«في ليلة صيفية حارة كنت أضع فيها مولودي الأول بإحدى مشافي مدينة حمص، كان زوجي يقضي ساعاته آنذاك في منزل عشيقته التي كانت تعمل بأحد الملاهي الليلية على أطراف المدينة»، هكذا تبوح؛ عتاب إبراهيم بأحد أسرار الخيانة الزوجية التي تعرضت لها على مدى أكثر من 10 سنوات مع الرجل الذي اختارته بعد قصة حب طويلة.

عتاب، وهو اسم مستعار لإحدى الشخصيات التي تعرضت للخيانة الزوجية في سوريا، دون أن تستطيع الانفصال عن زوجها لأسباب عديدة مرتبطة بالمجتمع السوري وعاداته وموروثاته، كما تصف لـ”الحل نت”.

مؤخراً، كشف قاض سوري، بأن شكاوى الذكور هي أكثر من شكاوى الإناث في قضايا الخيانة الزوجية، مشيرا إلى الإطار القانوني والأحكام لهذه القضايا.

وفي السادس من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، وخلال تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، أشار قاضي بداية الجزاء الأول في دمشق، طارق الكردي، إلى أن «شكاوى الذكور هي أكثر من شكاوى الإناث في قاضيا الخيانة»، حيث رجح أن ذلك يعود إلى «إمكانية عدم علم المرأة بأنه يحق لها أن ترفع دعوى ضد زوجها في حال اتخذ خليلة جهارا أو مارس معها فعل الزنا».

مبيناً أن «هناك دعاوى في القضاء متعلقة بشكاوى مقدمة من زوجات على أزواجهن بتهمة خيانتهم لهن مع نساء أخريات، وأن هناك أيضا أزواجا اشتكوا على زوجاتهم بسبب الخيانة الزوجية رغم أن دعاوى الخيانة بنوعيها قليلة في القضاء”، مؤكدا “صدور حكم قضائي بحق أحد الأزواج منذ فترة بحبسه شهراً بعدما ثبتت خيانته لزوجته».

كيف يتعامل القانون السوري مع الخيانة الزوجية؟

وأوضح الكردي أن «القانون السوري أجاز للمرأة أن ترفع دعوى أمام محكمة بداية الجزاء بتهمة الخيانة سواء باتخاذ امرأة خليلة له جهارا أم مارس معها فعل الزنا في بيت الزوجية».

في حين قال إن «مثل هذه الدعاوى يعد إثباتها أمرا صعبا بحكم أن مثل هذه العلاقات لا يتم إثباتها بسهولة»، مشيرا إلى أن «الخيانة الزوجية من الممكن أن تثبت بالشهادة أو بالرسائل المتبادلة بين الزوج والمرأة التي اتخذها خليلة له أو بإقراره، وأنه مجرد أن يجهر الزوج بعلاقته مع تلك المرأة يعتبر خيانة زوجية، وبالتالي يحق للمرأة أن تدعي بفعل هذه الخيانة».

المادة 474 من قانون العقوبات السوري، نصت على أنه يعاقب الزوج من شهر إلى سنة وفقا لظروف الدعوى في حال ارتكب الزنا في البيت الزوجي أو اتخذ خليلة له جهارا في أي مكان كان، حتى إنه في حال لم يمارس معها فعل الزنا إلا أنه لمجرد أعلن أمام العامة بأنه اتخذ امرأة خليلة له فإن هذا سبب يدفع الزوجة للادعاء على زوجها، وفي المقابل، يحق للزوج أن يدعي على زوجته في حال كان لديه إثباتات بأنها تقوم بخيانته مع رجل آخر، وهي تلاحق أمام القضاء مع شريكها.

المحامية نوال حجيج، قالت خلال حديث لـ”الحل نت” إن الزنا مُجرّم قانوناً ولكن المشرع لم يضع تعريفاً له، وإنما حدد القانون جريمة الزنا بعبارات وصيغ مختلفة. فالقانون في تنظيمه الحالي لأحكام جريمة الزنا في قانون العقوبات، قد استقى فكرته في التجريم من قانون العقوبات الفرنسي قبل تعديله، الذي يقرر أن محل الحماية الجنائية في هذه الجريمة، والمحافظة على حق كل من طرفي الرابطة الزوجية وصيانة نظام الأسرة.

وأضافت «تكاد القوانين المعاصرة تجمع على اعتبار الزنا فعلاً إجرامياً ينبغي دفعه بأسلوب ردعٍ عقابي، باستثناء القانون الإنكليزي الذي يعتبر الزنا خطيئة أخلاقية ومدنية فقط، تجيز طلب التطليق والتعويض على أساس أن العقاب لن يردع من لم يتردد في الإقدام على فعل تحول دونه اعتبارات دينية واجتماعية أقوى من العقاب».

لافتة إلى أن القانون السوري يشترط لفرض العقاب على الزوج القائم بالخيانة الزوجية والزنا، أن يكون الفعل قد تم في منزل الزوجية حصراً، بينما لم يشترط ذلك في عقاب الزوجة الزانية وتعاقب بأي مكان كان، اقترفت فيه هذا الفعل.

«منزل الزوجية بحسب الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض السورية لعام 1980 ينص على أنه لا يقتصر البيت الزوجي على المسكن الذي تقيم فيه الزوجات عادة أو في أوقات معينة إنما يشمل كل محل يقيم فيه الزوج ولو لم تكن الزوجة مقيمة فيه فعلاً».

