وسط تعقد المشهد السياسي في العراق، بسبب انقسام البيتين الشيعي والكردي، حول آلية تشكيل الحكومة المقبلة، ومنصب رئيس الجمهورية، إثر تدافع الحزبين الكرديين، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والديمقراطي الكردستاني، على رئاسة الجمهورية، وتمسك زعيم الكتل الصدرية-الأكثر عددا من المقاعد النيابية، مقتدى الصدر، بخيار “حكومة الأغلبية” وخلاف رغبة قوى الإطار التنسيقي بحكومة توافقية.
اجتمع قادة الإطار بوفد من حزب الاتحاد الوطني برئاسة باڤل طالباني، في مكتب رئيس قوى الإطار وائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اليوم الجمعة.
الاجتماع، بحث آخر التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد، فضلا عن الحوارات الجارية بين القوى السياسية لتشكيل الحكومة.
التوافق هدف رئيس
بيان للإطار اطلع عليه موقع “الحل نت”، نقل عن رئيس ائتلاف دول القانون نوري المالكي، قوله إن “الإطار التنسيقي حريص على التوافق مع بقية القوى الوطنية من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة وفق الأطر الدستورية والقانونية”.
وأضاف أن “مشروعنا الذي نطرحه ونلتزم به واضح ومحدد في التوافق على رئيس الوزراء، واعتماد الاستحقاق الانتخابي في التمثيل الحكومي، بموجب السياقات المعتمدة في تشكيل كل الحكومات”.
وفي هذا الشأن يقول الخبير السياسي، علي البيدر، في حديث لموقع “الحل نت” إن “الأزمة بشكلها المطلق الجميع يريد أن تكون هناك مخرجات لنتائج الانتخابات، ومن المحتمل إن الاجتماع ينتج عنه تأزيم للأزمة على اعتبار توجهات الاتحاد مع الإطار تذهب باتجاه تشكيل الثلث المعطل للجلسة الاولى للبرلمان وهذا ما يقود إلى فراغ سياسي وأزمة أكبر”.
التشرينيون حاسمون!
وبطبيعة الحال إن قوى الإطار والاتحاد الوطني لا يستطيعون تشكيل الثلث المعطل، والذي يصل إلى أكثر من 110 نائبا, كما يقول البيدر، ويضيفأن، ذلك ممكنا في حال اصطفاف مستقلين أو تشرينين ممن لم يحسموا موقفهم في صف اي طرف يكونوا حتى الآن، مع قوى الإطار والاتحاد.
ولفت إلى أن “المستقلين من التشرينين وغيرهم، يجب هنا ان يكونوا مناورين بشكل جيد، من خلال وضع سقوف عالية لخدمة المصلحة العامة واستغلال اهميتهم في هذه المرحلة، وبغض النظر عن أي طرف كانوا سيلجأون”.
ويرى البيدر أن “المحكمة الاتحادية بتفسيارها لنصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، سواء كان مقصودا أو غير مقصود، فإنه سفضي إلى عرف سياسي غريب، هو أن يجعل الأغلبية تتوسل في الأقلية من أجل التواجد في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهذه مفارقة كبيرة وبحد ذاتها أزمة، لماتتيحه من إمكانية فرض شروط كبيرة”.
“السمسرة” ستكلف الكرد والسنة
وفي سياق متصل، يقول الصحفي المختص بالشأن العراقي، عمر الجنابي، في حديث لموقع “الحل نت” إن: “زيارة قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، الاخيرة عمل خلالها على تفكيك التحالف الثلاثي (الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة-الجامع للقوى السنية، الكتلةالصدوية)، وتوريطهم في المبادرة التي تسببت في خلاف سواء كان أعلن او لم يعلن”.
وأضاف أن “أخطاء هذه المبادرة هي؛ أولا الضغط على الصدر وهذا ما كان يجب أن يحدث، بل كان يجب أن يدخلوا معه بثقة كاملة، وبالتالي وثانيا، هذا الشيء منح خصومهم مساحة ووقت كاف للتحرك، وبالفعل تمكن الإطار التنسيقي لملم أوراقه، وبدأ يتحرك باتجاه الاتحاد الوطني المقرب من إيران”.
