الفحص النسائي.. تعنيف جسدي ونفسي ورغبات الزوج الجنسية قبل صحة المرأة!

الفحص النسائي.. تعنيف جسدي ونفسي ورغبات الزوج الجنسية قبل صحة المرأة!

أغلب الأطباء السورييّن والسوريّات لا يراعون خصوصية النساء ولا يحترمون أجساد مرضاهم

السخرية من ألم المريضة واستخدام المصطلحات بشكل مهين

لا تخلو جلسات النساء من الحديث عن تجاربهن السيئة خلال الفحص النسائي، الأمر الذي يجعل أغلبهن يتحاشين الذهاب إلى الطبيبة النسائية إلا بعد تفاقم حالتهن الصحية.

فعندما سألنا مجموعة من السيدات عن تجاربهن مع الفحص النسائي، لاحظنا أنَّ النساء لا يداومون على الفحص النسائي الدوري، لأن الأطباء والطبيبات في كثير من الأحيان لا يُؤمّنُون للمريضة الشعور بالراحة، ولا يتعاملون مع أجساد مرضاهم وقراراتهن باحترام.

التقى (الحل نت)، مع مجموعة من السيدات اللواتي بُحنَّ بتفاصيل العنف الجسدي والنفسي الذي تعرضن له خلال الفحص النسائي، بعدما طلبن حجب اسمهن الأخير حفاظاً على خصوصيتهن.

السيدة “نسرين” تحدثت عن تجربة ولادتها بطفلها الأول عندما كانت في السابعة عشر من عمرها قائلةً: «كنت طفلةٌ تلد طفلاً، وعوضاً من أن تراعي الطبيبة النسائية ذلك، قابلت ألمي وخوفي بالعنف والعصبية، فذنبي أنها كانت نائمة عندما اتصلت بها الممرضة».

وتتابع “نسرين”: «لا أزال أذكر كيف تعاملت معي بمنتهى العنف والإهانة».

بعد ذلك غيّرت السيدة “نسرين” طبيبتها، لكن تجربتها مع الطبيبة الثانية لم تكن أفضل، فتقول: «قررت الانفصال عن زوجي وكنت حاملاً بابني الثاني، لذلك أردت أن أجهض، خاصةً أنني كنت في بدايات حملي، لكن الطبيبة لم تحترم قراري، لا بل قالت لي كلاماً بمنتهى قلة الأدب “وين كان عقلك لما فتحتي رجليكي”، واتهمتني بأنني لا أتقي ربي وبأن عليَّ الذهاب إلى طبيبة بلا أخلاق مثلي».

طبيب يقرف من أجساد مرضاه!

تقول السيدة “ولاء” من سوريا: «خلال فترة مراهقتي، كانت لدي مشكلة في الهرمونات، وخلال زيارتي الأولى للفحص النسائي فحصني الطبيب بقرف واشمئزاز، حتى أنه علّق هو والممرضة على شعر العانة لدي!».

وتتابع: «سمعت تعليق الطبيب لكنني لذت بالصمت والخجل، كانت تجربة صادمة».

وتحكي “ولاء” عن تجربتها مع طبيب في الأردن، موضحةً أنها لم تكن أفضل حالاً من تجربتها في سوريا: «بعد عدة سنوات زرت طبيب نسائي في الأردن، سألني الطبيب قبل الفحص عن طبيعة عملي وكنت أعمل حينها في قناة تلفزيونية، الفحص كان مؤلم كثيراً خصوصاً بوجود إلتهابات، وعندما صرخت قال لي الطبيب ساخراً: ألست صحفية و تتحلين بالشجاعة!!».

وتضيف “ولاء”: «سمعت كثيراً عن صديقات تعرضن للتعنيف النفسي أو الجسدي خلال الفحص والولادة، لكن أكثر التجارب التي تتكرر في دول الشرق هي الاستهتار بآلام عسر الطمث والتعامل معها على أنها دلع، وربط علاج أكياس المبايض برغبة السيدة في الإنجاب، وكأن صحة السيدة غير الراغبة في الإنجاب أمر ثانوي».

طبيبة تستغل سذاجة مراهقتين

وتحكي “ندى” عن تجربتها مع طبيبة نسائية في دمشق: «كنت في الصف الثامن عندما تعرضت صديقتي لحادث بسيط خلال قيادتها الدراجة الهوائية تسبب بعدة جروح سطحية في فخذيها، أنا وصدقتي خفنا أن تكون قد فقدت عذريتها، لذلك قررنا زيارة طبيبة نسائية دون إخبار أهلنا».

وتتابع: «مازلت إلى الآن أذكر اسم الطبيبة ومكان عيادتها وهي ما تزال تعمل إلى اليوم، الطبيبة استغلت قلة خبرتنا وقالت بأن غشاء البكارة متأذي وبأن تكلفة ترميمه ١٠ آلاف ليرة، عندها أخبرت والدتي فأخذت صديقتي إلى طبيبها النسائي وتبيّن كذب الطبيبة».

