يبدو أن إيران تتجه يوما بعد آخر نحو تغيير سياستها في العراق بما يتناسب مع الوضع الراهن. وهذا يتجلى بزيارة قائد فيلق القدس الجديد، الجنرال في الحرس الثوري، إسماعيل قاآني إلى بغداد، أمس.

زيارة قاآني آتت لتترجم سياسة إيران الجديدة، التي تهدف لرسم علاقة ومصالح مع جميع الأطراف السياسية في العراق. وعدم اقتصارها على الأحزاب والميليشيات المقربة منها.

هدف زيارة قاآني إلى بغداد

السياسة الجديدة التي أخذت طهران على عاتقها تكوينها، لم تكن برضاها التام. لكن وفق المثل القائل «مجبر أخاك لا بطل»، بعد خسارة أحزابها في الانتخابات العراقية الأخيرة.

الهدف الأساس من زيارة قاآني في بغداد، هو إيصال رسالة للأحزاب المقربة من طهران، أن الأخيرة مع الكاظمي. أي مع الدولة، لا مع اللا دولة، بمعنى آخر، مع استقرار العراق.

جاءت الزيارة بعد ليلة من محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، التي باءت بالفشل. وكانت أولى محطات الجنرال الإيراني، لقاء الكاظمي.

تفاصيل محاولة الاغتيال الفاشلة

واستهدف منزل الكاظمي بالمنطقة الخضراء، أول البارحة، بطائرة مسيرة مفخخة. وأسفرت عن إصابة عدد من أفراد حمايته، ونجاته من من الاغتيال، بعد أن أسقطت القوات الأمنية، الطائرة.

مراقبون للشأن السياسي في العراق، رجحوا وقوف الميليشيات العراقية الموالية لإيران، وراء الاستهداف. وقالوا إنه: «جاء كرد فعل على القمع الأمني الذي طال تظاهرات أنصار الأحزاب المقربة من إيران، المعترضة على نتائج الانتخابات المبكرة العراقية، بعد خسارتها فيها».

للقراءة أو الاستماع:

وحاول جمهور الأحزاب الولائية، الجمعة، اقتحام المنطقة الخضراء، لكن القوات الأمنية منعتهم وأطلقت الرصاص الحي والصوتي والغاز المسيل للدموع صوبهم. ما أدى لوقوع قتيلين وإصابات عديدة بصفوف الجمهور المحتج.

كواليس لقاء الكاظمي وقاآني في بغداد

وعن كواليس لقاء قاآني والكاظمي في بغداد، قال موقع “جاده إيران” إن: «الأول أبلغ الأخير برسالة إيرانية حازمة، مفادها رفض ما حدث بحقه. واعتباره اعتداء على إيران قبل أن يكون اعتداء على العراق».

وأضاف الموقع أن: «الجنرال الإيراني أبلغ الكاظمي، أن إيران ستبقى على مسافة واحدة من جميع الأطراف. ومعنية باستقرار البلاد والحوار لحل الأزمات».

إيران مع التهدئة

لاحقا، التقى الجنرال الإيراني بقادة الميليشيات، وأبلغهم رسالة إيرانية حازمة بأن: «تعريض الاستقرار في العراق للخطر، هو أمر مرفوض»، وفق “جاده إيران”.

وأشار الموقع الإيراني إلى أن قاآني: «حذر جميع قادة الميليشيات من الوقوع في فخ ما يمكن أن يكون استدراجا لتدهور لا يمكن السيطرة عليه».

وترغب طهران حسب “حاده إيران”: «بالاتجاه نحو التهدئة، وعدم التصعيد» من قبل الميليشيات والأحزاب المقربة منها، اعتراضا على خسارتها في الانتخابات، التي تعتبرها مزورة.

عصيان ميليشياوي

في السياق، بين مصدر سياسي – رفض الكشف عن هويته – لـ “الحل نت” أن: «إيران منزعجة جدا من تصرفات الأحزاب والميليشيات الموالية لها في الآونة الأخيرة».

للقراءة أو الاستماع:

وأوضح أن: «طهران أوصلت عدة رسائل في الأشهر الأخيرة للميليشيات بأنها ضد استهداف الوجود الأميركي في العراق بالطائرات المسيرة، وصواريخ الكاتيوشا».

مشيرا إلى أنها: «أوصت الميليشيات والأحزاب الولائية بضرورة اعتماد الحوار كلغة للتفاهم بدل السلاح. لكن الأخيرة بدأت تتمرد ولا تلتزم بالتوصيات الإيرانية».

ما وراء التمرد؟

وعن هذا التمرد، تقول الباحثة السياسية ريم الجاف إن: «الميليشيات شعرت بأن طهران بدأت تتخلى عنها، ولم تعد تعتمد عليها لوحدها في العراق، لذلك اتجهت لعصيان الأوامر».

الجاف أردفت بتصريح لـ “الحل نت” أن: «مباركة كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي خامنئي، لنتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، كانت ضربة موجعة للميليشيات غير المقتنعة بالنتائج الانتخابية».

لذا وحسب الجاف، فإن الميليشيات، ورغم انتمائها عقائديا لإيران: «إلا أنها لن تلتزم برسالة وتوصية طهران بعد اليوم، لا لشيء، سوى لعدم خسارتها لمصالحها».

موضحة أن: «أي جهة أخرى غير الميليشيات، كانت ستتخذ ذات الخطوة – التمرد – طالما الأمر يضر بمصالحها. لكن مع الحفاظ على نوع من العلاقة التي تسمح بالرجوع لحضن طهران فيما بعد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.