الجنابي لفت إلى أن “تحركات الإطار نجحت في إعادة شخصيات من الاتحاد الى المشهد، لا سيما من كانوا مقربين من سليماني، والذين بدورهم بدأوا ينشطون في الساحة، مثل الاء الطالبني التي لم تكن حاضرة في مشهد الاتحاد بهذا الشكل قبل تحركات الإطار”، مشيرا إلى “التنسيق الإيراني الذي دفع بتحرك بافل طالباني أيضا باتجاه الاطار التنسيقي”.
ويعتقد أن “تحرك الكرد المتمثل بالديمقراطي، والسنة، باتجاه الصدر من أجل اقناعة باشراك الإطار التنسيقي في الحكومة ضمن مبادرتهم الأخير، قد أثارت المخاوف والقلق التي اتضحت في تغريدة الصدر الأخيرة”، مشيرا إلى أن “الإطار حاليا كسب الوقت وقرار المحكمة الاتحادية، والآن سيذهب باتجاه البحث عن الثلث المعطل لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية”.
وكلفت “سمسرة” حزب الديمقراطي وتحالف السيادة إلى الإطار، خطئا كبيرا، من الممكن أن يدفعون مقابله ثمن كبير، بسبب التحرك الإيراني الذكي على الاتحاد الوطني وبعثرة أوراق الكرد، وكذلك باتجاه القوى السنية، كما يرى الجنابي، ويعتقد إنها الأخرى من السهل جدا أن تفقد جزءا من مكونتها المتمثل بتحالف العزم، الذي ربما يفقز من مركب الصدر إلى مركب الإطار إذا ما وجد إنه الكتلة الأكبر.
الصدر مشددا !
وكتب مقتدى الصدر، مساء اليوم الجمعة، في تدوينة على منصته الخاصة بموقع التواصل “تويتر” وتابعها “الحل نت”: “إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي-الحليف-بل مطلقا- لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط فأدعو نواب الإصلاح لعدم التصويت له”.
وكان القاضي رحيم العكيلي، قد علق، أمس الخميس، على تفسير المحكمة الاتحادية، الذي نص على أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تعتمد على الثلثين من نصاب مجلس النواب.
وعلق العكيلي من خلال تدوينة على “فيسبوك” وتابعه موقع “الحل نت”، قائلا إن الأثار المحتملة للثلث المعطل “تمكين الاقلية السياسية (110 نائبا فقط) من تعطيل انتخاب الرئيس عن طريق الغياب الجماعي المتعمّد، فضلا عن احتمالية تعطل انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة الى ما لا نهاية مادام المقاطعون يتغيبون عن الحضور”.
محاصصة أبدية
وأضاف أن “الأقلية السياسية ستفرض منع تشكيل حكونة أغلبية سياسية، لا في هذه الدورة ولا في أي دورة انتخابية لاحقة، إلا من خلال الاتفاق أو ترضية ما لا يقل عن ثلثي عدد أعضاء البرلمان، أي أضحت المحاصصة برضا ما لا يقل عن الثلثين أمر يلازم العراق، ودستوره، ولا يمكنه الخلاص منه”.
ولفت إلى أنه “الثلث المعطل سيعطل العمل بالمواعيد الدستورية، بداءا من انتخاب الرئيس خلال 30 يوما من اول انعقاد للمجلس وكل ما يليها، اذا استمرت المقاطعة الى ما بعد المدد الدستورية، إضافة إلى افراغ الفوز بالانتخابات من اي معنى له، مادامت الاقلية السياسية قادرة على شل عملية تشكيل الحكومة لحين رضوخ الاغلبية السياسية لمطالبها”.
العكيل اختتم قائلا: “لان الخاسر قادر على فرض شروطه على الفائز، والا يشل العملية السياسية بكاملها”، مشيرة إلى أنه “مع ذلك فقد يكون للثلث المعطل حسنة من جهة منعه الاغلبية السياسية من الهيمنة والاستحواذ”.
وكانت المحكمة الاتحادية قد خلصت في ردها على طلب رئيس الجمهورية برهم صالح ومرشح الاتحاد الوطني لمنصب الرئاسة، حول الأغلبية الواجب توافرها للشروع بالتصويت على انتخاب رئيس الجمهورية، قائلة إن: “مجلس النواب ينتخب رئيساً للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي”.
ومن المقرر أن يعقد مجلس النواب العراقي، جلسة برلمانية لاختيار رئيس جمهورية جديد للعراق، في السابع من شهر شباط الجاري، علما أنه تمتمصادقة البرلمان على ترشيح 25 شخصية لرئاسة الجمهورية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.