عملية “التسوية” الجديدة، في حين يرى مراقبون أنّ أيادي إيران وتنظيم داعش وراء تلك العمليات.

وتحدثت مصادر خاصة من المحافظة لـ”الحل نت” بأن ازدياد عمليات الاغتيال وتوسعها إلى جميع أنحاء درعا، تزامن مع قرار من دمشق بسحب حواجزها من الطرق الرئيسية في المحافظة.

ولم تستبعد المصادر، ضلوع الخلايا النائمة لتنظيم داعش بعمليات الاغتيال في درعا لاستمرار التصعيد في المحافظة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.