الرجل لا يعيبه شيء؟

تبلغ عتاب الآن من العمر 40 عاماً، (توقفت عن دراستها الجامعية تخصص الأدب العربي تلبية لرغبة ربيع عيسى الذي أصبح زوجها دون أن يتخطى في تحصيله العلمي مرحلة التعليم الأساسي) متزوجة منذ 16 عاماً، تشير إلى أنها من السيدات اللواتي تعرضن للخيانة الزوجية مرات عديدة من قبل زوجها ومع عدة نساء لمدة تقارب 10 سنوات متتالية، قبل أن توقفه الظروف الاقتصادية المتدهورة وتوقف عمله بشكل تام.

تقول عتاب في شهادتها إن رفض عائلتها المستمر لانفصالها عن زوجها بسبب خيانته لها، من مبدأ «الرجال ما بيعيبو شي» و«صبر المراة على الرجّال من الجنة» إلى جانب تعنيفها اللفظي والنفسي من قبل أخوتها بأن “طلاقها” من زوجها يأتي بالسمعة السيئة عليهم وأنها السبب الرئيسي الدائم في سواد وجوههم، بحسب تعبيرها.

وتوضح أنه وفي كل مرحلة كانت ذرائع عائلتها بمنع تقرير مصيرها تختلف بحسب تطورات وضع علاقتها مع زوجها، فبعد أن أصبح لها 3 أبناء كان الترديد الدائم بجملة «ما بيصير تتركي ولادك وتتطلقي من زوجك»، أو «اصبري إذا مو مشانك مشان هالولاد».

وتزيد بالقول«لم يعد زوجي يخونني منذ 6 سنوات، لكني لا أنسى أنه فرض تغطية وجهي كاملا بالمنديل الأسود ادعاء منه غيرته عليّ، إلا أنني اكتشفت لاحقا أنه يأتي بعشيقاته إلى المنزل عند عدم تواجدي وأبنائي فيه، حيث كان يلبسهن منديلا أسود كما كنت أضعه تماما».

وتضيف “الآن جعلتني الخيانات المتكررة متمردة عليه، وهو يقابلني بالصمت خجلا من إساءاته المتكررة وضربي وشتمي بعد محاولات رفضي خياناته المتكررة؛ دون أي جدوى خلال السنوات الماضية. تركت دراستي الجامعية من أجله وعائلتي باتت علاقتنا شبه منقطعة، ولم أحقق ذاتي بأن أجد لنفسي مكانة اجتماعية مرموقة ومستقلة اقتصاديا. الذي أخذته من حب زوجي هو أوجاع صحية مزمنة وهموم مستمرة بعد تدهور وضعه الاقتصادي بشكل حاد وتأثر أفراد العائلة بذلك”.

من ناحيتها تروي، سمر عاصم (اسم مستعار لـ مهندسة من اللاذقية تبلغ من العمر 33 عاماً)، بأن هروب زوجها إلى أوروبا منذ 3 سنوات، لم يكن من أجل تحسين وضعهم المعيشي والانتقال بعائلته إلى دولة أوروبية تقيهم شرور الحرب ومآسيها وتأثيراتها بمختلف أصعدها.

وتبين في شهادتها لـ”الحل نت” حول الخيانة الزوجية التي تعرضت لها، قائلة «كانت جارتي التي تصغرني بعشر سنوات الطالبة الجامعية وتصغره بـ 13 عاما تجمعها بزوجي علاقة جسدية استمرت لعدة أشهر، قبل أن تستطيع تأمين فيزا دراسية إلى دولة أوروبية، وتؤمن له دعوة من هناك لأجل استصدار الفيزا».

ترك زوج سمر أطفالهما الاثنين (محمد 6 سنوات، وسامر 3 سنوات) وفر هاربا مع عشيقته إلى أوروبا قاطعا التواصل مع زوجته وغير عابئ بأطفاله ومصيرهم.

الباحثة الاجتماعية، سميرة عباسي، تبيّن لـ”الحل نت” أن الخيانة الزوجية تؤدي إلى ارتفاع معدلات الطلاق وتفكك الأسرة حيث وفي غالب الأحيان لا يحتمل أحد الزوجين الخيانة، فيحدث الطلاق الذي يتسبب بتفكك الأسرة ويكون الخاسر الأكبر هم الأبناء.

وتلفت إلى أن الخيانة الزوجية تؤدي أيضاُ إلى ضغوط اقتصادية التي تحدث أيضاً بسبب الطلاق، حيث يؤدي ذلك إلى بقاء أحد الوالدين مع الأطفال ما يعني انخفاض دخل الأسرة أو انعدامه، لاسيما إذا كانت الزوجة لا تعمل، وبالتالي ستحتاج إلى المساعدة مما يشكل ضغطاً على المجتمع أو المحيط المجتمعي.

فضلاً عن أن الخيانة الزوجية تؤثر سلباً على التنمية، فالزوج الخائن سيشعر بتأنيب الضمير لأنه يخون زوجته ويضيع جهده في الاهتمام بالشخص الآخر الجديد، مما يؤدي إلى قلة تركيزه على عمله، وانخفاض إنتاجيته، كذلك الأمر بالنسبة للزوجة المخدوعة ستتراجع ثقتها بنفسها وسنشغل تفكيرها بكيفية التعاطي مع هذه الخيانة ما ينعكس سلباً على عملها وإنتاجيتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.