حذر باحثون من وصول التضخم في الاقتصاد السوري إلى مرحلة التضخم الجامح، وهو الشكل الأكثر ضررا للاقتصاد بسبب الارتفاع السريع والمتواصل في المستوى العام للأسعار، ما يؤدي إلى فقدان المال لقيمته الشرائية. فحسب آخر الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، فقد بلغ معدل التضخم في سوريا 163.1 بالمئة في عام 2020. 

ومن المتوقع أن يتجه معدل التضخم في سوريا نحو زيادة بنسبة 12 بالمئة في عام 2022 و9.80 بالمئة في عام 2023، وفقا لنماذج الاقتصاد القياسي.

هل وصلت سوريا مرحلة الانهيار؟

يقول المحلل الاقتصادي والمالي، الدكتور حسام عايش، لـ”الحل نت”، إنه لا شك أن التضخم الجامح في الاقتصاد السوري وفي دول أخرى مشابهة كان منضبطا إلى حد ما. وفي سوريا الارتفاعات المستمرة في الأسعار وتراجع العملة وانخفاض قوتها الشرائية وصعوبة السلطات الحاكمة في مواجهة هذه الارتفاعات كلها علامات على انفلات معدلات التضخم الجامح في الاقتصاد السوري.

https://twitter.com/M_Alsukkar15/status/1479119104011161606?s=20

ويرى عايش، أن سوريا أمام حالة من الاقتصاد الجامح تؤدي إلى مزيد من التضخم الجامح في الاقتصاد السوري كما تؤدي إلى أن يتخلص الناس مما يملكون من أملاك وطنية أو من العملة المحلية ويتجهون نحو الأملاك الأجنبية مما يرفع الطلب عليها ويخفض بدوره سعر صرف العملة المحلية من جديد في حلقة جهنمية دائرية من الفعل ورد الفعل الذي يصعب السيطرة عليه.

ويشير المحلل الاقتصادي، إلى أنه في سوريا في فترة من الفترات قاربت معدلات التضخم 900 في المئة. والبطالة وصلت إلى 50 في المئة. لكن الأمور عادت مرة أخرى بحسب ما تحدثت به الجهات الرسمية، ولكن ومع ذلك فإن معدلات التضخم الصحية هي 2 أو 3 في المئة وهي المعدلات المطلوبة من أجل تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية. 

مع ذلك، فإن سوريا الآن وبحسب عايش، هي في المراكز الأولى في تصنيف دول العالم من حيث معدلات التضخم الأعلى، وهذا كله يدفع للقول أن الأوضاع في سوريا خطرة نسبة إلى مستويات المعيشة المكلفة جدا. وأن الاقتصاد السوري غير قادر على إنتاج ما يكفي الحاجة. 

للقراءة أو الاستماع: بعد رفع الدعم عن المواد الأساسية.. هل تدعم حكومة دمشق التسول؟

لا وعي حكومي بحجم التضخم الجامح في الاقتصاد السوري

ومن جهته، أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور فراس شعبو، لـ”الحل نت”، بأن جميع المؤشرات تصب في النهاية إلى زيادة عرض النقود. وهذا الواقع اليوم في سوريا تدل عليه الموازنة العامة والتي تجاوزت 13 تريليون وهو رقم مرعب. حيث إن البلاد ليست لديها موارد، وعلى هذا سيؤدي إلى زيادة عرض النقود في السوق. 

وتعاني سوريا، من خلل في الإنتاج وعدم نمو في قطاعات اقتصادية. وعدم وجود ضرائب شحن خارجية وفقدان بنى تحتية. وهذا سيؤدي إلى فقدان التوازن، ومعدلات النمو بالمطلق. وطبقا لحديث شعبو، فإن انعدام موارد الدولة وزيادة نفقاتها العسكرية لجأت إلى طباعة النقود وأزالت الدعم  كما رفعت تكاليف الإنتاج.

 وبذلك سوف يساهم في ارتفاع الأسعار كما حصل مع المحروقات ورفع الضرائب على المواطنين. وعليه ستشهد السوق السورية حالة من استمرار ارتفاع الأسعار الشديد وبذلك المسير نحو التضخم الجامح في الاقتصاد السوري.

