أشارت مؤشرات حقوق الإنسان في العراق التي نشرتها مفوضية حقوق الإنسان، إلى استمرار العنف الأسري ضد العراقيات لهذا العام، بتسجيل وتقديم 5 آلاف شكوى عنف أسري تجاه النساء.

نقطتان خرج بهما الرقم أعلاه. الأولى انخفاض العنف الأسري ضد العراقيات في 2021 مقارنة بـ 14 ألف حالة في العام المنصرم.

النقطة الثانية، بينت وجود ارتفاع بتقديم الشكاوى من قبل النساء ضد العنف الممارس بحقهن، فماذا يعني ذلك؟ وما هو المرضي، وما هو نقيضه؟ وما هي الحلول للحد من العنف الأسري؟

للقراءة أو الاستماع: العنف ضد المرأة العراقية: القانون يشرعنه ولا ينهيه!

ماذا يعني الرقم المسجل؟ يعني أن العنف الأسري ضد العراقيات يستمر بلا رادع له مهما قلت أرقامه، وهو أمر لا يرضي أي مناصر ومناصرة لحقوق الإنسان، كما تقول المدافعة عن حقوق المرأة، أنسام سلمان.

الرقم المسجل هو مؤشر خطر، والاعتراف بالعنف الأسري ضد المرأة، يقر بفشل الحكومة والبرلمان وحتى مفوضية حقوق الإنسان بوضع خطط وقوانين تردع العنف ومن يقوم بالعنف، حسب سلمان.

مؤشر مرضي

أنسام وهي رئيسة لمنظمة “إيسن” لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، تشير في حديثها مع “الحل نت”، إلى أن الوجه الآخر من الرقم، – ارتفاع تقديم النساء للشكاوى ضد العنف الأسري – مرضي عنه ومؤشر جيد.

للقراءة أو الاستماع: زواج “الفصلية” في العراق: كيف يتم تبادل النساء عشائرياً وسط عجز السلطات والقانون

إقبال المرأة على تقديم الشكوى ضد معنفها، يدلل على زيادة وعيها، ويشير إلى نجاح منظمات المجتمع المدني والإعلام في حملات توعيتها نحو عدم الصمت تجاه المعنف.

ذلك يتطلب وفق سلمان، زيادة بتلك الحملات، ليس من المنظمات المعنية بحقوق المرأة والإنسان، ولا من الإعلام الداعم فحسب، بل من الحكومة أيضا، على حد تعبير رئيسمة منظمة “إيسن”.

ماذا عن الحلول؟ توضح أنسام، أنها تشتمل على الرادع القانوني وزيادة الوعي بشأن خطورة العنف الأسري ضد العراقيات، وإنشاء مصحات نفسية، وزيادة الإقبال على المعالجين النفسيين للحد من العنف.

أنسام سلمان إبان مشاركتها في وقفة احتجاجية في يوم المرأة العالمي في ساحة التحرير ببغداد – “فيسبوك”

يتمثل الرادع القانوني بإلغاء وتعديل المواد الموجودة في قانون العقوبات، التي تشجع على العنف ضد المرأة بصيغة سليمة، وفق سلمان. وفيما يخص عقوبة العنف الأسري في العراق تقول، يجب أن يحصل بتشريع قانون مناهضة العنف الأسري، ووضع عقوبات ملائمة لحجم الجرم ونوعه.

تحذير من عواقب العنف الأسري

وتحذر أنسام من استمرار العنف الأسري ضد العراقيات؛ لأنه سيولد بحسبها، عنفا لا إراديا من قبل المتعرضة للعنف ضد الآخر وليس ضد المعنف. فتجد المعلمة تعنف الطلبة الأطفال، والموظفة تعتف المراجعين نفسيا ولا تنجز معاملاتهم، وهكذا دواليك.

استمرار العنف أيضا، سيولد كوارث مجتمعية متعددة، ويؤدي إلى تفكك أسري وإلى انهيار الأسرة. كما يزيد من معدلات الجريمة ومن انتشارها، لذا لا حل إلا بالرادع القانوني وبتطبيقه، تقول سلمان مختتمة.

للقراءة أو الاستماع: جرائم الشرف في العراق: مجزرة ضد النساء بتواطؤ من الحكومة والأحزاب المتنفّذة؟

وكانت الحكومة العراقية أقرت في آب/ أغسطس 2020، قانون مناهضة العنف الأسري، وأرسلته إلى البرلمان العراقي. لكن الأخير رفض تشريعه؛ لأنه: «يخالف الدين والشرع الإسلامي». بحسب الأحزاب الإسلامية في البرلمان المنحل.

وبدأت معاناة المرأة العراقية من العنف منذ وصول حزب البعث إلى الحكم في الستينيات. وتفاقمت منذ مطلع التسعينيات، عندما أطلق صدام حسين، “الحملة الإيمانية”.

و”الحملة الإيمانية”، هي أجندة سياسية قانونية محافظة، ساهمت بتدهور الحقوق والحريات الأساسية للنساء. وكرست العنف ضد المرأة العراقية بحجة “العودة إلى الإيمان”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.