قررت التوقف عن الإنجاب بسبب تجربتها السيئة

تروي السيدة “ياسمين” تجربتها مع مستوصف طبي في درعا، حيث ذهبت لتركيب اللولب الرحمي، لكنهم ركبوا لها اللولب بشكل خاطئ، مما تسبب لها بأضرار صحية جسيمة، كما أنهم لم يراعوا خصوصيتها خلال عملية تركيب اللولب، فتقول “ياسمين”: «كان يفصل بين الأسِرة ستار خفيف وشفاف والعيادة تعج بالأطفال والنساء، كان أمر بمنتهى الإحراج والألم».

تعيش السيدة “هناء” في مدينة إعزاز، وهي قررت التوقف عن الإنجاب بسبب الأذى النفسي والجسدي الذي تعرضت له خلال ولادتها الأولى، مبينةً أنه لا يوجد مراعاة للخصوصية أو للنظافة العامة أو للحالة الصحية والنفسية للمرضى.

وتقول “هناء” إن خلال الفحص تستخدم الطبيبات مصطلحات مسيئة للمريضة، ويقابلون خوف النساء بالسخرية، وخلال الولادات يتركز اهتمام الطبيبات على إرضاء الرجل بعدم توسيع العضو التناسلي وليس على صحة المرأة.

طبيبة ألمانية تنصح بالإنجاب للتخفيف من آلام عسر الطمث

تقول “إيمان” أنها بحثت عن طبيبة نسائية تتكلم العربية في تركيا، إلا أن الطبيبة خلال الفحص عنفتها نفسياً، وتصرفت بمنتهى الوصاية على جسدها، وتتابع “إيمان”: «صارت تأنبني على قراري بعدم الإنجاب مرة أخرى».

وتروي الفنانة البصرية المقيمة في ألمانيا “رولا” تجربتها قائلة: «كنت منفصلة حديثاً عن شريكي وكنت في حالة نفسية سيئة جداً، زرت الطبيبة النسائية التي كانت ألمانيّة بسبب معاناتي من آلام الطمث، وبعد أن أعطتني الحبوب المسكنة أوصتني بالإنجاب لأن ذلك حسب قولها يخفف من آلام الطمث».

تتابع “رولا”: «استغربت من أن طبيبة تنصح المريضة بإنجاب إنسان إلى الحياة لأن ذلك سيخفف عنها آلام الطمث وكأن قرار الإنجاب يؤخذ بهذه البساطة!، كما أنني انصدمت من عدم مراعاتها لخصوصيتي، فهي لم تسأل نفسها إن كنت مرتبطة أم منفصلة قبل أن تقدم نصيحتها!».

غياب الرقابة والاستخفاف بآلام النساء

لماذا تتعرض النساء للعنف النفسي والجسدي خلال الفحص النسائي؟ سؤال طرحناه على المستشارة النفسية “إسراء القطيش” التي أوضحت، «من المؤسف أنَّ ثقافة احترام أجساد النساء غير موجودة عند أغلب الطبيبات والأطباء، كما أن المجتمع الشرقي بشكل عام يتعامل مع المرأة على أنها كائن هوايته الدلع والغنج، لذلك لا تؤخذ آلام النساء على محمل الجد، وغالباً ما يتم الاستخفاف بآلام الطمث أو آلام الولادة لأنها آلام نسائية، فيما لو أنها كانت آلام ذكورية لكانت موضع تقديس واحترام».

وتتابع المستشارة النفسية: «شعور الطبيب أو الطبيبة أن الأم التي تضع طفلها في حالة ضعف جسدي ونفسي واختفاء الرقابة دافع مباشر لممارسة العنف عند بعض الأطباء، وأحياناً يكون العنف وسيلة لإجبار المرأة على إجراء الولادة القيصرية التي تعتبر أكثر ربحاً بالنسبة للطبيب، ومن أشكال العنف أيضاً عدم إعطاء الطفل الوليد مباشرة لوالدته بل إعطاءه فوراً الحليب الصناعي، وذلك برأيهم دليل على الاهتمام بالطفل وهو فعل خاطئ وشائع جداً».

وعن الرقابة على المشافي والعيادات النسائية في الداخل السوري، أوضحت المحامية “زينة حلوي” المقيمة في مدينة إعزاز، صعوبة وجود رقابة على العيادات والمشافي النسائية بسبب خصوصية الظروف الاجتماعية والطبية في الشمال السوري.

كما أشارت “حلوي” إلى أنه رغم ارتفاع نسبة العنف النفسي والجسدي الممارس على النساء خلال الفحوصات النسائية، إلا أن الدعاوي المرفوعة في هذا الخصوص معدومة بسبب صعوبة وجود دليل أو شاهد تستعين فيه المريضة ليقوي موقفها أمام القضاء، إضافةً إلى عدم وعي عدد كبير من النساء بحقوقهن وعدم إدراكهن بأنهن يتعرضن للعنف.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.