يبدو أن مقولة ابن خلدون في مقدمته “أخلاق المظلومين تفسد”، باتت تنطبق على السوريين بعد عشرة أعوام من الحرب، إذ تكوّن نظام قيم المجتمع السوري من تراكمات الصراع. حيث يمكن وصف سوريا بأنها أمة منهارة، إذا ما اعتبر أن انتشار الجريمة أحد مؤشراتها.

القتل والفرار إلى السويداء

أفادت وزارة الداخلية، ليل السبت-الأحد، أن شرطة ناحية العشارة بدير الزور حصلت على معلومات عن اكتشاف عظام جثة رجل في إحدى الأبنية المهجورة في المنطقة، بعد نبش الكلاب الشاردة للجثة التي أظهرت وجود بقايا لعظام جمجمة وقفص صدري محترقة حديثا وعظام متبعثرة بأرجاء المنزل.

ومن خلال البحث وجمع المعلومات تبين أن الجثة ومحل الإقامة تعود لرجل مسن، وأن زوجته تقدمت في وقت سابق بادعاء حول تغيبه وغادرت للإقامة في محافظة السويداء، في حين دارت الشبهات حول زوجته وصهره.

وبعد القبض على صهره، اعترف بقتل والد زوجته بضربه بحجر على رأسه بتحريض من حماته (زوجة القتيل)، بحجة إساءة معاملته لها ولأولادها. 

وعلى إثر التحقيق معه من قبل الأمن الجنائي بالمنطقة، اعترف المذكور بجريمة القتل، مفيدا أن زوجة القتيل كشفت له أن المجني عليه يحتفظ بمبلغ 600 ألف ليرة في صندوق مغلق بغرفته. 

وعقب سرقة المال وتقاسمه فيما بينهم، نقلوا الجثمان إلى منزل مهجور، ثم قاموا بحفر حفرة وإخفاء جثة فيها.

كما اعترفت زوجة القتيل بأنها أتت إلى مدينة الميادين مطلع العام الجاري بعد أن سافرت سابقا للتخفي في مدينة السويداء، وبأنها أحرقت الجمجمة وبعض قطع من الجثة لإخفاء أدلة القتل، بعد أن سمعت من السكان المحليين أنهم اكتشفوا عظام جثة رجل ظاهرة على الأرض في منزلهم.

للقراءة والاستماع: مع بداية 2022 ارتفاع عدد جرائم القتل داخل العائلة الواحدة في سوريا

نمو هستيري للجريمة في سوريا

تظهر الأرقام الصادرة عن الحكومة السورية، أن الجريمة في سوريا تنمو بشكل هيستيري كما ونوعا. إذ تشير الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن إدارة “الأمن الجنائي” بدمشق، إلى تسجيل 7500 جريمة منذ بداية عام 2021 حتى أواخر أيلول/سبتمبر الفائت. 

ويوضح حسين جمعة، رئيس دائرة الإحصاء في الإدارة، أنه تم تسجيل 366 جريمة قتل و 3663 عملية سطو، وذلك فقط في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، بينما لا توجد إحصاءات لمناطق أخرى.

وبحسب جمعة، لا توجد إحصائيات دقيقة عن نوع الأسلحة المستخدمة. ومع ذلك، تشير الوقائع إلى استخدام أسلحة نارية متوسطة وقنابل يدوية في جرائم ارتكبت خلال المشاجرات الجماعية، لا سيما في دمشق.

ويرجع الحقوقيون أسباب ارتفاع معدل الجريمة في سوريا، إلى ارتفاع مستوى الفساد في القضاء والمؤسسات الأمنية وانتشار المحسوبية ساهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات الجريمة، بخاصة وأن العديد من المجرمين يدركون أن أمامهم فرصة للإفلات من العقاب إذا قاموا برشوة المسؤولين. 

للقراءة أو الاستماع: بسبب الخلاف على ملكية منزل.. شاب يقتل طليق شقيقته بطرطوس

أعلى معدل جريمة دوليا

ويصف تقرير صحفي  محلي بداية عام 2022، بـ”البداية المرعبة” مع ارتفاع معدل جرائم القتل في البلاد، لا سيما الجرائم العائلة (القاتل والمقتول من عائلة واحدة).

وكانت أبرز تلك الجرائم، الحادثة التي شغلت السوريين خلال الأسابيع الأخيرة. عندما قتلت الشابة آيات الرفاعي (19 عاما) على يد زوجها ووالده في العاصمة دمشق. إضافة للعديد من الجرائم الأخرى التي راح ضحية معظمها نساء.

المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي في سوريا، زاهر حجو، قال إن البلاد شهدت 414 ضحية قتل خلال عام 2021. 353 من الذكور و 61 فتاة.

وأشار حجو، إلى أن محافظة درعا شهدت أكبر عدد من جرائم القتل، حيث سجلت 115 ضحية. وتصدرت المشهد بعدد القتلى للعام الرابع على التوالي. وتليها السويداء بـ 66 ضحية، وريف دمشق بـ 46 ضحية، وشهدت حلب 40 ضحية.

وبحسب موقع “نمبو” المتخصص في مؤشرات الجريمة على مستوى العالم. فقد تصدرت سوريا قائمة الدول العربية ذات معدلات الجريمة المرتفعة. حيث احتلت المرتبة الأولى عربيا والتاسعة عالميا لعام 2021.

وجاءت دمشق في المرتبة الثانية بعد كابول وأفغانستان بأعلى معدل للجريمة في آسيا، بينما جاءت بغداد في المرتبة التاسعة. وبحسب الموقع، فإن سوريا من الدول ذات مؤشر الجريمة المرتفع. حيث سجلت 68.09 نقطة من أصل 120، في حين انخفض تصنيف الأمان إلى 31.91 بالمئة.

لقراءة أو الاستماع: درعا: رجل وصهره ماتوا بالسم بسبب 3 سيدات استأجروا قاتلا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.