تخلق الهيمنة الإيرانية والروسية في سوريا مشاعر استياء داخل الجيش السوري لأن عناصره يعتقدون أن هذين البلدين يسيطران على البلاد ولا يساعدان في إنهاء الصراع. فعليهم دائمًا مواجهة القوى الخارجية والداخلية بالإضافة للأزمة الاقتصادية التي فرضت نفسها عليهم وعلى أهاليهم، بمقابل هيمنة متزايدة للروس والإيرانيين.

مصادر خاصة أفادت لـ”الحل نت” بأن مشاعر الكراهية باتت تتزايد بين أوساط الجيش السوري الخارج عن هيمنة أي طرف من الأطراف الفاعلة في سوريا تجاه كل من الإيرانيين والروس على حد سواء.

المصادر رأت بأن هذه المشاعر باتت ملموسة بشكل أكبر خلال الآونة الأخيرة، في وقت تتزايد فيه المصاعب الاقتصادية للعسكريين والمدنيين على حد سواء في سوريا. مع استمرار الهيمنة الروسية على مقدرات ومؤسسات الدولة السورية، والصراع الإيراني مع الروس في ذلك. بالتوازي مع تسبب الإيرانيين باستمرار الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية، برضى وتنسيق روسي.

إشكاليات داخل الجيش نتيجة هيمنة إيران وروسيا

مشاكل الجيش السوري ليست جديدة، لكنها تفاقمت في السنوات الأخيرة. أثرت عليها سيطرة إيران وروسيا على قوة الجيش السوري.

تقدم روسيا لسوريا دعما جويا من خلال غاراتها الجوية في سوريا منذ سبتمبر 2015. وإيران حاليًا هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تدعم حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، عسكريًا وماليًا وسياسيًا. فنشرت آلاف الجنود في سوريا وتقود العديد من الهجمات الكبرى نيابة عن الأسد.

يقول النقيب في الفرقة 25 التابعة للجيش السوري، عبد الله دغمش، إنّ دعم إيران قوي لدرجة فلديها العديد من القواعد العسكرية في جميع أنحاء سوريا، تطل على جنوب لبنان وإسرائيل والأردن.

وبحسب حديث دغمش لـ “الحل نت”، كان يُنظر إلى تدخل روسيا في سوريا إلى حد كبير على أنه خطوة لتوسيع نفوذها الإقليمي. ومع ذلك، لم يكن الأمر يتعلق فقط بتوسيع القوة الروسية. ولكن أيضًا بتأمين جملة من القواعد البحرية الروسية على البحر الأبيض المتوسط مع إمكانية الوصول إلى طرق التجارة التي تربط أوروبا بآسيا.

ووفقاً للنقيب السوري، والذي كان يدرس العلاقات الدولية في جامعة دمشق، فإنّه وبسبب هذا التورط المتزايد، يلعب الجيشان الإيراني والروسي الآن دورا أكبر في تشكيل القرارات الاستراتيجية التي يتخذها الجيش السوري.

وفي ظل وجود سطوة إيرانية وروسية وهيمنة على مؤسسات الدولة، لا سيما الجيش. وبعد استمرار الضربات الإسرائيلية على مواقع النفوذ الإيراني في سوريا؛ بموافقة روسية، تنامت مشاعر النقمة لدى العديد من الجهات الأمنية والعسكرية. وبالتحديد فيما يخص الآثار السلبية للهيمنة الروسية والإيرانية.

اقرأ أيضا: لماذا تضع واشنطن خمسة جنرالات سوريين على قائمة العقوبات الأميركية؟

الهيمنة الإيرانية والروسية تخلق توتراً في صفوف الجيش السوري

ومن جهته يوضح المحلل العسكري، العقيد عبد الله حلاوة، في حديثٍ لـ “الحل نت”، أنّ أحد الأسباب الرئيسية وراء هيمنة روسيا وإيران على الجيش السوري هو أنهما متورطان في الحرب السورية منذ البداية.

ويضيف حلاوة، أنّ تورط روسيا وإيران في سوريا له علاقة كبيرة بمصالحهما الجيوسياسية. تشترك الدولتان في مصلحة مشتركة في مواجهة النفوذ الأميركي وزعزعة استقرار إسرائيل. كما أعطت الأزمة السورية روسيا فرصة لاستعادة مكانتها الدولية بعد الفشل الذريع للصراع الأوكراني.

وبالنسبة لإيران، «يتعلق الأمر بإنشاء قوس من القوة الشيعية عبر العراق وسوريا ولبنان وفلسطين. هذا شيء حاولت الدول العربية وفي مقدمتها السعودية جاهدة منعه، مما أدى إلى توترات طويلة الأمد مع طهران».

هذا الأمر انعكست آثاره على جنود الجيش السوري، فإسرائيل منذ عام 2011 تنفذ غارات على مواقع إيرانية يحرسها عناصر الجيش. مما تسبب بمقتل المئات منهم باعتراف الحكومة السورية.

آخر الضربات على المواقع السورية، كان استهداف ميناء اللاذقية، أمس الثلاثاء، فيما لم ترد سوريا خلال العشر أعوام على هذه الاستهدافات سوى بمرات خجولة. وهذا عزز شعور الإحباط لدى الجنود ونقمتهم في الوجود الإيراني والروسي عديم الفائدة لهم، على حد تعبير حلاوة.

اقرأ المزيد: إسرائيل تقصف أهدافًا في سوريا تثير توترات دولية

إفلاس الاقتصاد السوري وتأثيراته على الجيش

ومن جهته يوضح المقاتل في الفيلق الخامس، محمد المحاميد، والذي انشق في يناير/كانون الثاني 2021 عن الجيش السوري، أنّه في بداية الحرب، كانت الحكومة السورية قادرة على توفير العديد من الخدمات الأساسية للسكان والعسكريين بالحد الأدنى المتعارف عليه.

لكن وطبقا لحديث المحاميد، لـ”الحل نت”، بعد سنوات قليلة من الحرب، بدأ الاقتصاد بالانهيار وأدت الاضطرابات واسعة النطاق إلى نقص الموارد. تسبب هذا النقص الموارد في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة باستياء بين المجندين في الجيش السوري. وتفشي حالات الانشقاق للانضمام للفصائل التي تتبع لجهات خارجية كروسيا وإيران.

وأوضح المحاميد، أنه كلما زاد عدد عناصر الجيش الذين يشتكون، قل احتمال قيامهم بدعم القوات النظامية في معاركها. وهذا لا يحدث فقط في منطقة معينة، إنما على كافة القطع العسكرية.

حالياً، لا تعي الحكومة أنّ كيانها العسكري في خطر. فالأزمة الاقتصادية غيّرت حياة الكثير من الناس وخاصة أولئك الذين كانوا في الجيش. أثرت التخفيضات والإصلاحات التي أحدثتها إجراءات التقشف على جميع القطاعات. لكن يعتبر مراقبون أنها كانت صعبة بشكل خاص على العاملين في القطاع العسكري. حيث أُجبر العديد من الجنود على الانشقاق والفرار من البلاد.

كثير من الناس لا يفكرون فيما يحدث للجنود بسبب الهيمنة الإيرانية والروسية، ولكن من المهم فهم عواقب مثل هذا الموقف  وتأثيره عليهم وعلى كافة من يؤيدون الحكومة السورية وسياستها ضد المواطنين والمناطق التي تطالب بتغييرات سياسية تدعم الديمقراطية.

قد يهمك: خسائر متعددة لدمشق في البادية.. لماذا لم تستطيع روسيا القضاء على داعش؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة