الحرب في سوريا مستعرة منذ أكثر من تسع سنوات. تدخلت روسيا في الصراع عام 2015 من أجل استقرار حكم الرئيس السوري، بشار الأسد. وخلال السنوات الماضية انحسر الصراع في قلب محافظة إدلب هو المكان الذي تكثف فيه موسكو عملياتها على قوات المعارضة السورية المتبقية.

اعتمدت روسيا باستمرار على التعاون مع أجهزة المخابرات العربية لتحقيق أهدافها المتمثلة في استقرار جنوب ووسط البلاد. لكن فيما يخص شمال غربي سوريا تواجه روسيا تحديًا كبيرًا في إقناع أجهزة المخابرات العربية بدعم أجندتها في إدلب.

ماذا يعني التطور الجديد لإدلب؟

بثت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأحد، مقطعا مصورا لغارات نفذتها طائراتها الحربية، على مقر عسكري لفصيل “جند الله” الذي يقوده أبو مسلم الشيشاني. مما تسبب بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 12 أخريين بينهم أطفال. 

https://twitter.com/WithinSyriaBlog/status/1470070277962936328?s=20

وهذا التطور يبدو جديدا لا سيما وأنّ أغلب هذه العمليات يقوم بها التحالف الدولي الذي تقوده أميركا. حساب “Within Syria” الذي يراقب استراتيجيات المعارك والأسلحة في سوريا، اقترح على القوات الروسية عقب الإعلان عن العملية، بالتعاون مع أجهزة المخابرات العربية.

وقال الحساب، «إذا أرادت المخابرات الروسية تنفيذ اغتيالات ناجحة في إدلب، فسيتعين عليها توظيف سوريين يعرفون اللغة والثقافة بشكل أفضل، ولا أقصد مجرد تجنيد أبناء المنطقة».

وتابع، «أعني أن المخابرات الروسية يجب أن تتبع أسلوب عمل وكالة المخابرات الأميركيةضد الجماعات الإرهابية في العالم العربي، والذي يتمحور حول استخدام وكالات عربية محلية، مثل المخابرات الأردنية أو السعودية، كجسر».

اقرأ أيضا: كيف استهدفت روسيا مقر “مسلم الشيشاني” بإدلب؟

هل تقنع موسكو أجهزة المخابرات العربية بالتحالف معها؟

تقول الرواية الرسمية لروسيا أنها تكافح من أجل القضاء على الإرهابيين في سوريا، وأجهزتها الاستخباراتية تبحث عن بدائل. في حين تعتبر أجهزة المخابرات العربية وجهة نظر جذابة.

وهنا يرى العقيد عبد الله حلاوة، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنّ القيادة الروسية لم تقنع أجهزة المخابرات العربية حتى الآن بالتعاون مع خططها لإعادة إدلب إلى سيطرة الحكومة السورية.

ولم يستبعد حلاوة، وهو محلل عسكري كان سابقاً ضمن أحدى الفصائل التي دعمتها غرفة الموك في جنوب سوريا، أنّ تكون موسكو قد طرحت الموضوع خلال قمة أجهزة المخابرات العربية التي عقدت في مصر الشهر الفائت.

وأضاف حلاوة، أنّ أجهزة المخابرات العربية لن تكون قادرة على اتخاذ قرار في الوقت الحالي. لكن صمتهم لا ينبغي أن يؤخذ على أنه “نعم” أو “لا”. إذ سيتعين على روسيا استخدام الدبلوماسية، بالإضافة إلى جميع أدواتها الأخرى وحلفائها المحتملين. إذا كانوا يعتزمون إقناعهم وتحقيق النجاح في المنطقة.

وقد تؤدي طموحات روسيا في تجنيد أجهزة المخابرات العربية بنظر المحلل العسكري، إلى تغييرات جيوسياسية مهمة في الشرق الأوسط، مع تداعيات تمتد إلى ما هو أبعد من سوريا. وهو طرح قد يغضب الولايات المتحدة الأميركية.