ويرى عايش، أن نتائج هذه المرحلة أصبحت كارثية على الاقتصاد وعلى المواطنين وعلى العملية الاقتصادية والنمو الاقتصادي، وبالنتيجة فإنه لا يتوفر هناك من الاحتياط العملات الأجنبية أولا للتدخل في السوق لكبح جماحه والتأثير على أسعار سعر صرف العملة بحيث يمكن رفع سعرها مقابل العملات الأجنبية من جهة. 

للقراءة أو الاستماع: التوصيلة بأسعار سياحية.. أجور “التكاسي” تلتهب من جديد بدمشق

الخروج من عنق الزجاجة

وبما أن سوريا تخلو حاليا من الاقتصاد المستقر والعماليات الإنتاجية، فيعتقد شعبو، أن الخروج من هذه الأزمة هو أمر سياسي واقتصادي وليس اقتصادي بحت. أي إن الواقع في البلاد لن يتغير إذا ما حدث تغيير سياسي لاستبدال المنهجية الحالية.

مضيفا، “عندما يتغير التفكير والمنهجية، ويكون هناك نوعا ما في حرية وعدالة في توزيع الثروات. نستطيع أن نبني اقتصادي جديد، لا سيما وأن كثير من الدول اليوم الأوروبية ترفض التطبيع مع الحكومة السورية. وهي بذلك تساهم في وقف ضخ الأموال إلى الداخل”.

وبحسب التقديرات الأممية فإن سوريا تحتاج إلى 500 مليار ومؤخرا روسيا أصدرت تقرير باحتياجات سوريا إلى 800 مليار دولار. وطبقا لحديث شعبو، فإن هذه الأرقام إذا لم يكن هنالك هيكلية سليمة وأسس اقتصادية سليمة فسوف تذهب الأموال سدى وإلى التضخم الجامح في الاقتصاد السوري.

برأي شعبو، فإن توجهات الحكومة السورية في تخصيص الاقتصاد السوري ما بين الروس والإيرانيين والصينيين وبعض الدول التي ساعدت الحكومة. سيؤول إلى أن سوريا في المدى المنظور أو هذه المشكلة الاقتصادية في مدى المنظور لا يمكن حلها.

للقراءة أو الاستماع: قرار حكومي جديد يدعم نفوذ إيران في الاقتصاد السوري

ما هو التضخم الجامح؟

والتضخم المفرط أو الجامح هو مصطلح لوصف الزيادات السريعة والمفرطة في الأسعار العامة في الاقتصاد. في حين أن التضخم هو مقياس لوتيرة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، فإن التضخم المفرط يؤدي إلى ارتفاع التضخم بسرعة. وعادة ما يصل إلى أكثر من 50 بالمئة شهريا.

ورغم أن التضخم المفرط هو حدث نادر بالنسبة للاقتصادات المتقدمة. فقد حدث عدة مرات عبر التاريخ في بلدان مثل الصين وألمانيا وروسيا والمجر والأرجنتين.

ويمكن أن يحدث التضخم الجامح في أوقات الحرب والاضطرابات الاقتصادية في اقتصاد الإنتاج الأساسي. بالتزامن مع قيام البنك المركزي بطباعة مبالغ زائدة من المال.

ويمكن أن يتسبب التضخم الجامح في عدد من العواقب على الاقتصاد. فقد يضطر الناس لتخزين البضائع، بما في ذلك المواد سريعة التلف مثل الطعام، بسبب ارتفاع الأسعار، والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى نقص في الإمدادات الغذائية.

فتخيل أن تصبح تكلفة شراء الطعام في سوريا تتراوح من 100 دولار في الأسبوع إلى 250 دولارا في الأسبوع في الشهر التالي. إلى 500 دولارا في الأسبوع في الشهر التالي، وهكذا. وإذا كانت الأجور لا تواكب التضخم في الاقتصاد. فإن مستوى معيشة الناس ينخفض ​​لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف احتياجاتهم الأساسية وتكاليف المعيشة.

للقراءة أو الاستماع: “الأسعار نار كاوية”.. ارتفاع جديد للخضار والفواكه بنسبة 100 بالمئة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.