الميلشيات العراقية في اليمن وسوريا: لماذا دمشق أكثر أهمية من صنعاء للمقاتلين الولائيين؟

الميلشيات العراقية في اليمن وسوريا: لماذا دمشق أكثر أهمية من صنعاء للمقاتلين الولائيين؟

لعبت الميلشيات العراقية في اليمن دوراً كبيراً في الحرب الدائرة بالبلاد. فقد كان المقاتلون العراقيون في الفصائل الموالية لإيران يشاركون جماعة الحوثي السيطرة على العاصمة صنعاء، ومدن يمنية أخرى. وشكّلوا، إلى جانب مقاتلين آخرين من حزب الله اللبناني، ما يشبه جبهة موحّدة لتوسيع النفوذ الإيراني في الشرق الاوسط.

إلا أن تطوراً مثيراً للتساؤل طرأ في الفترة الماضية: بدأت المقاتلون العراقيون بالانسحاب من اليمن دون سابق إنذار. ما أثار سؤالين أساسيين: لماذا هذا الانسحاب المفاجئ، رغم الدور المهم، الذي تلعبه الميلشيات العراقية في اليمن؟ ولماذا اقتصر انسحاب المقاتلين العراقيين على اليمن ولم ينسحبوا من سوريا كذلك؟

الحوثي لم يعد بحاجة للميلشيات العراقية في اليمن

مصدر عراقي مطلع على قرارات الفصائل الموالية لإيران كشف لـ«الحل نت» أنه «رغم الدور الذي تلعبه الميلشيات العراقية في اليمن. والظرف الدقيق الذي تمرّ به جماعة الحوثي في حربها، إلا أنه لم تعد هنالك ضرورة كبيرة لبقاء العراقيين على الأرض اليمنية».  

وأوضح المصدر، الذي رفض نشر اسمه لأسباب أمنية، أن «عدداً ليس قليلاً من عناصر الفصائل العراقية ذهبوا إلى اليمن لمساندة الحوثيين الموالين لطهران. وكان سفرهم يتم براً نحو إيران. وبعدها يذهبون بغواصات إيرانية إلى اليمن».  

وأضاف أن «معظم عناصر الميلشيات العراقية في اليمن عملوا بصفة خبراء. يعطون المشورات للحوثيين، ويطورون خططهم العسكرية. إلا أن جماعة الحوثي لا تفتقر إلى العنصر البشري، ولا تحتاج دعماً يتجاوز الدعم اللوجستي من الفصائل العراقية. ورغم ذلك فضّل بعض العراقيين البقاء في اليمن للقتال مع الحوثيين».

مشيراً الى أنه «خلال الفترة الاخيرة انسحب جميع مقاتلي الميلشيات العراقية من اليمن، ومعهم الإيرانيون واللبنانيون أيضاً. لانتفاء الحاجة إليهم».

وتسيطر جماعة الحوثي على عدة محافظات شمالي اليمن. أبرزها العاصمة صنعاء، التي اجتاحها مسلحو الجماعة في أيلول/سبتمبر 2014.

وتعد صنعاء أهم محافظات البلاد. كونها تحتضن مؤسسات الدولة، وقطاع الاتصالات والإنترنت، وعديداً من الشركات والمصانع، التي تجلب إيرادات كبيرة للحوثيين.

كما يسيطر مقاتلو جماعة الحوثي على كامل محافظات “ذمار”، “إب”، “ريمة”، “المحويت”، و”عمران”. فضلاً عن سيطرتهم على مساحات واسعة من المحافظات اليمنية الأخرى.  

مقالات قد تهمك: أزمة “الناقلة صافر”: ماذا تستفيد إيران من تعريض اليمن ودول البحر الأحمر لواحدة من أكبر الكوارث في تاريخ البشرية؟

سوريا ليست اليمن

ولكن لماذا يختلف موقف الميلشيات العراقية في اليمن عن موقفها في سوريا، التي ما يزال كثير من المقاتلين العراقيين موجودين فيها.

“محمد الشمري”، المراقب للشأن العراقي، يجيب بالقول: «وضع سوريا مختلف عن اليمن. في الأولى توجد أماكن مقدسة لدى المقاتلين الشيعة، الملتزمين بفتوى دينية تتيح لهم القتال في سوريا. على عكس اليمن، الذي كان وجودهم فيه لأسباب سياسية واستراتيجية أكثر من كونها دينية».  