اقرأ المزيد: ماهي أهداف روسيا وتحرير الشام من إدخال المساعدات إلى إدلب؟

ما هي معوقات التحالف العربي الروسي؟

تواجه روسيا تحديًا كبيرًا في إقناع أجهزة المخابرات العربية بدعم أجندتها في إدلب من خلال تذكيرها بأن هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية. تلعب روسيا دورا قويا في الشؤون السورية منذ فترة طويلة، لكن لا يزال من غير الواضح مدى تأثيرها على أجهزة المخابرات العربية.

ويعتقد حلاوة، أنّه من غير المرجح أن تقنع روسيا أجهزة المخابرات العربية بالتعاون معها في إدلب. فأجهزة المخابرات العربية حريصة جدًا بالفعل على استئصال خصمها القديم روسيا من المنطقة ولن ترغب في مساعدة روسيا في هذه المهمة.

وبما أنّ أجهزة المخابرات العربية جهات فاعلة رئيسية في تحديد ما سيحدث في سوريا. فإنها أيضا تخشى أن تكون روسيا قد تستخدمها لأغراضها الخاصة.

وبحسب وصف حلاوة، فإن روسيا لاعب عدواني لا يمكن التنبؤ به في الصراع السوري، وهي تواجه عقبة. إذ أن التحالف بين روسيا وإيران هش في أحسن الأحوال. وانعدام الثقة الذي نشأ بينهما سيؤدي حتماً إلى مواجهة وحرب بين الوكلاء لن تفيد في تنفيذ مساعي موسكو في إدلب.

وإدلب هي آخر مناطق سيطرة المعارضة، حيث تسيطر هيئة تحرير الشام على مناطقها. وروسيا تريد استهداف الجهاديين هناك، لكن هذا يخاطر بالتصادم العسكري مع تركيا. علاوة على ذلك، من غير المرجح أن تنسحب هيئة تحرير الشام من إدلب دون وقوع حرب دامية.

قد يهمك: مشاعر استياء متزايدة داخل الجيش السوري بسبب إيران وروسيا

ما مستقبل العلاقات العربية – الأميركية في حال تشكيل تحالف مع موسكو؟

يقول الخبير والمحلل السياسي، رضوان روابدة، لـ”الحل نت”، إنّ روسيا تسعى جاهدة لتكون القوة العالمية الرائدة، ولكي يحدث ذلك فهي بحاجة إلى شركاء إقليميين في منطقة الشرق الأوسط. لم تتمكن روسيا من إقناع أجهزة المخابرات العربية بالتعاون معها في منطقة إدلب بسوريا. لأن تركيا لم تسمح بعملية عسكرية في إدلب، وبسبب دعم تركيا لهيئة تحرير الشام.

وطبقا لحديث روابدة، فإنه إذا نجحت روسيا في إقناع أجهزة المخابرات العربية بالتعاون معها، فسيكون ذلك قضية مهمة للغرب ودول أخرى. فهو لن يقوض سلطة الدول العربية الأخرى فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى إضعاف القانون الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى.

روسيا حريصة على إظهار أنها شريك موثوق وجدير بالثقة ولديها القدرة والرغبة في إحداث تغيير في اتجاه سوريا. ولكن واشنطن لا تؤمن بذلك، إذ أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا موضوعا ساخنا لا سيما في الآونة الأخيرة. 

وعليه يرى المحلل السياسي، أنّ الولايات المتحدة وروسيا، اللتان تمتلكان قدرات نووية، قد تؤثران على مسألة التدخل العسكري في سوريا بالنسبة للدول العربية. فالمستقبل السياسي للعلاقات الأميركية الروسية غير مفهوم. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف تتشكل العلاقات الثنائية بين البلدين في المستقبل القريب.

للاطلاع: روسيا تهدد استراتيجيات الاستقرار في شمال شرقي سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.