على طريق عقد مؤتمر وطني سوري يضم الشخصيات والقوى الديمقراطية، أنشأت اللجنة التحضيرية لـ “مؤتمر قوى وشخصيات ديمقراطية سورية” خلال ثلاثة جلسات، مطلع الأسبوع الجاري، منبرا لمنظمات المجتمع المدني والأفراد السياسيين الذين ليس لديهم انتماءات تنظيمية للتواصل بين بعضهم البعض من أجل اتخاذ موقف سياسي واضح موحد لما يخدم مستقبل سوريا.

اللقاء التشاوري العاشر الذي اختتم أعماله يوم الثلاثاء الماضي، صدر عنه ورقة من تسعة بنود رعتها منظمة “الحركة العمالية السويدية للتعاون الإنمائي الدولي”. لكن اللافت في الأمر هو عدم تطرقه إلى أربعة ملفات تعتبر من عصب الأزمة السورية. فلماذا غابت هذه الملفات عن بيان اللجنة التحضيرية؟

ما الذي يقدمه مؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية؟

يقول منسق اللجنة التحضيرية، حسام ميرو، لـ”الحل نت”، إنّ الاجتماع الذي حضره 40 شخصية سورية. دعت إليه اللجنة المنعقدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، للتشاور. وهو مكمل لست لقاءات تشاورية في أوروبا، وثلاث مؤتمرات في الداخل.

وأوضح ميرو، أنّ اللقاء التشاوري حضره مسؤول الملف السوري في الخارجية السويدية، بير اورانوس. وبحضور عضو مراقب من الخارجية الأميركية إضافة لمسؤول لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السويدي كينث فورشلود.

وكانت اللجنة التحضيرية، أصدرت بيان الثلاثاء الفائت، اطلع عليه “الحل نت”، قالت فيه إنّه وبحضور عدد من أعضاء اللجنة وشخصيات ديمقراطية سورية يمثل بعضها قوى وأحزاب. وخلصت النقاشات التي عقدت في مدينة ستوكهولم السويدية، إلى التوافق على عدد من النقاط. وهي: ضرورة التوجه الى كافة القوى والتجمعات الديمقراطية والتواصل معها داخل البلاد وخارجها.

وتطوير حلقة تنسيق متماسكة قوية من أجل تسهيل انعقاد المؤتمر، ووضع جدول زمني لإتمام إنعقاد المؤتمر.

كما تم التوافق من الناحية السياسية على النظام السياسي مسؤول دستوريا وقانونيا عن المآلات الكارثية التي وصلت إليها البلاد. وإن أي انتقال سياسي يتصف بالديمومة يجب ان يرتكز على محاسبة مرتكبي جرائم حرب وتفعيل مسارات العدالة الانتقالية الأخرى.

وأضاف البيان أنّ أي حل سياسي يجب أن يعالج ملف النازحين واللاجئين وضمان عودتهم الطوعية والآمنة إلى ديارهم. فضلا عن إطلاق سراح المعتقلين، والتمسك بالقرار الأممي  ٢٢٥٤وبيان جنيف1  أساسا للحل السياسي.

اقرأ أيضا: قمة الرياض: بعد التوافق الخليجي ماذا عن الدور العربي في سوريا؟

هل يحقق المؤتمر تطلعات السوريين؟

يشير الأكاديمي السوري المعارض، الدكتور محمد الشاكر، (كان حاضرا في جلسات سابقة ضمن إطار الأعمال التحضيرية للجنة) إلى أنّ اللقاءات التشاورية قبيل المؤتمر هو محاولة للخروج بمعارضة ديمقراطية من خلال إيجاد توافقات بين السوريين. “لسبب وحيد لأنهم لا يمتلكون معارضة، لأنها مهمة السوريين أنفسهم. وليست مهمة الروسي ولا الأمريكي ولا التركي ولا الإيراني ولا الأوروبي. وجميع هؤلاء فيما بينهم مصالح وملفات أهم بكثير من سوريا والسوريين”. وفق تعبيره.

بينما أشار المحامي، عيسى إبراهيم، (كان من الحاضرين لآخر جلسات اللجنة التحضيرية بستوكهولم السويدية) خلال حديث لـ”الحل نت”، إلى أن الاجتماع هو دعوة وُجّهت لشخصيات ديموقراطية مستقلة أو شخصيات تُمثَل قوى ديموقراطية. للتشاور معها ومعهم حول عناوين محددة، لبلورة التوجه الديموقراطي في المشهد السوري السياسي الحالي.

وباعتقاد إبراهيم، أنّ هذه المرحلة ليكون مساهما لاحقاً في الحل ذات فعالية. وبذلك لا يمكن التحدث عن مساهمة مباشرة لهذا المؤتمر بالحل، بل المساهمة المبتغاة ستكون للدور الديموقراطي اللاحق في الحل الذي مأمول بلورته بكتلة ديموقراطية.

