روسيا في الجنوب السوري: هل تسعى موسكو لقطع الطريق على طهران أم مواجهة واشنطن؟

روسيا في الجنوب السوري: هل تسعى موسكو لقطع الطريق على طهران أم مواجهة واشنطن؟

تطوّر دور روسيا في الجنوب السوري مؤخراً من الناحية العسكرية. فقد وصلت طلائع القوات الروسية إلى الحدود الأردنية السورية. فيما كانت التدريبات المشتركة مع القوات النظامية في بادية السويداء الشرقية قائمةً على قدم وساق. للتدريب على نصب الكمائن، ومراقبة العدو المحتمل بواسطة الطائرات المسيّرة. وسط أنباء عن تسليم المنطقة لقوات “سهيل الحسن”، رجل روسيا الأول في سوريا. وهو ما يعني بالضرورة تضييق الخناق على إيران وأذرعها فيها، ومواجهة قاعدة التنف الأميركية القريبة. أو دفعها للتنسيق مع الروس.

فما أهم تحركات روسيا في درعا والمناطق الأخرى من الجنوب السوري؟ وما الغايات الأساسية التي تسعى إليها هناك؟

أهداف تحركات روسيا في الجنوب السوري

«تحركات روسيا في الجنوب السوري جاءت على أكثر من محور. وهي نتيجة مراقبة ومتابعة طويلة، وتتمة لما جرى الاتفاق عليه مع الجانب الأردني، ولاتفاقات خفض التصعيد». كما قال الناشط الإعلامي “ثائر عبد الحق” لـ«الحل نت». مشيراً إلى أن «عمليات المراقبة عن بعد، التي أجراها مركز المصالحة في الجنوب. واللقاءات الروسية المفتوحة مع وجهاء المنطقة، إضافة للقاءات السرية، أسست لجيش من الأشخاص المتعاونين مع روسيا. ما أدى لجعلها مطلعة عن كثب على ما يجري في المنطقة. ومكّنها من إعداد خطط مدروسة».

ويضيف: «لا يخفى على روسيا تشابك المصالح وتعقيدها في الجنوب السوري. خاصة بالنسبة لإيران وإسرائيل والأردن. وكذلك بالنسبة للحكومة السورية. فيما يقوم حزب الله بمهمة مشتركة مع الحليف الإيراني، لرعاية طرق المخدرات وحراستها. وتقف الفصائل المسلّحة المحلية مع هذه الجهة أو تلك حسب مصالحها. فتحوّلت الحدود الجنوبية مع الأردن لأهم مورد مالي للعصابات، ما جلب معه الخراب للأهالي. وفي الوقت نفسه استنزف القوات الأردنية. دون أن تحرّك قوات حرس الحدود السورية ساكناً».

قطع طريق المخدرات الإيراني

روسيا في جنوب سوريا، بحسب “عبد الحق”، «تعتمد على الفيلق الخامس بدرعا لضبط الحدود الجنوبية مع الأردن. لكن الوضع على الحدود مع السويداء مختلف لتعدد القوى. لهذا قام عدد من الضباط الروس، التابعين للقطاع الجنوبي، برحلة إلى المنطقة لتفقّد النقاط الحدودية العسكرية السورية. بمرافقة عدد من الضباط السورين، خلال الأسبوع الأخير من العام 2021.  وهو تحرّك يهدف إلى توفير الأمن على الحدود، بعد أن استبيحت طوال السنوات الماضية. ومحاولة لقطع أهم طرق تهريب المخدرات نحو الأردن والخليج على إيران وحزب الله».

بالمقابل سرّبت وسائل إعلام محلية في درعا أنباءً عن زيارة وفد أمني سوري للأردن عبر معبر “نصيب”، في الثلاثين من كانون الأول/ديسمبر 2021، ولقائه وفداً أمنياً أردنياً، لبحث ملف تهريب المخدرات. وكان العميد “لؤي العلي”، رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية، ضمن الوفد. برفقة رؤساء فروع الأمن الأخرى في درعا. ونائب قائد الفيلق الأول في القوات النظامية.

