لا يبدو أن مشكلة ارتفاع تكاليف الأدوية ستكون في طريقها للحل خلال وقت قريب، إذ لا يزال هناك صد ورد بين وزارة الصحة وأصحاب مصانع الأدوية. ونتيجة لذلك، فإنه من المتوقع أن الوضع سيتصاعد إلى درجة غليان الشارع وفقدان الأمن الدوائي داخل البلاد.

انتشار الدواء الحر

يقول الصيدلاني، عمر الأكراد لـ”الحل نت”، إنه رغم ارتفاع أسعار العديد من الأصناف بنسبة تجاوزت 30 بالمئة في نهاية كانون الأول/ديسمبر الفائت، والذي شكل أزمة جديدة لانقطاع بعض الأدوية في سوريا عن الصيدليات، خصوصا في مناطق الحكومة السورية، إلا أن التوقعات تستمر في فرض زيادة جديدة مع عدم وجود ما يشير إلى تخفيضها.

وتتجلى هذه المخاوف، بعد مطالبة المدير التنفيذي لشركة “أوبري للصناعات الدوائية”، زياد أوبري، الاثنين الفائت، زيادة أسعار الأدوية بنسبة 40 بالمئة مرة أخرى. مبينا أنه عندما يطالب مصانع الأدوية الزيادة، فليس بهدف تحقيق الأرباح أو زيادتها، بل لتغطية تكاليفها

ويضيف الأكراد، “ما يقلقنا أن زيادة تكاليف الأدوية حسب النسبة التي يطلبها أصحاب المصانع سيؤدي إلى ظهور سوق سوداء للأدوية، التي يتم تهريبها وبيعها بمعدلات باهظة بدعوى أنها أجنبية وغياب الدواء الوطني. لا سيما وأن الشائعات تقول أن مالكو مصانع الأدوية يصدرونها إلى دول الجوار حفاظا على الأموال الصعبة”.

وعلى أية حال، يرى الأكراد، أن الحكومة ليس لديها فهم واضح للمشكلة، وأن ما عليها فعله الآن في نظرها هو تسريع عملية زيادة الأسعار التي ستخلق لعبة بين تجار السوق السوداء وأصحاب المصانع، والتي بدورها ستحدث خللا في الأمن الدوائي للمواطن السوري.

وبحسب الأكراد، فإنه الخطوات الأولى ربما تتجلى في العمل الجاد لتسهيل استيراد المواد الخام، وفق خطة محددة وداعمة، واعتماد إجراءات تحويلات بنكية مرنة، وإنهاء مشكلة استيراد مواد التعبئة والتغليف اللازمة للتصنيع. لا سيما وأن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة لهذا الشهر، أُجلت صرف أدويتهم الخاصة؛ لأنها غير متاحة حاليا.

للقراءة أو الاستماع: الموت بنقص الأدوية.. صيدليات فارغة وبوادر أزمة أسعار جديدة

حالة صناعة الأدوية في سوريا

ورغم عدم استهداف قطاع الصحة في سوريا بشكل مباشر بالعقوبات الاقتصادية، إلا أنه يتأثر بشكل غير مباشر بالعقوبات المفروضة من قبل قطاعات أخرى، مما زاد من الأضرار المتراكمة الأخرى التي لحقت بهذا القطاع خلال العقد الماضي.

كانت صناعة الأدوية في سوريا من بين أكبر القطاعات نموا وأكثرها نجاحا خلال العقدين اللذين سبقا الأزمة الحالية. وتم التصريح للقطاع الخاص لأول مرة ببناء مصانع للأدوية عام 1987. وخلال أربع سنوات فقط تم إنشاء 28 مصنعا. وبحلول عام 2006 وصل العدد إلى 56 مصنعا، وبحلول بداية عام 2011 كان هناك 70 مصنعا.

وفي عام 2011 حققت صناعة الأدوية مؤشرات اقتصادية عالية، وكانت تغطي ما يقرب من 93 بالمئة من احتياجات السوق المحلية. وكانت قيمة سوق الأدوية في ذلك الوقت تقدر بنحو 400 مليون دولار؛ 350 مليون دولار من هذا المبلغ كانت من الإنتاج المحلي. بينما كان بقية المبلغ مخصص لاستيراد أدوية السرطان.

ومع التدهور التدريجي، خرج ما مجموعه 19 مصنعا عن الخدمة، ارتفعت الأسعار بنسبة 150 بالمئة. مما أجبر العديد من العائلات السورية على الاختيار بين تأمين الغذاء وشراء الأدوية. كما انخفضت تغطية احتياجات السوق إلى أقل من 70 بالمئة على مدار سنوات الحرب.

وتأزم الوضع في سوريا من حيث الصادرات مؤخرا، إذ تشير التقديرات الرسمية إلى أن صادرات الأدوية انخفضت إلى حوالي 10 بالمئة من معدلاتها في عام 2010. وقدرت قيمتها في ذلك الوقت بنحو 220 مليون دولار أميركي. وانخفض عدد الدول المستوردة للأدوية من سوريا، والذي بلغ 44 قبل عام 2011، إلى حوالي 10 دول.

للقراءة أو الاستماع: زيادة جديدة مرتقبة لأسعار الأدوية في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.