“الشمري” يضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «المقاتلون العراقيين في سوريا يعتقدون أن القتال مع الحكومة السورية، واستمرار بشار الأسد في الحكم. يحمي وجود الشيعة في المنطقة. بيمنا لا تتمتع حرب اليمن بالأهمية ذاتها بالنسبة لهم».

يُذكر أن عدداً من كبار رجال الدين الشيعة في مدينة “قم” الإيرانية أصدروا فتاوى تحضّ اتباعهم على القتال في سوريا، والوقوف مع الحكومة السورية. بحجة الدفاع عن المراقد الشيعية هناك.

العوامل المادية للقتال في سوريا واليمن

وبيّن المراقب العراقي أن «جميع المقاتلين العراقيين، الذين يتواجدون بسوريا، يستلمون رواتب من الفصائل العراقية المسلّحة، التي ارسلتهم لدمشق والمحافظات السورية». مشيراً الى أن «هناك من يقاتل في سوريا من العراقيين لأسباب غير دينية، بل لدوافع مادية فقط. تحركها قلة فرص العمل في العراق. ويبدو أن الميلشيات العراقية في اليمن لا تقدّم مغريات مشابهة».  

وذكرت تقارير متقاطعة أن رواتب عناصر الفصائل الموالية لإيران في سوريا، من الجنسيات العراقية والأفغانية والباكستانية، بلغت ما يزيد عن ألف ومئة دولار شهرياً في بداية الأزمة السورية. لكن بعد فرض العقوبات الأميركية على الحكومة الإيرانية تراجعت الرواتب. مما أدى لانسحاب كثيرين من سوريا. وربما يفسّر هذا سبب تراجع وجود الميلشيات العراقية في اليمن. وانسحاب أغلبية عناصرها.

إلا أن “الشمري”، ورغم اعترافه بأهمية العامل المادي، يربط انسحاب العناصر العراقية من سوريا بـ«بإنهاء التكليف الشرعي لوجودهم. أي باعلان مرجع ديني مهم أنه لا حاجة لتواجدهم هناك». مضيفاً: «صدور مثل هكذا فتوى يعتمد على الوضع الامني والسياسي السوري».

كما أنه يستبعد، في نهاية حديثه، «انسحاب الفصائل العراقية من سوريا كما حدث في اليمن. بسبب عدم استقرار نظام بشار الأسد بشكل كامل حتى الآن».

الميلشيات العراقية في اليمن لا تملك الدافع الديني

من جهته أوضح “أمير عبد العزيز”، الباحث بالعقائد الدينية الشيعية، أن «الفتاوى الشرعية، التي تصدرها جهات دينية متعددة، يراد منها جعل كل ما هو سياسي عقائدياً. لتحقيق مكاسب سياسية ومادية».

مضيفاً في حديثه لـ«الحل نت» أن «دافع وجود الفصائل العراقية في سوريا هو دافع سياسي. لدعم نظام بشار الأسد، حليف إيران. ولكن الفتاوى الدينية غرضها تجنيد عامة الناس للدفاع عن حكومة دمشق. وقد يصعب إيجاد صيغة دينية مشابهة في حالة وجود الميلشيات العراقية في اليمن».

ويوضح الباحث أن «الفصائل العراقية تعتبر المقتول في سوريا، دفاعاً عن حكومة بشار الأسد، شهيداً. وهناك رجال دين شيعة عراقيون كبار اصدروا فتاوى دينية للدفاع عن النظام السوري. وأبرزها فتوى “كاظم الحائري”».

مبيّناً أن «”الحائري” رجل دين العراقي مقيم في إيران، أصدر فتوى تتضمن إجازة القتال بسوريا. معتبراً إياه دفاعاً عن الإسلام نفسه. وهذا مختلف عن قتال الميلشيات العراقية في اليمن، الذي لا تنتشر فيه مراقد دينية ذات أهمية كبيرة لدى الشيعة».  

ومن أهم المراقد الدينية الشيعية في سوريا وأشهرها ضريح السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب في ريف دمشق. وتعتبر زيارة المراقد جزءاً من عقائد الشيعية الدينية. وقد اعتبرت كثير من الميلشيات الموالية لإيران أن الضريح مهدد من قبل مقاتلي المعارضة السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.