الدعم الروسي لـ”قوة مكافحة الإرهاب”

انطلقت، في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر، مناورات عسكرية مشتركة بين القوات العسكرية الروسية ونظيرتها السورية في بادية السويداء في سوريا. القريبة من قاعدة التنف الأميركية. والهدف المفترض مواجهة خلايا تنظيم داعش. وهي «الخطوة الروسية الأهم في المنطقة» بحسب المحامي “سليمان العلي”، الذي يؤكد لموقع «الحل نت» أن «البادية الواسعة في الجنوب، المتصلة مع بادية دير الزور وحمص، هي هدف إيران الدائم. وقد دعمت روسيا في الجنوب السوري، لمواجهة النفوذ الإيراني في البادية، تأسيس حزب “اللواء السوري” بالسويداء. وجناحه العسكري “قوة مكافحة الإرهاب”، التي أعلنت أن هدفها الأول محاربة إيران وحزب الله. وقطع طرق المخدرات في البادية. ولا تخفي “قوة مكافحة الإرهاب” في الوقت نفسه تعاونها مع قاعدة التنف. معتبرةً أن وجود القوات النظامية في مناطق البادية يحقق لإيران أهدافها».

ويتابع “العلي”: «تمدد الروس في البادية، ووجود روسيا في الجنوب السوري عموماً، أمر بمنتهى الأهمية لتحقيق شرط إبعاد إيران عن الجنوب».


روسيا في الجنوب والتمهيد لسيطرة “سهيل الحسن”

“ريان معروف”، المحرر الصحفي في إحدى الشبكات الإخبارية المحلية، تحدث عن تحركات القوات الروسية في جنوب سوريا بالقول: «وصلت سبع عربات عسكرية روسية إلى قرية “شنوان” في ريف السويداء الشمالي الشرقي، التي تتخذ منها القوات النظامية قاعدة عسكرية، منذ طرد تنظيم داعش من المنطقة. واستقرت القوات الروسية في مدرسة القرية. وبدأت بإجراء تدريبات مع الفرقة الخامسة عشرة- قوات خاصة، التابعة للقوات النظامية».

مضيفاً، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «القوات الروسية والسورية تجري مناورات مشتركة، وتدريبات بالذخيرة الحية في حقل الرماية شرقي “تل أصفر”. إذ يسمع سكان المنطقة يومياً أصوات انفجارات من مكان المناورات، وتحليقاً للطيران الحربي في بعض الأحيان. وتحاكي  المناورات الحروب الصحراوية، ومواجهة ما يسمى “الجماعات المسلحة المدعومة من واشنطن، التي تنتشر في البادية السورية”، بحسب مصدر في القوات النظامية».

مقالات قد تهمك: الحروب الروسية-الإيرانية في الجنوب السوري: هل تنجح الميلشيات الموالية لروسيا بقطع الطريق على المخدرات والتشيّع الإيرانيين؟

المحامي “سليمان العلي” يرى أن «هذه المناورات ليست موجهة ضد واشنطن. بل بالتنسيق معها. وهي تمهيد لتوطيد نفوذ روسيا في الجنوب السوري، ودخول قوات العميد “سهيل الحسن” إلى البادية الشرقية، لبسط السيطرة الكاملة عليها. بعد فشل باقي قطاعات الجيش السوري بذلك. وهو ما تؤكده كل المعطيات الحالية والمصادر العسكرية».

ويجمع كل من التقاهم الموقع على أن روسيا في الجنوب السوري تزيد من تحركاتها العسكرية لتؤسس واقعاً جديداً. ستتضح معالمه خلال أسابيع قليلة. إلا إذا خلطت معطيات أخرى الأوراق من جديد. مثل الحرب المحتملة بين ميلشيا “الدفاع الوطني” التابعة لإيران، و”قوة مكافحة الإرهاب” المقرّبة من عدة أطراف. ومنها روسيا.  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.