بينما يوضح الشاكر، في حديثه لـ”الحل نت”، أنّ «جميع مكونات لمعارضة الرسمية هي معارضات تنفذ أجندات الصراع على الكعكة السورية، وبأسماء سورية، ولهذا افتقرت المعارضة الرسمية إلى أي رصيد جماهيري، بل أصبحت في الرأي العام السوري وجهاً للاستبداد والاستئثار بالسلطة والمناصب، ولهذا افتقرت إلى المؤسسات وثقافة مأسسة العمل، ما أفقدها  أدنى مقومات المشروع الوطني الجامع».

للقراءة أو الاستماع: نهاية الحرب في سوريا: كيف يمكن لروسيا وأمريكا العمل سويًا؟

أهم الملفات الغائبة عن بيان اللجنة

فسر المحامي السوري، عيسى إبراهيم، عدم تطرق بيان اللجنة التشاورية، للدستور السوري، والأقليات، والقضية الكردية، وكذلك إلى اللامركزية، على أن الجلسات التحضيرية ليست اجتماع سياسي بمعنى أنه معني بإيجاد حل وبشكل مباشر عبر مناقشة الوضع السياسي السوري وطرح رؤية وحل.

وبتفسير إبراهيم، فإن الاجتماع هو محاولة للنقاش لبلورة أفكار  تساعد في  تجاوز عقبات انعقاد المؤتمر المزمع عقده للقوى  والشخصيات الديموقراطية السورية. 

إلا أنّ ميرو، يعتقد أنّ عدم التطرق إلى هذه الملفات هو نتيجة عمق اللامركزية، فاللامركزية وتنوعاتها هي أكبر التحديات التي تواجه السياسيين السوريين. وهي تتطلب متخصصين يعقدون ندوات مع القوى الديمقراطية وكل فئات المجتمع السوري، والعمل على تنظيم اللقاءات.

وحول موضوع الأقليات، فطبقا لرأي شاكر، “لا يوجد شيء اسمه أكثرية وأقلية في الديمقراطيات المعاصرة، التي تتأسس على المواطنة المتساوية. وهناك دول عظمى – كالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر- ليست سوى خليط ضخم من الأقليات المنصهرة في بوتقة الديمقراطية اللامركزية التشاركية”. 

فيما يعتقد ميرو (منسق اللجنة التحضيرية)، من أهم عناصر أي خطة ديمقراطية شاملة “إنشاء آلية دستورية”. وتكون بعيدةً عن الأفكار التي تشوه وتعيق العملية السياسية في سوريا.

أما بالنسبة لعدم ذكر القضية الكردية، فأوضح ميرو، أنّ اللقاء التشاوري ومعه المؤتمر جاء من أجل القضية السورية بكل مكوناتها. وإن حل القضية السورية من خلال الديمقراطية هي المقدمة الطبيعية لحل القضية الكردية وغيرها من القضايا الأخرى، بحسب وصفه.

اقرأ المزيد: قيادي في مسد لــ (الحل نت): «قد يكون هناك حوار قريب مع دمشق»

السير بعكس التجارب السابقة؟

ووفقاً لـ”الشاكر” فإن هذه المحددات لتحديد نوع الديمقراطية التي تناسب السوريين وتخرجهم من الصراع. وتحديد مفهوم الشعب والهوية السورية، وتعمل على  تحديد نوع الديمقراطية، أهي توافقية أم تمثيلية أم تشاركية، ودون الإجابة على هذه الأسئلة لا يمكن القول بمشروع ديمقراطي.

وحول ذلك يعتقد الشاكر، أنّ تجاهل هذه المحددات سيؤدي إلى إفشال أي مؤتمر، بآراء لم يتم الاتفاق عليها. “وبالتالي الدوران في فلك ما حصل مع مؤتمرات المعارضة السورية التي تبدأ بلجنة تحضيرية، وتنتهي بلجنة متابعة فنسيان ففشل، ولهذا فإن التركيز  على نوع الديمقراطية سيؤدي إلى توافقات حقيقية قادرة على بناء مشروع ديمقراطي جامع”.

وعرض الشاكر أمثلة على ذلك، كما حصل في الديمقراطية التوافقية في لبنان والعراق التي أفرزت المحاصصة الطائفية، وانتكاسات الديمقراطية التمثيلية كما حصل في تونس وغيرها.

ولهذا فالاتفاق على هذه المحددات بين القوى والشخصيات الديمقراطية، من خلال نقاشات مستمرة وصولاً لقناعات راسخة. وإلا وحسب قول الشاكر، “فإننا سنظل ندور في فلك التجاذبات السياسية. بعيداً عن محددات المشروع الذي يرسم معالم الدولة السورية المستقبلية”.

قد يهمك: مسد لـ الحل نت: موسكو أبدت دعمها لانضمامنا إلى اللجنة الدستورية بشكل مباشر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.